جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

بسم الله الرّحمن الرّحیم

یتناول كتاب جلاء البصـر لمن یتولّى الأئمّة الاثنی عشـر(ع) عدداً من الروایات الّتی تُوهّم أنّ عدد الأئمّة(ع)  ثلاثة عشـر إماماً. وكان هذا الموضوع قد ورد ضمن أسئلة وُجّهت إلى آیة الله العظمى الگلپایگانی(قدس سرّه) فأوكل سماحته حلّ هذا المعضل إلى كاتب هذه المقالة.

وقد جاءت المقالة فی أربعة أقسام:

القسم الأوّل: یتناول الأخبار الّتی تُوهّم عدم موافقتها لتلك الأخبار الصحیحة والجمع علیها.

القسم الثانی: حول أسنادها.

القسم الثالث: حول نصوصها.

القسم الرابع: حول ما یصحّ أن یُقال فی تأویلها والجمع بینها وبین غیرها من أحادیثنا المتواترة الموافقة لما استقرّ علیه مذهب أهل

 

البیت(ع) وشیعتهم الطائفة المحقّة الإثنی عشریّة.([1])

بعد أن یقوم المؤلّف بإیراد توضیح ٍعلمیّ وفنّیّ حول أسناد تلك الروایات ونصوصها ودلالتها، یستنتج أنّها حتّى وإن كانت واضحة وصریحة، فإنّها ساقطة من الاعتبار، إذ تدحضها أحادیث متواترة تروى عن طریق الشیعة والسنّة وتؤكّد أنّ عدد الأئمّة الأطهار اثنا عشر إماماً.

وبالإضافة إلى ذلك فإنّ كتاب جلاء البصـر یدحض كلّ هذه الاحتمالات والتوهّمات، ویثبت أنّه حتّى الروایات الّتی تُوُهِّمَ أنّ ظاهرها على كون الأئمّة الأطهار ثلاثة عشر إماماً، فإنّها عند إعادة نظرة أدقّ تدلّ على أنّ الأئمّة اثنا عشر(ع) لا أكثر.

 

بسم الله الرّحمن الرّحیم

الحمد لله ربِّ العالمین، والصلاة والسلام على سیّد الأوّلین والآخرین أبی القاسم محمد المصطفى وآله الطاهرین، حجج الله على الخلق أجمعین.

یرد فی كلّ یوم من شتّى أقطار العالم الإسلامی على بعض فقهاء العصـر ومراجع الشیعة ـ ممّن لا یرتضی التصـریح باسمه الشـریف([1]) ـ عشـرات من المسائل والاستفتاءات حول المعارف الإسلامیّة والمفاهیم الدینیّة، والفروع الشرعیّة العملیّة وغیرها، بل قد تنوف فی بعض الأیّام على المائة، فیتصدّى ـ مدّ ظلّه ـ للإجابة علیها، مع ما هو علیه من الأعمال المرهقة المتعلّقة بالحوزات العلمیّة والجامعات الدینیّة وبخاصّة جامعة قم الإسلامیّة الكبرى من إدارة شؤونها، والقیام فیها بمهامّ التدریس العالی، وإلقاء المحاضرات العلمیّة یومیّاً على مجموعة كبیرة من

 

فضلاء الحوزة، الّذین یحضرون مجلس بحثه للاستفادة من علمه الغزیر وتحقیقاته القیّمة، بالإضافة إلى نشاطه فی خدمة العلم والدین، عن طریق تأسیس المشاریع العلمیّة والدینیّة، كالمدارس والمساجد والمكتبات العامّة، وتشجیع القائمین بأمثال هذه المشاریع مادّیاً ومعنویاً.

یضاف إلى كلّ ما تقدّم تصدّیه لإرسال المبلّغین إلى شتّى الأنحاء من المدن والقرى، وإنشاء مستشفىً ضخم مجهّز.

هذا بعض ما یقوم به ذلك الرجل الكبیر الرائد، الّذی لا یحبّ أن یذكر اسمه الشریف حیاءاً واستخفاءً، ولأنّه یستقلّ ذلك كلّه فی جنب الله تعالى، أطال الله بقاءه، فقد أصبح بنعمة الله تعالى عَلَماً هادیاً، ونجماً لامِعاً یهتدی به المؤمنون.

وممّا ورد من الأسئلة على سماحته فی هذه الأیّام، السؤال التالی:

ما وجه الجمع بین طائفة من الأحادیث الّتی تدلّ بظاهرها على كون الأئمّة الاثنی عشر من ذریّة رسول الله’، أو من ولده، أو من ولده وولد علیّ، أو من ولد علیّ وفاطمة(ع)، مع غیرها من الأخبار المتواترة الّتی اتّفق علیها الكلّ فی كون الأئمّة مع مولانا أمیر المؤمنین(ع) اثنی عشر، وأنّ أحد عشر منهم من ولد رسول الله’ فهل یمكن الجمع

 

بینهما على نحو صحیح عرفی، أم یجب طرح الطائفة الاُولى وعدم الاعتداد بها؟

فأمرنی بالإجابة عن هذا السؤال وحلّ معضلاته، ودَفعِ ما ربّما یُتوهَّم ترتّبه على ذلك من الإشكال.

وإنّنی امتثالاً لأمره الشریف أتصدّى للإجابة علیه، متوكّلاً على الله تعالى ومستعیناً به، فأقول:

اعلم أنّ الأخبار المتواترة الدالّة على أنّ الأئمة اثنا عشر مأثورة عن النبیّ’ وأهل بیته(ع) من طرق الفریقین.

وقد أخرج كثیراً منها جمع من أكابر علماء العامّة، كأحمد بن حنبل فی مسنده من خمس وثلاثین طریقاً، والبخاری ومسلم فی الصحیحین، والترمذی، وأبی داود، والطیالسی، والخطیب، وابن عساكر، والحاكم، وابن الدیبع، والسیوطی، والمتّقی، والبغوی، وابن حجر، والحمیدی، والطبرانی، والشیخ منصور علی ناصف، وأبی یعلى والبزّاز وغیرهم.([2])

 

وقد صنّف محمد معین السندی ـ من علماء الجمهور ـ كتاباً فی هذه الأحادیث سمّاه: مواهب سیّد البشـر فی أحادیث الأئمّة الاثنی عشـر كما قد روى هذه الأحادیث جمع من الصحابة:

1. كأمیر المؤمنین علیّ(ع).

2. وسیّدة نساء العالمین فاطمة الزهراء(س).

3.  والحسن(ع).

4. والحسین(ع).

5. وعبد الله بن مسعود.

6.  وأبی جحیفة.

7. وأبی سعید الخُدری.

8.  وسلمان الفارسی.

9.  وأنس بن مالك.

10.  وأبی هریرة.

11.  وواثلة بن الأسقع.

12.  وعمر بن الخطّاب.

 

13.  وأبی قتادة.

14.  وأبی الطفیل.

15.  وشفیّ الأصبحی.

16.  ومكحول.

17.  وعبد الله بن عمر.

18.  وعبد الله بن أبی أوفى.

19.  وعمّار بن یاسر.

20.  وأبی ذرّ.

21.  وحذیفة بن الیمان.

22.  وجابر بن عبد الله الأنصاری.

23.  وعبد الله بن عبّاس.

24.  وحذیفة بن اُسید.

25.  وزید بن أرقم.

26.  وسعد بن مالك.

27.  وأسعد بن زرارة.

28.  وعِمران بن حصین.

 

29.  وزید بن ثابت.

30.  وعائشة.

31.  واُمّ سلمة.

32.  وأبی أیّوب الأنصاری.

33.  وجابر بن سمرة.

34.  وأبی اُمامة.

35.  وعثمان بن عفّان.

36.  وعبد الله بن عمرو بن العاص.([3])

وهذه الأخبار على طائفتین:

فطائفة منها لیس فیها إلّا التصریح بأنّ الخلفاء والأئمّة اثنا عشر.

والطائفة الاُخرى تتضمّن أسماء الإثنی عشر بعضهم أو جمیعهم.

ثمّ إنّ هذه الأخبار حسب استقصائنا الناقص بلغت قریباً من الثلاثمائة حدیثاً، والأخبار الدالّة على أنّ أمیر المؤمنین علیّاً(ع) أوّل الأئمّة(ع) تزید

 

على ذلك بكثیر، منها ما ینوف على المائة وثلاثین حدیثاً، من جملة الأحادیث الدالّة على أنّ الأئمّة اثنا عشر، حسب البیان المتقدّم، فضلاً عن غیرها([4])، فلو وجد حدیث لا یتوافق مع ظاهر هذه الأحادیث المتواترة وجب تأویله إن أمكن، وإلّا فیطرح ولا ریب فی ذلك.

وبعد هذه المقدّمة نطرق باب الدراسة والتحلیل لهذه الطائفة من الأخبار؛ حتّى یستبین الحقّ فیها، ویظهر المراد منها، ودراستنا هذه تدور حول أربع جهات:

الاُولى: حول الأحادیث الّتی تُوهِم عدم موافقتها لتلك الأخبار الصحیحة، والمجمع علیها.

الثانیة: حول أسنادها.

الثالثة: حول متونها.

الرابعة: حول ما یصحّ أن یقال فی تأویلها، والجمع بینها وبین غیرها من أحادیثنا المتواترة الموافقة لِما استقرّ علیه مذهب أهل البیت(ع)، وشیعتهم الطائفة المحقّة الإثنی عشـریّة، إن رأینا فی هذه الأحادیث تعارضاً مع غیرها من الأخبار.

 

 

([1]) المقصود: هو المرجع الدینیّ الأعلى آیة الله العظمى السیّد محمد رضا الموسوی الگلپایگانی(قدس سرّه)، الّذی خسرت الاُمّة بفقدها أحد الأفذاذ والأركان، والّذی كان مثلاً للتواضع وإنكار الذات، فكان یقوم بأعمال عدیدة وكبیرة ولا یرضى بذكر اسمه بالمدح والثناء. تغمّده الله برحمته الواسعة وأعلى مقامه.

([2]) یراجع: أحمد بن حنبل، مسند، ج1، ص398؛ ج5، ص85 ـ 108؛ البخاری، صحیح، ج8، ص127؛ مسلم النیسابوری، صحیح، ج6، ص3 ـ 4؛ أبو داود السجستانی، سنن، ج2، ص309؛ الترمذی، سنن، ج3، ص340؛ الحاکم النیسابوری، المستدرك، ج3، ص617 ـ 618؛ الخطیب البغدادی، تاریخ بغداد، ج2، ص124، رقم 516؛Z
[ ج14، ص353 ـ 354، رقم 7673؛ القندوزی، ینابیع المودّة، ج2، ص87، ح 174، ص314 ـ 315، ح 905 ـ 908؛ ج3،‌ ص249، ح 44.

([3]) یراجع فی ذلك الكتب الّتی أشرنا إلیها من كتب أهل السنّة، وجوامع حدیث الشیعة ومؤلّفاتهم فی هذا الموضوع، كالصـراط المستقیم إلى مستحقّی التقدیم، فی ثلاثة أجزاء، وإثبات الهداة فی سبعة أجزاء، وكفایة الأثر، ومقتضب الأثر، والمناقب لابن شهر آشوب، وبحار الأنوار، والعوالم، والعمدة لابن البطریق، وكتابنا منتخب الأثر.

([4]) إن شئت التثبّت فی ذلك فراجع: بحار الأنوار، وإثبات الهداة، والصراط المستقیم.

 


([1]) من نصّ الکتاب.

 

نويسنده: 
کليد واژه: