پنجشنبه: 1403/01/9
نسخة للطباعةSend by email
عرفة، سؤال المحبوب العافية
عرفة، سؤال المحبوب العافية
من كلام لآية الله العظمى الصافي الگلپايگاني دام ظله بمناسبة يوم عرفة

 

 

عرفة، یوم العبادة و  التضرّع الى الله تعالى؛ یوم یرى الإنسان نفسه أقرب إلى الله سبحانه من أی وقت آخر .

دعاء عرفة نور

الأدعیة التی یقرأها الإنسان فی هذا الیوم تعرج بروحه، و تسمو بفكره، وتدفعه إلى التكامل، و خصوصاً دعاء الإمام الحسین علیه‎السلام فی یوم عرفة؛ فلا یمكن وصف ما یتضمنه من الرقائق و المعارف.

كل جملة فیه نور تدخل باطن الشخص لتضیئه و تزیل عنه ما علق فیه من الرین والدرن, نور یفتح آفاق الحیاة الطیبة السعیدة، یوقف المؤمن على النعم الجسیمة و یعدّدها، و یجعله یعترف بقصوره و تقصیره فی أداء شكرها،  أجل إنه دعاء ما قرأه إنسان إلا و دخله من اللذة ما لا یوصف، و یرى الداعی نفسه فی عوالم روحانیة، و یشعر بقربه من ربّه بنحو أشدّ و أكبر. 

 

حقا إن الأمة التی تمتلك مثل هذه الذخائر المعنویة و التربویة علیها فی جمیع الأوضاع و الأحوال أن تكون بهذا المستوى من النور والمعنویة, و أن تبتعد عن الأغراض  والأهداف المادیة الصرفة و أن تعرض عن الدنیا و إعتباراتها الصرفة.

 

 

العافیة سر سعادة الدنیا و الآخرة

من أهم الحوائج التی یسأل سید الشهداء علیه السلام الله عنها فی هذا الدعاء هو العافیة فی الدین والبدن، «اللّهم عَافِنی فی بَدنی و دینی.... »

و ذلك أن من ینعم من الله بهاتین النعمتین فقد نال سعادة الدنیا والآخرة.

العافیة فی البدن

إن العافیة فی البدن، عبارة عن الصحة و السلامة من الأمراض و الآفات والعاهات والتمتع ببدن سلیم كامل الخلقة، و هی نعمة من الله تعالى عظیمة؛ نظرا للأمراض و العاهات المتعددة فالسلامة من أی منها نعمة بوحدها تستحق الشكر یغفل غالب الناس عن شكرها؛ و ذلك لغفلتهم عن النعمة نفسها، أو لجهلهم بها أساساً، وعدم معرفتهم بالحقائق العلمیة المتعددة المرتبطة بها؛ ومنها ما یرتبط باللحم؛ ومنها ما یرتبط بالجلد، ومنها ما یرتبط بالعظم، و ما یرتبط بالعروق، وما یرتبط بالشحم والمفاصل، والخلایا والأعضاء والجوارح الظاهرة والباطنة، و هی كثیر یعجز الإنسان عن معرفتها، بل حتى لو فرضنا أن شخصا له إطلاع كامل عن جمیع العلوم المرتبط بكل منها إلا أنه مع ذلك یبقى عاجزا عن شكرها لأن هذه العلوم نفسها لیست كاملة.

العافیة فی الدین و انواعها

و امّا العافیة فی الدین فلها اهمیّة أكبر من العافیة فی البدن، و من دونها تصبح العافیة فی البدن وبالا على الأنسانومعرضا للتوبیخ و الاحتجاج على العبد وذریعة لعقوبته، وهی على أقسام ثلاثة:

* العافیة الفكریة و اللإعتقادیة

و هی  عبارة عن سلامة المعرفة والإیمان بالله و صفاته و أسماءه الحسنى، و الملائكة، و مسائل النبوة و الوحی و الامامة، و معرفة خاتم الأنبیاء ‎صلی الله علیه وآله و اوصیاءه و معرفة المعاد و كلّ الأمور الاعتقادیة، السلامة فی كل ذلك من الإنحرافات و البدع و الشبهات، و أن یكون الانسان تابعا لتعالیم النبی صلی الله علیه وآله والوصول إلى هذه التعالیم بالمعاییر و الطرق الصحیحة العقلیة و النقلیة، و فی جمیع الأمور الأصلیة والفرعیة.

* العافیة الأخلاقیة

و هی عبارة عن الأتّصاف بالأخلاق الإسلامیة المذكورة فی القرآن المجید و الأحادیث المرویّة عن النبی والأئمة ‎صلوات ‎الله علیهم مثل: الصبر، الزهد، التواضع، الصداق، السخاء، الشجاعة، العدالة، التراحم، الحلم، العفّة، المروءة، الحرّیة، الفتوّة، العفو، الإیثار، صله الرحم، رعایت حقّ الجوار و حق الوالدین، المواساة، الإحسان، الإنصاف، كظم الغیظ، صدق الوعد، التوكّل، الرضا و التسلیم و سائر الصفات الحمیدة و مكارم الأخلاق التی أوصى بها القرآن المجید و الأحادیث الشریفة و الأدعیة الواردة عن النبی و الائمة صلوات اله علیهم أجمعین بر آنها ترغیب و توصیه شده است.

وكما جاء فی الحدیث الشریف: «اِنّما بُعِثْتُ لاُتَمِّمَ مَكارِمَ الأخلاق» حقا الأخلاق هی الحكمة العملیة كما عبّر عنها الحكماء و حسنا فعلوا إذ تركوا أمر البحث فیها إلى ما جاء من التعالیم الإسلامیة منها، لأنهم وجدوا فیها من الكفایة والتمام ما لا یدع المجال لأی كلام و مقال.

 

 

 

الأربعاء / 3 أكتوبر / 2018