جمعه: 1403/01/31
نسخة للطباعةSend by email
تساؤلات و إجابات في غيبة الامام المنتظر عج في كتاب منتخب الاثر

 

السؤال الأول: نحن نعلم ان الغیبة من مختصات الانبیاء علیهم‏السلام،

كما ورد، فهل یشمل ذلك الامام الحجة علیه‏السلام؟ وهل یمكن اثبات اصل غیبته ام لا؟

الجواب‏:

لقد وردت روایات فیها؛ ان الامام الحجة علیه‏السلام بما انه وارث الانبیاء علیهم‏السلام عن اجداده الطاهرین ولا سیما النبی الاكرم محمد صلى الله علیه وآله؛ فان فیه من سنن هؤلاء الانبیاء علیهم‏السلام، ومنها الغیبة، ونحن نشیر الى الروایات الواردة فی ذلك؟

1. كمال الدین‏[1]: عن سعید بن جبیر، قال: سمعت سید العابدین؛ علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم‏السلام، یقول: فی القائم سنن من سبعة أنبیاء سنة من أبینا آدم، وسنة من نوح، وسنة من أبراهیم، وسنة من موسى، وسنة من عیسى، وسنة من أیوب، وسنة من محمد (صلوات الله علیهم)، فأما من آدم ونوح؛ فطول العمر، وأما من إبراهیم؛ فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأما من موسى؛ فالخوف والغیبة، وأما من عیسى؛ فاختلاف الناس فیه، وأما من أیوب؛ فالفرج بعد البلوى، وأما من محمد؛ فالخروج بالسیف.

2. البحار[2]: عن عبدالله بن سنان، عن ابی عبدالله علیه‏السلام قال؛ سمعته‏

 

یقول: فی القائم سنة [شبه- خ‏] من موسى بن عمران علیه‏السلام، فقلت: وما سنة [شبه‏] موسى بن عمران؟ فقال: خفاء مولده، وغیبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى بن عمران علیه‏السلام عن قومه وأهله؟ فقال: ثمانی وعشرین سنة.

3. اثبات الهداة[3]: عن ابی بصیر قال: قال ابو عبدالله علیه‏السلام: ان فی صاحب هذا الأمر سنن من الأنبیاء: سنة من موسى بن عمران، وسنة من عیسى، وسنة من یوسف، وسنة من محمد، (صلوات الله علیهم)، فأما سنة من موسى بن عمران؛ فخائف یترقب، وأما سنة من عیسى؛ فیقال فیه؛ ماقیل فی عیسى، واما سنة من یوسف؛ فالستر، یجعل الله بینه وبین الخلق حجابا یروّنه ولا یعرفونه‏، وأما سنة من محمد، صلى الله علیه وآله وسلم؛ فیهتدی بهداه، ویسیر بسیرته.

4. الامامة والتبصرة[4]: عن ابی بصیر، قال: سمعت ابا جعفر علیه‏السلام یقول: فی صاحب هذا الأمر أربعة سنن من أربع انبیاء: سنة من موسى، وسنة من عیسى، وسنة من یوسف، وسنة من محمد صلى الله علیه وآله، فأما سنة من موسى؛ فخائف یترقب، وأما سنة من یوسف؛ فالسجن، وأما سنة من عیسى؛ فقیل: إنه مات ولم یمت، وأما سنة من محمد صلى الله علیه وآله؛ فالسیف.

5. اثبات الوصیة[5]: عن ابی بصیر، قال: سمعت ابا جعفر علیه‏السلام یقول: فی صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبیاء: سنة من موسى فی غیبته، وسنة من‏  عیسى فی خوفه ومراقبة الیهود وقولهم مات ولم یمت وقتل ولم یقتل، وسنة من یوسف فی جماله وسخائه، وسنة من محمد صلى الله علیه وآله وسلم فی السیف یظهر به.

وفی هذا المعنى ورد 23 حدیثا.

 

 

السؤال الثانی: بعدما عرفنا ان للامام الحجة علیه‏السلام؛ غیبة، فما هی هذه الغیبة؟

الجواب‏

ان الامام الحجة علیه‏السلام؛ لما غاب عن الانظار كان هناك مصلحة الهیة فی غیبته، تناسبت مع الظروف التی احاطت به، وما زالت تحیط، مما جعل الله عزّ وجلّ فیه هذه السنة وهی الغیبة، وهی؛ اما صغرى او كبرى، كما ورد فی الروایات، ونحن نشیر الى ما یدل علیهما:

1. الكافی‏ : عن اسحاق بن عمار قال؛ قال ابو عبدالله علیه‏السلام: للقائم غیبتان: إحداهما قصیرة، والاخرى طویلة، الغیبة الاولى؛ لا یعلم بمكانه فیها إلا خاصّة شیعته، والاخرى لایعلم بمكانه فیها إلا خاصَّة موالیه.

2. ینابیع الموّدة : عن الحجة فیما نزل فی القائم الحجة فی قوله تعالى: (وجعلها كلمة باقیة فی عقبه لعلهم یرجعون)، عن ثابت الثمالی، عن علی بن الحسین، عن أبیه، عن جده علی بن أبی طالب- رضی الله عنهم- قال: فینا نزلت هذه الآ یة، وجعل الله الإمامة فی عقب الحسین إلى یوم القیامة، وأن للقائم منا غیبتین: إحداهما أطول من الأخرى، فلا یثبت على إمامته إلا من قوی یقینه، وصحت معرفته.

3. غیبة النعمانی‏ : عن ابراهیم بن عمر الیمانی؛ قال: سمعت أبا جعفر علیه‏السلام یقول: إن لصاحب هذا الأمر غیبتین، وسمعته یقول: لا یقوم القائم ولأحدٍ فی عنقه بیعة.

4. دلائل الامامة : عن ابی بصیر؛ قال: قلت لابی عبدالله علیه‏السلام: كان أبوجعفر علیه‏السلام یقول: لقائم آل محمد غیبتان: إحداهما أطول من الاخرى؟ فقال: نعم، ولا یكون ذلك حتى یختلف سیف بنی فلان، وتضیق الحلقة، ویظهر السفیانی، ویشتد البلاء ویشمل الناس موتٌ وقتلٌ، یلجأون فیه الى حرم الله وحرم رسوله صلى الله علیه وآله وسلم.

5. عقد الدرر : عن ابی عبدالله الحسین بن علی علیهما السلام انه قال: لصاحب هذا الأمر- یعنی المهدی علیه‏السلام- غیبتان: إحداهما تطول حتى یقول بعضهم: مات، وبعضهم: قتل، وبعضهم: ذهب، ولایطلع على موضعه أحد من ولی ولا غیره إلا المولى الذی یلی أمره.

وفی هذا المعنى یوجد 10 أحادیث.

وقد اضاف، استاذنا المفدى آیة الله العظمى الشیخ صافی الگلپایگانی دام ظله؛ حول هذا الموضوع بقوله:

اعلم؛ انة قد دلت الروایات الكثیرة على ان له غیبتین احداهما اطول من الاخرى، وامتدت الغیبة الصغرى إلى سنة (329 ه-)، سنة موت أبی الحسن علی بن محمد السمری الذی ختم به النیابة الخاصّة، وانقطعت بموته السفارة، فكانت مدتها (74 سنة)، على أن یكون أولها سنة ولادة الحجة علیه‏السلام، و (69 سنة)، على أن یكون أولها سنة وفاة أبیه سنة ستین ومائتین، وفی هذه المدة كان السفراء- رضوان الله علیهم- هم الوسائط بینه وبین شیعته، ویصل إلیه وكلاؤه وبعض الخواصّ من الشیعة، ویصدر منه التوقیعات إلى بعض الخواصّ، ویجی‏ء من ناحیته المقدسّة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل والأحكام الشرعیّة وغیرها، والخواصّ من الشیعة یعرفون خطه الشریف.

وبعد انقضاء الغیبة القصرى وقعت الغیبة الطولى، فلا ظهور الى ان یأذن الله تعالى.

 

 

السؤال الثالث: هل تعتبر هذه الاحادیث الواردة عن غیبة الامام علیه‏السلام؛

الصغرى والكبرى صحیحة، وهل تطرق العلماء الى صحة هذه الاحادیث؟

الجواب‏:

نعم لقد تطرق علمائنا الى صحة هذه الاحادیث واعتبروها دلیلا على صدق ما اخبر به الرسول صلى الله علیه وآله وسلم، والائمة علیهم‏السلام، والیك نبذة من اقوالهم رضی الله عنهم جمیعا:

1. الشیخ الاجل الاقدم؛ ابن ابی زینب الكاتب النعمانی، المعاصر للشیخ الكلینی، قال: (هذه الاحادیث التی یذكر فیها ان للقائم علیه‏السلام غیبتین؛ أحادیث قد صحت عندنا بحمدالله، وأوضح الله قول الائمة علیهم‏السلام وأظهر برهان صدقهم فیها، فأما الغیبة الاولى؛ فهی الغیبة التی كانت السفراء فیها بین الإمام علیه‏السلام وبین الخلق قیاما منصوبین ظاهرین موجودی الأشخاص والأعیان، یخرج على أیدیهم غوامض العلم [الشفاء من العلم- خ، سهاء العلم- خ‏] وعویص الحكم، والأجوبة عن كل ماكان یُسأل عنه من المعضلات والمشكلات، وهی الغیبة القصیرة التی انقضت أیامها، وتصرمت مدتها، والغیبة الثانیة؛ هی التی ارتفع فیها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الذی یریده الله تعالى، والتدبیرالذی یمضیه فی الخلق، ولوقوع التمحیص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفیة على من یدعی هذا الأمر، كما قال الله عزّ وجلّ: (ما كان الله لیذر المؤمنین على ما

أنتم علیه حتى یمیز الخبیث من الطیب وما كان الله لیطلعكم على الغیب) وهذا زمان ذلك قد حضر- جعلنا الله فیه من الثابتین على الحق، وممن لایخرج فی غربال الفتنة- فهذا معنى قولنا: (له غیبتان)، ونحن فی الأخیرة نسأل الله أن یقرب فرج أولیائه منها، ویجعلنا فی حیِّز خیرته، وجملة التابعین لصفوته، ومن خیار من ارتضاه وانتجبه لنصرة ولیه وخلیفته، فإنه ولی الاحسان، جوادٌ منّان).

2. امین الاسلام؛ ابی علیّ الطبرسی، المتوفی سنة (548 ه-)، ذكر فی كتابه (اعلام الورى)، فی الفصل الاول من الباب الثالث من القسم الثانی من الركن الرابع- بعد ذكر أن أخبار الغیبة قد سبقت زمان الحجة علیه‏السلام بل زمان أبیه وجده، وأن المحدثین من الشیعة خلدوها فی اصولهم المؤلفة فی أیام السیّدین؛ الباقر والصادق علیهما السلام وأثروها عن النبی والائمة علیهما السلام واحدا بعد واحد، وأن هذا دلیل صحة القول فی إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له، والغیبة المذكورة فی دلائله وأعلام امامته، وأنه لایمكن لأحد دفع ذلك- ماهذا لفظه: (ومن جملة ثقات المحدثین والمصنفین من الشیعة: الحسن بن محبوب الزراد، وقد صنف كتاب (المشیخة) الذی هو فی اصول الشیعة اشهر من كتاب المزنی وأمثاله قبل زمان الغیبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فیه بعض ما أوردناه من أخبار الغیبة فوافق الخُبر الخبر، وحصل كل ما تضمنه الخبر بلا اختلاف، ومن جملة ذلك مارواه عن إبراهیم الخارقی عن أبی بصیر عن أبی عبدالله (ثم ذكر الحدیث الخامس من هذا الباب) وقال: فانظر كیف قد حصل الغیبتان لصاحب الأمر علیه‏السلام على حسب ما تضمنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده، انتهى).

3. الشیخ المفید المتوفی سنة (413 ه-): قال فی (الفصول العشرة): (الاخبار عمن تقدم من أئمة آل محمد علیهم‏السلام متناصرة بأنه لابد للقائم المنتظر من غیبتین: إحداهما أطول من الاخرى، یعرف خبره الخاص فی القصرى، ولا یعرف العام له مستقرا فی الطولى، إلا من تولى خدمته من ثقات أولیائه، ولم ینقطع عنه إلى الاشتغال بغیره، والأخبار بذلك موجودة فی مصنفات الشیعة الإمامیة قبل مولد أبی محمد وأبیة وجده علیهم‏السلام، وظهر حقها عند مضی الوكلاء والسفراء الذین سمیناهم رحمهم الله، وبان صدق روّاتها بالغیبة الطولى، وكان ذلك من الآیات الباهرات فی صحة ماذهبت الیه الإمامیة، انتهى).

ویقول مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) دام ظله الشریف:

بل ویدل على صحة هذه الأحادیث نفس تخریجها فی الكافی الذی صنفه الكلینی- قدس سره- فی عصر الغیبة الصغرى، وانقضاء عصرها وحصول الغیبة الثانیة التامة بعده، فإن علی بن محمد السمری- رضی الله عنه- هو آخر السفراء؛ توفی فی شعبان سنة (329 ه-)، والكلینی توفی فی سنة؛ (328 ه-)، وعلى قول توفی فی سنة؛ (329 ه-)، فی السنة التی توفی فیها السفیر الرابع السمری فإنه أیضا توفی فی النصف من شعبان من سنة (329 ه-)، واحتمل بعضهم على فرض وقوع وفاة الكلینی فی سنة (329 ه-) وقوعها قبل وفاة السمری.

وكیف كان تخریج هذه الأحادیث فی الكافی وانقضاء مدة الغیبة القصرى، ووقوع الغیبة الطولى التامة بعده یؤكد صحة هذه الأحادیث، بل بنفسه دلیل على صحتها.

هذا ولا یخفى علیك؛ أن قصة غیبة مولانا المهدی- بأبی هو وامی- مذكورة فی أشعار شعراء الشیعة؛ كالحمیری المتوفی سنة (173 ه-)، وهوالذی یقول؛ فی قصیدته التی خاطب بها مولانا الصادق علیه‏السلام‏ :

و لكن رُوینا عن وصی محمد وما كان فیما قال بالمتكذب‏

بأن ولی الامریفقد لا یرى ستیرا كفعل الخائف المترقب‏

فیقسم أموال الفقید كانما تعیّبه بین الصفیح المنصب فیمكث حینا ثم ینبع نبعة كنبعة جدی من الافق كوكب‏

واشهد ربی أن قولك حجة على الخلق طرا من مطیع ومذنب‏

بأن ولی الأمروالقائم الذی تطلع نفس- ی نحوه بتطرّب‏

له غیبة لا بد من أن یغیبها فصلى علیه الله من متغیّب فیمكث حینا ثم یظهر حینه فیملأعدلا كل شرق و مغرب‏

 

 

السؤال الرابع: بعد ما عرفنا صحة هذه الاحادیث ونحن نعیش فی عصر غیبتة علیه‏السلام‏

فهل ذكرتم ماورد بخصوص الغیبة الكبرى من احادیث؟

الجواب‏:

لقد وردت روایات كثیرة؛ تبین مسئلة غیبة الامام الكبرى، وكشف بعض ملابساتها، و تعتبر هذه المسئلة مورد ابتلاء و تمحیص للشیعة، لذا ذكرها الائمة علیهم‏السلام؛ حتى تكون شیعتهم على بینة من امرهم، والیك بعضا منها:

1. كمال الدین‏ : عن سدیر الصیرّفی؛ قال: دخلت انا والمفضل بن عمر وابو بصیر، وأبان بن تغلب على مولانا أبی عبدالله الصادق علیه‏السلام، فرأیناه جالسا على التراب وعلیه مسح خیبری مطوّق بلا جیب، مقصّر الكمین، وهو یبكی بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتیه، وشاع التغییر فی عارضیه، وأبلى الدموع محجریه، وهو یقول: سیدی غیبتك نفت رقادی، وضیّقت علیّ مهادی، وابتزّت منی راحة فوادی، سیدی غیبتك أوصلت مصابی بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد یفنی الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعة ترقى من عینی، وأنین یفتر من صدری، عن دوارج الرزایا، وسوالف البلایا، إلا مثل بعینی عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقی أشدّها وأنكرها، ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدیر: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة، أوحلت به من الدهر بائقة! فقلنا: لا أبكى الله یا ابن خیر الورى عینیك، من أیة حادثة تستنزف دمعتك، وتستمطر عبرتك؟ وأیة حالة حتمت علیك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق علیه‏السلام زفرةً انتفخ منها جوفه، واشتد عنها خوفه، وقال: ویلكم، نظرت فی كتاب الجفر صبیحة هذا الیوم، وهو الكتاب المشتمل على علم المنایا والبلایا والرزایا، وعلم ماكان ومایكون إلى یوم القیامة، الذی خص الله به محمدا والأئمة من بعده علیهم‏السلام، وتأملت منه مولد غائبنا وغیبته وإبطائه، وطول عمره، وبلوى المؤمنین فی ذلك الزمان، وتولّد الشكوك فی قلوبهم من طول غیبته، وارتداد أكثرهم عن دینهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التی قال الله تقدس ذكره: (وكل إنسان ألزمناه طائره فی عنقه)- یعنی الولایة- فأخذتنی الرقة، واستولت علی الأحزان، فقلنا: یاابن رسول الله، كرمنا وفضلنا بإشراكك إیانا فی بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منّا ثلاثة ادارها فی ثلاثة من الرسل علیهم‏السلام: قدر مولده تقدیر مولد موسى علیه‏السلام، وقدر غیبته تقدیر غیبة عیسى علیه‏السلام، وقدر إبطاءه تقدیرابطاء نوح علیه‏السلام، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح- أعنی الخضر علیه‏السلام- دلیلا على عمره، فقلنا له: اكشف لنا یا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعانی؟ قال علیه‏السلام: أما مولد موسى علیه‏السلام، فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على یده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وأنه یكون من بنی إسرائیل، ولم یزل یأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بنی إسرائیل حتى قتل فی طلبه نیفا وعشرین ألف مولود، وتعذر علیه الوصول الى قتل موسى علیه‏السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إیاه، وكذلك بنوامیة وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الامراء والجبابرة منهم على ید القائم منا ناصبونا العداوة، ووضعوا سیوفهم فی قتل آل الرسول صلى الله علیه وآله [أهل بیت رسول الله- خ‏]، وإبادة نسله طمعا منهم فی الوصول إلى قتل القائم، ویأبى الله عزّ وجلّ أن یكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن یتم نوره ولو كره المشركون.

وأما غیبة عیسى علیه‏السلام، فأن الیهود والنصارى اتفقت على أنه قتل؛ فكذبهم الله جل ذكره بقوله: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، كذلك غیبة القائم، فإن الامة ستنكرها لطولها، فمن قائل یهذی: بأنه لم یلد، وقائل یقول: أنه یتعدّى إلى ثلاثة عشر وصاعدا، وقائل یعصی الله عزّ وجلّ بقوله: إن روح القائم ینطق فی هیكل غیره.

واما إبطاء نوح علیه‏السلام؛ فانه لما استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله عزّ وجلّ الروح الأمین علیه‏السلام بسبع نویات، فقال: یانبی الله، إن الله تبارك وتعالى یقول لك: ان هؤلاء خلائقی وعبادی، ولست أبیدهم بصاعقة من صواعقی إلا بعد تأكید الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك فی الدعوة لقومك، فإنی مثیبك علیه، واغرس هذه النوى، فإن لك فی نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنین؟ فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت، وزها التمر علیها بعد زمان طویل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة؟ فأمره الله تبارك وتعالى؛ أن یغرس من‏ نوى تلك الأشجار ویعاود الصبر والاجتهاد، ویؤكد الحجة على قومه؟ فأخبر بذلك الطوائف التی آمنت به، فارتد منهم ثلاثمائة رجل، وقالوا: لوكان ما یدّعیه نوح حقا لما وقع فی وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك وتعالى لم یزل یأمره عند كل مرة بأن یغرسها مرة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنین ترتد منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نیف وسبعین رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إلیه، وقال: یانوح، الآن أسفر الصبح عن اللیل لعینك حین صرح الحق عن محضه، وصفا [الامروالأیمان‏] من الكدر بارتداد كل من كانت طینته خبیثة، فلو أنی أهلكت الكفار وأبقیت من قد ارتد من الطوائف التی كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدی السابق للمؤمنین الذین أخلصوا التوحید من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم فی الأرض، وامكن لهم دینهم، وابدل خوفهم بالأمن، لكی تخلص العبادة لی بذهاب الشك من قلوبهم، وكیف یكون الأستخلاف والتمكین وبدل الخوف بالأمن منی لهم مع ماكنت أعلم من ضعف یقین الذین ارتدوا، وخبث طینهم، وسوء سرائرهم التی كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنهم، تسنموا منی الملك الذی أُوتی المؤمنین وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، [و] تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة، والتفرد بالأمر والنهی، وكیف یكون التمكین فی الدین وانتشار الأمر فی المؤمنین مع إثارة الفتن وإیقاع الحروب، كلا (فاصنع الفلك بأعیننا ووحینا)؟ قال الصادق علیه‏السلام: وكذلك القائم، فإنه تمتد أیام غیبته لیصرح الحق عن محضه، ویصفو الإیمان من الكدر بارتداد كل‏

من كانت طینته خبیثة من الشیعة الذین یخشى علیهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكین والأمن المنتشر فی عهد القائم علیه‏السلام، قال المفضل: فقلت: یا ابن رسول الله، فإن [هذه‏] النواصب تزعم أن هذه الآیة نزلت فی؛ أبی بكر وعمر وعثمان، وعلی علیه‏السلام؟ فقال: لایهدی الله قلوب الناصبة، متى كان الدین الذی ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمن فی الامة، وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها فی عهد واحد من هؤلاء، وفی عهد علی علیه‏السلام، مع ارتداد المسلمین والفتن التی تثور فی أیامهم، والحروب التی كانت تنشب بین الكفار وبینهم؟! ثم تلا الصادق علیه‏السلام: (حتى إذا استیأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا).

وأماالعبد الصالح- أعنی الخضر علیه‏السلام- فإن الله تبارك وتعالى ماطول عمره لنبوة قدرها له، ولالكتاب ینزله علیه، ولالشریعة ینسخ بها شریعة من كان قبله من الأنبیاء، ولالإمامة یلزم عباده الاقتداء بها، ولالطاعة یفرضها له، بلى؛ أن الله تبارك وتعالى لما كان فی سابق علمه أن یقدر من عمر القائم علیه‏السلام فی أیام غیبته ما یقدر، وعلم ما یكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر فی الطول، طوّل عمر العبد الصالح فی غیر سبب یوجب ذلك، إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم علیه‏السلام، ولیقطع بذلك حجة المعاندین، لئلا یكون للناس على الله حجة.

2. اثبات الهداة : عن الحسن بن علی بن فضال، قال: سمعت أبا الحسن علی‏ بن موسى الرضا علیهم‏السلام یقول: إن الخضر علیه‏السلام؛ شرب من ماء الحیاة، فهو حی لایموت حتى ینفخ فی الصور، وانه لیأتینا [لیلقانا- خ‏] فیسلم، فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وإنه لیحضر حیث ماذكر، فمن ذكره منكم فلیسلم علیه، وانه لیحضر الموسم كل سنة فیقضی جمیع المناسك، ویقف بعرفة فیؤمن على دعاء المؤمنین، وسیؤنس الله به وحشة قائمنا فی غیبته، ویصل به وحدته.

3. علل الشرایع‏ : عن حنان بن سدیر عن ابیه عن ابی عبدالله علیه‏السلام قال: قال: إن للقائم منا غیبة یطول أمدها، فقلت له: ولم ذاك یا ابن رسول الله؟ قال: إن الله عزّ وجلّ ابى الا أن یجری فیه سنن الأنبیاء علیهم‏السلام فی غیباتهم، وأنه لا بد له یاسدیر؛ من استیفاء مدد غیباتهم، قال الله عزّ وجلّ: (لتركبن طبقا عن طبق) أی سننا على سنن من كان قبلكم.

4. غیبة النعمانی‏ : عن ابی عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائه علیهم‏السلام، قال: زاد الفرات على عهد أمیرالمؤمنین علیه‏السلام، فركب هو وابناه الحسن والحسین علیهما السلام فمر بثقیف، فقالوا: قد جاء علی یرد الماء، فقال علی علیه‏السلام: أماوالله لاقتلن أنا وابنای هذان، ولیبعثن الله رجلا من ولدی فی آخر الزمان یطالب بدمائنا، ولیغیبن عنهم تمییزا لأهل الضلالة، حتى یقول الجاهل: مالله فی آل محمد من حاجة.

5. تاریخ قم‏ : عن ابی الاكراد علی بن میمون الصائغ، عن ابی عبدالله علیه‏السلام‏ قال: إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنین من أهلها على غیرهم من أهل البلاد، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد، وبأهلها على جمیع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس، ولم یدع الله قم وأهله مستضعفا بل وفقهم وأیدهم، ثم قال: إن الدین وأهله بقم ذلیل، ولولا ذلك لأسرع الناس إلیه فخرب قم وبطل أهله، فلم یكن حجة على سائر البلاد، وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والارض، ولم یُنظروا طرفة عین، وان البلایا مدفوعة عن قم وأهله، وسیأتی زمان تكون بلدة قم واهلها حجة على الخلائق، وذلك فی زمان غیبة قائمنا علیه‏السلام إلى ظهوره، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها، وان الملائكة لتدفع البلایا عن قم وأهله، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارین، وشغله عنهم بداهیة أو مصیبة أوعدو، وینسی الجبارین فی دولتهم ذكر قم كما نسوا ذكرالله.

وفی هذا المعنى یوجد 100 حدیث.

 

 

السؤال الخامس: لقد ذكرتم ان الروایات التی وردت فی غیبة الامام علیه‏السلام؛

الكبرى، حدود مائة روایة، فهل یمكنكم جمعها على شكل نقاط لیسهل الاطلاع على مضامینها؟

الجواب‏:

سنحاول بعونه تعالى ان نجمع مضامین هذه الروایات لاهمیتها لیسهل مطالعتها ومعرفة بعض ملابسات ومشاكل الغیبة الكبرى:

1. من ادرك زمان الحجة علیه‏السلام؛ ورأى القائم من الشیعة المنتظرین لظهوره، كان مع اهل البیت فی السنام الاعلى.

2. المنتظر لظهوره، الذی یموت ولم یدركه، یجى‏ء یوم القیامة مع ثقل محمد صلى الله علیه وآله وسلم، وثقله؛ هم الائمة الاثنی عشر علیهم‏السلام.

3. لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد لطوّل الله ذلك الیوم حتى یخرج قائم اهل البیت علیهم‏السلام.

4. یقع الشیعة فی زمان غیبته فی فتنة وحیرة.

5. یثبت الله على هذه فی غیبته؛ المخلصین.

6. یقول الجاهلون فی غیبته لطولها: مالله فی آل محمد حاجة.

7. جولان الشیعة فی غیبته جولان النعم تطلب المرعى فلا تجده.

8. الثابت من الشیعة على دینه ولم یقسّ قلبه لطول امد غیبة امامه، فهو مع‏

الائمة فی درجتهم یوم القیامة.

9. اذا خرج القائم لم یكن لاحد فی عنقه بیعة فلذلك تخفى ولادته ویغیب شخصه.

10. حاله حال یوسف علیه‏السلام حیث كان الیه ملك مصر وبینه وبین والده مسیرة ثمانیة عشر یوما ولكن الله عزّ وجلّ لم یعرفه على مكانه وكذلك الحجة علیه‏السلام.

11. الحجة علیه‏السلام، یسیر فی الاسواق ویجلس مع الناس وهم لا یعرفونه حتى یأذن الله ان یعرّفهم بنفسه.

12. یطول عمره الشریف فی غیبته، حتى لو بقى فیها ما بقى نوح فی قومه، لم یخرج من الدنیا حتى یظهر فیملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

13. انه یغیب غیبة طویلة ثم یقبل كالشهاب الثاقب ویتوقد فی اللیلة الظلماء.

14. من ادرك زمانه من الشیعة قرّت عینه.

15. على المؤمن ان یتق الله فی زمن غیبته ولیتمسّك بدینه.

16. یفقد الناس امامهم الحجة، ولكنه یشهد الموسم فیراهم ولا یرونه.

17. المتمسك بدینه زمن غیبته كالخارط للقتاد لشدة زمان غیبته.

18. یشك البعض فیه، زمن غیبته، فیقول مات او هلك بایّ واد سلك؟

19. تدمع علیه عیون المؤمنین من فراقه وشدة البلاء.

20. تكفئ الشیعة بالفتن كما تكفأ السفن فی امواج البحر ..

21. لا ینجو فی زمن غیبته الا من اخذ الله میثاقه وكتب فی قلبه الایمان و ایده بروحه منه.

22. ترفع اثنتا عشرة رآیة مشتبهة لا یدرى ایٌ من ایٍّ.

23. رغم ظهور رآیات مشتبهة، فان امر اهل البیت علیهم‏السلام ابین من الشمس فی واضحة النهار.

24. الحجة علیه‏السلام زمن غیبته الكبرى: طرید وحید غریب غائب عن اهله الموتور بأبیه علیهما السلام.

25. لا یُرى جسمه ولا یسمى باسمه.

26. انه یغیب بعهد معهود الیه من جده النبی محمد صلى الله علیه وآله.

27. یشك البعض فی ولادته بسبب غیبته الطویلة.

28. من ادرك زمانه فلیتمسك بدینه ولا یجعل للشیطان الیه سبیلا بشكه، فیزیله عن ملة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم، ویخرجه من دینه كما اخرج ابونا من الجنة من قبل.

29. ان فیه شبه من یوسف وهی الحیرة والغیبة.

30. النهی عن انكار غیبته.

31. لابد له فی غیبته من عزلة، ومنزله طیبة، وما بثلاثین‏  من وحشة .

 

 

 

السؤال السادس: لقد ذكرتم ان الغیبة امر الهی، اخذه الامام الحجة من آبائه الطاهرین، فما هی اسباب وعلّة غیبته علیه‏السلام؟

الجواب‏

نذكر فی الجواب ما سطره؛ یراع استاذنا المفدى المؤلف دام ظله الشریف وهو:

اعلم؛ ان اختفاء سبب الغیبة عنا لیس مستلزما لصحة انكار وقوعها او عدم وجود مصلحة فیها، فان سبیل هذه وسبیل غیرها من الحوادث الجاریة بحكمة الله تعالى سواء، فكما انه لا سبیل الى انكارالمصلحة فی بعض افعاله تعالى مما لم نعلم وجه حكمته ومصلحته، لا طریق ایضا الى انكار المصلحة فی غیبة ولیه وحجته، فان مداركنا وعقولنا قاصرة عن ادراك فوائد كثیر من الاشیاء، وسنن الله تعالى فی عالم التكوین والتشریع، بل لم نعط مدركات ندرك بها كثیر من المجهولات، فالاعتراف بقصور افهامنا اولى، ولنعم ما قاله الشاعر:

وان قمیصا خیط من نسج تسعة وعشرین حرفا عن معالیه قاصر

وقال بعضهم:

العلم للرحمن جل جلاله وس- واه فی جهلاته یتغمغم‏

ما للتراب وللعلوم وانما یسعى لیعلم انه لایعلم‏

وما احسن ادب من قال: علم الخلائق فی جنب علم الله مثل لاشى‏ء فی جنب مالا نهایه له.

وقال مولانا وسیدنا ابوعبدالله جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام فیما روی عنه: (یاآدم، لو اكل قلبك طائر لم یشبعه، وبصرك لو وضع علیه خرق ابرة لغطاه، ترید ان تعرف بهما ملكوت السماوات والارض!)، والحاصل انه لیس علینا السؤال عن هذه، بعد اخبار النبی والمعصومین من اهل بیته (صلى الله علیهم اجمعین) عن وقوعها، ودلالة الاحادیث القطعیة علیها، وبعد وقوعها فی الامم السالفة، كما ذكره الامام فی روایة سدیر الطویلة.

قال المفید- قدس سره- وثم ولیّ لله تعالى یقطع الارض بعبادة ربه تعالى، والتفرد من الظالمین بعمله، وناى بذلك عن دار المجرمین، وتبعّد بدینه عن محل الفاسقین، لایعرف احد من الخلق له مكانا، ولا یدّعی انسان منهم له لقاء ولا معه اجتماعا، وهو الخضر علیه‏السلام موجود قبل زمان موسى الى وقتنا هذا باجتماع اهل النقل، واتفاق اصحاب السیر والخبر، سائحا فی الارض لایعرف له احد مستقرا، ولایدعی له اصطحابا الا ماجاء فی القران به من قصته مع موسى علیه‏السلام، وما یذكره بعض الناس من انه یظهر احیانا ولایعرف، ویظن بعض الناس انه رآه، انه بعض الزهاد فاذا فارق مكانه توهمه المسمى بالخضر وان لم یكن یعرف بعینه فی الحال ولا ظنه، بل اعتقد انه بعض اهل الزمان، انتهى كلامه فی (الفصول العشرة).

ثم ذكرغیبة موسى ویوسف ویونس وغیرهم، هذا وقد صرح ابو عبدالله علیه‏السلام: بان وجه الحكمة فی غیبته لاینكشف الا بعد ظهوره، وانه من اسرار الله (فی روایة؛ عبدالله بن الفضل الهاشمی ... الحدیث)، فعلیه یصحّ لنا ان نقول: بانّ السبب الاصلی فی حكمته خفی عنّا، ولا ینكشف تمام الانكشاف الا بعد ظهوره.

نعم؛ لها فوائد ومصالح معلومة غیرذلك:

منها: امتحان العباد بغیبته، واختبار مرتبة تسلیمهم ومعرفتهم وایمانهم بما اوحی الى النبی صلى الله علیه وآله، وبشر به عن الله تعالى، وقد جرت سنة الله تعالى بامتحان عباده، بل لیس خلق الناس وبعث الرسول، وانزال الكتب الا للامتحان، قال الله تعالى‏ (انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتلیه)، و قال عزّ شانه‏ (الذی خلق الموت والحیاه لیبلوكم ایكم احسن عملا)، و قال سبحانه: (احسب الناس ان یتركوا ان یقولوا آمنا وهم لایفتنون)، ویستفاد من الاخبار التی وقفت علیها فی هذا الكتاب؛ ان الامتحان بغیبة المهدی علیه‏السلام من اشد الامتحانات، وان المتمسك فیها بدینه كالخارط للقتاد.

هذا مضافا؛ الى ان فی التصدیق وعقد القلب والالتزام والایمان بما اخبر به النبی (صلى الله علیه وآله سلم)، من الامور الغیبیة؛ امتحانا وارتیاضا خاصا، وثمرةٌ لصفاء الباطن وقوة التدین بدین الله تعالى، فامتحان الناس بغیبته علیه‏السلام یكون عملا وایمانا وعلما، اما عملا: فلما یحدث فی زمان الغیبة من الفتن الشدیدة الكثیرة، ووقوع الناس فی بلیات عظیمة بحیث یصیر من اصعب الامور؛ المواظبة على الوظائف الدینیة. واما علما وایمانا: فلانه ایمان بالغیب، فلا یؤمن به الا من كمل ایمانه، و قویت معرفته، وخلصت نیته.

والحاصل؛ ان الناس ممتحنون فی الایمان بالله، والتسلیم والتصدیق بما اخبر به النبی صلى الله علیه وآله وسلم، الا ان الامتحان بالایمان؛ بما انه كان من الامور الغیبیة؛ ربّما یكون اشدّ من غیره وقد جاء التصریح بوصف هؤلاء المؤمنین فی قوله تعالى: (ذلك الكتاب لا ریب فیه، هدى للمتقین، الذین یؤمنون بالغیب ...)

الآیات؛ وذلك لان الایمان بكلّ ما هو غیب عنا ممّا اخبر به النبیّ صلى الله علیه وآله؛ لا یحصل الا لاهل الیقین والمتقین الذین نجوا عن ظلمة الوساوس والشبهات الشیطانیّة، وانار نفوسهم نور المعرفة والیقین والایمان الكامل بالله ورسله وكتبه.

ومنها: انتظار كمال استعداد الناس لظهوره، فان ظهوره لیس كظهور غیره من الحجج والانبیاء، ولیس مبنیا على الاسباب الظاهریة والعادیة، وسیرته ایضا؛ مبنیّة على الحقائق والحكم بالواقعیّات ورفض التقیّة والتسامح فی الامور الدینیِة، فالمهدی علیه‏السلام؛ شدید على العمّال شدید على اهل المعاصی، وحصول هذه الامور محتاج الى حصول استعداد خاصّ للعالم ورقاء البشر من ناحیة العلوم والمعارف ومن ناحیة الفكر ومن ناحیة الاخلاق حتى یستعدّ لقبول تعلیماته العالیة و برنامجه الاصلاحی.

ومنها: الخوف من القتل؛ یشهد التاریخ ان سبب حدوث الغیبة ظاهرا خوفه عن قتله، فإن اعداءه عزموا على قتله اطفاءا لنوره واهتماما بقطع هذا النسل الطیب المبارك ولكن یأبى الله الا ان یتم نوره.

ومنها: غیرها مما ذكر فی الكتب المفصلة.

فإن قلت: ای فائدة فی وجود الامام الغائب عن الابصار! فهل وجوده وعدمه الا سواء؟

قلت: اولا؛ ان فائدة وجود الحجة لیست منحصرة فی التصرف فی الامور ظاهرا بل اعظم فوائد وجوده ما یترتب علیه من بقاء العالم بإذن الله تعالى وامره كما ینادی بذلك قوله صلى الله علیه وآله:

(اهل بیتی امان لاهل الارض، فإذا ذهب‏

اهل بیتی ذهب اهل الارض). وقوله:

لا یزال هذا الدین قائما الى اثنی عشر امیرا من قریش فإذا مضوا ساخت الارض باهلها)، وقال امیر المؤمنین علیه‏السلام (اللهم بلى لا تخلوا الارض من قائم لله ...... الخ‏

. وثانیا؛ ان عدم تصرفه لیس من قبله، والمسؤولیة فی عدم تصرفه متوجهة الى رعیّته.

واشار الى الوجهین المحقق الطوسی فی التجرید بقوله: (وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا).

وثالثا؛ نقول انا لانقطع على انه مستتر عن جمیع اولیائه كما فی (الشافی) و (تنزیه الانبیاء)؛ فإذا لا مانع عن تصرفه فی بعض الامور المهمة بواسطة بعض اولیائه وخواصّه وانتفاعهم منه.

ورابعا: ماهو المسلم والمعلوم استتاره عن الناس، وعدم امكان الوصول الیه فی الغیبة- الا لبعض الخواص وغیرهم احیانا لبعض المصالح- ولكن لا یلازم هذا استتار الناس عنه صلوات الله علیه، فإنه كما یستفاد من الروایات؛ یحضر الموسم ایام الحج، ویحجّ ویزور جده وآباءه المعصومین، ویصاحب الناس، ویحضر المجالس، ویغیث المضطر، ویعود بعض المرضى وغیرهم، وربّما یتكفل بنفسه الشریفة- جعلنی الله فداه- قضاء حاجاتهم، والمراد من عدم امكان الوصول الیه فی زمان الغیبة عدم امكان معرفته بعینه وشخصه.

وخامسا؛ لا یجب على الامام ان یتولى التصرف فی الامور الظاهریة بنفسه، بل له تولیة غیره بالخصوص كما فعل فی زمان غیبته الصغرى، او على نحو العموم كما فعل فی الغیبة الكبرى؛ فنصّب الفقهاء والعلماء العدول العالمین بالاحكام‏

للقضاء واجراء السیاسات واقامة الحدود وجعلهم حجة على الناس، فهم یقومون فی عصر الغیبة بحفظ الشرع ظاهرا وبیان الاحكام ونشر المعارف الاسلامیة ودفع الشبهات وبكل ما یتوقف علیه نظم امور الناس.

وتفصیل ذلك یطلب من الكتب الفقهیة وان شئت زیادة التوضیح فیما ذكر؛ فعلیك بالرجوع الى كتب اكابر اصحابنا كالمفید والسیّد والشیخ والصدوق والعلامة وغیرهم جزاهم الله عن الدین افضل الجزاء.

 

 

السؤال الثامن: لقد ذكرتم؛ انه ورد تسع روایات اشارت الى علة غیبته او الحكمة من غیبته علیه‏السلام‏ ، وذكرتم خمسا منها، فهل لكم ان تذكروا لنا؛ مضامین كل هذه الروایات على شكل نقاط؟

الجواب‏:

یمكن ان نجمع او نلخص مضامین الروایات التسع التی اشارت الى علة غیبته علیه‏السلام على شكل نقاط وهی:

1. غاب صاحب الامر بایضاح العذر له فی ذلك.

2. غاب لاشتمال الفتنة على القلوب حتى یكون اقرب الناس الیه اشدّ عداوة له، عند ذلك یؤیده الله بجنودٍ لم تروها.

3. یغیب تمییزا لاهل الضلالة حتى یقول الجاهل مالله فی آل محمد من حاجة.

4. لیخرج حین یخرج ولیس لاحدٍ فی عنقه بیعة.

5. یظهر (ع) بعدغیبة طویلة لیعلم الله تعالى من یطیعه بالغیب و یؤمن به.

 

ولایخفى علیك ایها القارئ العزیز؛ انه مرّ علیك فی روایات غیبته الطویلة ما یدل على ذلك ایضا فراجع.

 

الفصل الثالث: فیما یلازم الغیبة من طول عمره الشریف وانه شاب المنظر و غیر ذلك‏

 

السؤال الاول: اذا كان للامام المهدی علیه‏السلام، غیبة طویلة

وقد تستمر الفین سنة او اكثر؛ فكیف یمكن ان یبقى هذه المدة حیا! ألیس من المستبعد ان یعیش الانسان ألف سنة، او اكثر من ذلك؟

الجواب‏

نذكر ما سطره یراع استاذنا مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) حول هذه المسئلة:

قال دام ظله: اعلم؛ انه استبعد طول عمره بعض من العامة! حتى عاب الشیعة على قولهم ببقائه علیه‏السلام هذه المدة الطویلة، وقال بعض منهم: ان الوصیة لاجهل الناس تصرف الى من ینتظر المهدی علیه‏السلام!. وانت خبیر بان لا قیمة للاستبعاد فی الامور العلمیة والمطالب الاعتقادیة بعد ما قام علیه البرهان ودلت علیها الادلة القطعیة من العقل والنقل فهذا نوع من سوء الظن بقدرة الله تعالى ولیس مبنى له الا عدم الانس، وقضاء العادة فی الجملة على خلافه والا فیتفق فی الیوم واللیلة بل فی كل ساعة، وان الوفٌ من الحوادث والوقائع العادیة فی عالم الكون حتى فی المخلوقات الصغیرة، وما لایرى الا باعانة المكبرات؛ مما امره اعجب واعظم من؛ طول عمر انسان سلیم الاعضاء والقوى العارف بقواعد حفظ الصحة العامل بها، بل لیس مسالة طول عمره اغرب من خلقته وتكوینه وانتقاله من عالم الاصلاب الى عالم الارحام ومنه الى عالم الدنیا، وبهذا دفع الله‏

استبعاد المنكرین للمعاد فی كتابه الكریم قال الله تعالى: [یاایها الناس ان كنتم فی ریب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفه‏] الآیة؛ وقال:

اولم یر الانسان انا خلقناه من نطفه‏]

الى آخر السورة، وقال عز من قائل:

[وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا]

الى آخر الآیات، هذا مع وقوع طول العمر فی بعض الانبیاء؛ كالخضر ونوح وعیسى وغیرهم علیهم‏السلام، وكیف یكون الایمان بطول عمر المهدی علیه‏السلام امارة الجهل مع تصریح القران الكریم بامكان مثله فی قوله تعالى: [فلولا انه كان من المسبحین للبث فی بطنه الى یوم یبعثون‏]، ووقوعه بالنسبة الى نوح علیه‏السلام فی قوله تعالى: [فلبث فی قومه الف سنة الا خمسین عاما]، وبالنسبه الى المسیح علیه‏السلام فی قوله تعالى: [وان من اهل الكتاب الا لیؤمنن به قبل موته‏]، وقد اخبر ایضا بحیاة ابلیس؛ وانه من المنظرین الى یوم الوقت المعلوم، ولم ینكر ذلك احد من المسلمین ولم یستبعده، وروى مسلم فی صحیحه، فی القسم الثانی من الجزء الثانی فی باب ذكر ابن صیاد، والترمذی فی سننه فی الجزءالثانی، وابو داوود فی صحیحه فی باب خبر ابن صائد من كتاب الملاحم؛ روایات متعددة فی ابن صیاد وابن صائد، وان النبی صلى الله علیه وآله: احتمل ان یكون هو الدجال الذی یخرج فی آخر الزمان، وروى ابن ماجة فی صحیحه فی الجزء الثانی فی ابواب الفتن فی باب فتنة الدجال وخروج عیسى، وابو داوود فی الجزء الثانی من سننه من كتاب الملاحم فی باب خبر الجسّاسة، ومسلم فی صحیحه فی باب خروج الدجال ومكثه فی الارض؛ حدیث تمیم الداری، وهو صریح فی ان الدجال كان حیا فی عصر النبی صلى الله علیه وآله، وانه یخرج فی آخر الزمان، فان كان القول؛ بطول عمر شخص من الجهل، فلم لم‏

ینسب هؤلاء احد بالجهل مع اخراجهم هذه الاحادیث فی كتبهم وصحاحهم، وكیف ینسب بالجهل من یعتقد طول عمر المهدی علیه‏السلام مع تجویز النبی صلى الله علیه وآله مثله فی عدو الله الدجال؟!

والحاصل: ان بعد وقوع طول العمر لامجال للتعجب منه فضلا عن الاستبعاد والقول باستحالته، قال السید ابن طاووس رحمه الله؛ فی الفصل (79) من (كشف المحجة) فی مناظرته مع بعض العامة: (لوحضر رجل وقال: انا امشی على الماء ببغداد. فانه یجتمع لمشاهدته، لعل من یقدر على ذلك منهم فإذا مشى على الماء، وتعجب الناس منه، فجاء آخر قبل ان یتفرقوا وقال ایضا: انا امشی على الماء. فان التعجب منه یكون اقل من ذلك، فمشى على الماء، فان بعض الحاضرین ربما یتفرقون ویقل تعجبهم، فاذا جاء ثالث وقال: انا ایضا امشی على الماء. فربما لا یقف للنظر الیه الا قلیل، فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك فان جاء رابع وذكر؛ انه یمشی ایضا على الماء. فربما لایبقى احد ینظر الیه ولا یتعجب منه، وهذه حالة المهدی علیه‏السلام، لانكم رویتم؛ ان ادریس حی موجود فی السماء منذ زمانه الى الآن، ورویتم؛ ان الخضر حی موجود منذ زمان موسى علیه‏السلام او قبله الى الان، ورویتم؛ ان عیسى حی موجود فی السماء وانه یرجع الى الارض مع المهدی علیه‏السلام، فهؤلاء ثلاثة انفار من البشر قد طالت اعمارهم وسقط التعجب بهم من طول اعمارهم فهلا كان لمحمد بن عبدالله (صلوات الله وسلامه علیه وآله) اسوة بواحد منهم ان یكون من عترته آیة لله جل جلاله فی امته بطول عمر واحد من ذریته، فقد ذكرتم ورویتم؛ انه یملا الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا؟ ولو فكرتم لعرفتم ان تصدیقكم‏

وشهادتكم انه یملآ الارض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا اعجب من طول بقائه واقرب الى ان یكون ملحوضا بكرامات الله جل جلاله لأولیائه، وقد شهدتم ایضا له؛ ان عیسى بن مریم النبی المعظم علیه‏السلام یصلی خلفه مقتدیا به فی صلاته وتبعا له ومنصورا به فی حروبه وغزواته، وهذا ایضا اعظم مقاما مما استبعدتموه من طول حیاته فوافقوا على ذلك انتهى.

وقال العلامة سبط ابن الجوزی فی (تذكرة الخواص ص 377): وعامة الامامیة على ان الخلف الحجة موجود وانه حى یرزق ویحتجون على حیاته بادلة:

منها: ان جماعة طالت اعمارهم كالخضر و الیاس، فانه لایدرى كم لهما من السنین، وانهما یجتمعان كل سنة فیأخذ هذا من شعر هذا، وفی التوراة ان ذا القرنین عاش ثلاثة الآف سنة، والمسلمون یقولون الفا وخمسمائة، ونقل عن محمد بن اسحاق اسماء جماعة كثیرة رُزقوا طول العمر وقد اسرد الكلام فی جواز بقائه علیه‏السلام مذ غیبته الى الآن وانه لا امتناع فی بقائه انتهى.

واستدل الحافظ الكنجی الشافعی (فی كتاب البیان ب 25)، على ذلك؛ ببقاء عیسى والخضر والیاس وبقاء الدجال وابلیس وذكر دلیلا على بقاء الدجال؛ مارواه مسلم فی حدیث طویل فی الجساسة انتهى.

وقد تضمنت التوراة من المعمرین؛ اسماء جماعة كثیرة وذكر احوالهم ففی سفر التكوین الاصحاح الخامس الآیة 5 على ما فی ترجمتها من اللغة العبرانیة والكلدانیة والیونانیة الى اللغة العربیة ط بیروت سنة (1870 م): (فكانت كل ایام آدم التی عاشها تسعمائة وثلاثین سنة ومات) وفی الآیة 8 قال: فكانت كل ایام شیث سبعمائة واثنتی عشرة سنة ومات) وفی الآیة 11: (فكانت كل ایام انوش‏

تسعمائة وخمس سنین ومات)، وفی الآیة 14: (فكانت كل ایام قینان تسعمائة وعشر سنین ومات)، وفی الآیة 17: (فكانت كل ایام مهللئیل ثمانمائة وخمسا وتسعین سنة ومات)، وفی الآیة 20: (فكانت كل ایام یارد تسعمائة واثنتین وستین سنة ومات)، وفی الآیة 23: (فكانت كل ایام اخنوخ ثلاثمائة وخمسا وستین سنة)، وفی الآیة 27: (فكانت كل ایام متو شالح تسعمائة وتسعا وستین سنة ومات)، وفی الآیة 31: (فكانت كل ایام لامك سبعمائة وسبعا وسبعین سنة ومات)، وفی الاصحاح التاسع فی الآیة 29: (فكانت كل ایام نوح تسعمائة وخمسین سنة ومات)، وفی الاصحاح الحادی عشر فی الآیة 10 الى 17: (10. هذه موالید سام؛ لما كان سام ابن مائة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتین. 11. وعاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمسمائة سنة وولد بنین وبنات. 12. وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثین سنة وولد شالح. 13. وعاش ارفكشاد بعد ما ولد شالح اربعمائة وثلاث سنین وولد بنین وبنات. 14. وعاش شالح ثلاثین سنة وولد عابر. 15. وعاش شالح بعد ما ولد عابر اربعمائة وثلاث سنین وولد بنین وبنات. 16. وعاش عابر اربعا وثلاثین سنة وولد فالج.

17. وعاش عابر بعد ما ولد فالج اربعمائة وثلاثین سنة وولد بنین وبنات)، وذكر فی هذا الاصحاح جماعة؛ غیر هؤلاء من المعمرین، نقتصر بذكر اسمائهم وهم: فالح ورعو وسروج وناحور وتارح، وفی الاصحاح الخامس والعشرین فی الآیة 7 ذكر؛ ان ابراهیم عاش مائة وخمسا وسبعین سنة، وفی الآیة 17 ذكر؛ ان اسماعیل عاش (137 سنة)، هذا بعض ما فی التوراة من اسماء المعمرین وهو حجة على الیهود والنصارى.

وقال العلامة الكراجكی فی (كنز الفوائد) فی الكتاب الموسوم (بالبرهان على صحة طول عمر الامام صاحب الزمان)؛ ان: اهل الملل كلهم متفقون على جواز امتداد الاعمار وطولها وقال بعد ذكر بعض ما فی التوراة: وقد تضمنت نظیره شریعة الاسلام ولم نجد احدا من علماء المسلمین یخالفه او یعتقد فیه البطلان بل اجمعوا من جواز طول الاعمار على ما ذكرناه، انتهى.

وقد نقل مثل ذلك عن المجوس والبراهمة والبودائیة وغیرهم ومن یرید الاطلاع على احوال المعمرین فلیطلبها من؛ (البحار) وكتاب (المعمرین) لابی حاتم السجستانی وكتاب (كمال الدین) و (كنز الفوائد) فی الرسالة الموسومة؛ (بالبرهان على صحة طول عمر الامام صاحب الزمان)، فقد ذكر فی هذه الرسالة جماعة من المعمرین واشبع الكلام فی بیان الادلة الدالة على جواز طول الاعمار.

هذا كله مع ما ثبت فی علم الحیاة وعلم منافع الاعضاء وعلم الطب من امكان طول عمر الانسان اذا واظب على رعایة قواعد حفظ الصحة، وان موت الانسان لیس سببه انه عمّر تسعین او ثمانین او غیرهما بل لعوارض تمنع عن استمرار الحیاة، وقد تمكن بعض العلماء كما ترى فیما نذكره عن مجلة (الهلال) من اطالة عمر بعض الحیوانات (900) ضعف عمره الطبیعی، فاذا اعتبرنا ذلك فی الانسان وقدرنا عمره الطبیعی (80 سنة) یمكن اطالة عمره (72000 سنة) راجع: المقالة التی نشرتها مجلة (الهلال) فی الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثین (ص 607 مارس 1930 م)..

 

 

 

 

 

 

[1] ( 1). لأبی جعفر الشیخ الصدوق، ج 1، ص 321، ب 31، ح 3.

[2] ( 2). للعلامة المجلسی، ج 51، ص 216، ب 13، ح 2.

[3] ( 1). للشیخ الحرّ العاملی، ج 3، ص 474، ب 32، ف 5، ح 159.

[4] ( 2). لعلی بن الحسین بن بابوبه القمی، ص 93، ح 84.

[5] ( 3). لأبی الحسن علی بن الحسین المسعودی، ص 202، ط 1.

الأربعاء / 17 أبريل / 2019