سه شنبه: 4/ارد/1403 (الثلاثاء: 14/شوال/1445)

الاعتقاد بالفطرة

 

للشیخ المفید فی بحث الاعتقاد بالفطرة رأی آخر غیر ما ذهب إلیه الشیخ الصدوق.

ولتوضیح ذلك نقول: توجد فی باب الاعتقاد بالفطرة وآیات الفطرة وأحادیثها كالحدیث: «فطرهم على التوحید»([1]) أو «کلّ مولود یولد على الفطرة»([2])، ثلاثة أوجه:

الوجه الأوّل: أنّ المراد من ذلك هو أنّ الله جعل فطرة الإنسان نقیّة مقتضیة للتوحید والعقائد الحقّة، وحبّ الحقّ والخیر، والتصدیق بحسن العدل وقبح الظلم، والنفور عن الباطل والشـرّ، بحیث لو لم یحجب هذه الفطرة تلك الاُمور المخالفة من قبیل سوء التربیة، فالإنسان بنفسه سیهتدی إلی الله ویقرّ بوجود الصانع كما یتقبّل العقائد الحقّة عند ما تعرّض علیه.

 

والصدوق فسّر الفطرة بهذا المعنى؛([3]) وقد بحثنا بتفصیل فی رسالتنا (فی تفسیر آیة الفطرة) حول هذا الوجه، وكونه موافقاً لاُصول العقائد الإسلامیة فی الفطرة والأحادیث الشریفة الّتی تدلّ على هذا المعنى.

والوجه‏ الثانی: أنّ معنى «فطر الله‏ الخلق على التوحید»، فطرهم للتوحید، أی: خلق الناس للاعتقاد بالتوحید، وإلى هذا المعنى ذهب الشیخ الأعظم الشیخ المفید واختاره.([4])

الوجه الثالث: هو أنّه عبّر عن إرادة التوحید منهم بالإرادة التكوینیة، والظاهر أنّ المفید استظهر من کلام الصدوق هذا الوجه فأجاب عن ذلك بقوله: لو کان الأمر كذلك ما کان مخلوق إلّا موحّداً.([5])

وبدیهیّ أنّه لو كان الأمر دائراً بین الوجه الثانی والثالث فالقول الصحیح والمعتبر هو قول‏ المفید (الوجه‏ الثانی)، لكن‏ بما أنّنا قلنا: بأنّ ‏الوجه المعتبر المستفاد من ‏الآیة والروایات هو القول ‏الأوّل، وهو ما اختاره الصدوق ظاهراً، وفیه رجحان على القول ‏الثانی ظاهراً.

 

 

 

([1]) الکلینی، الكافی، ج2 ص13.

([2]) الکلینی، الكافی، ج2، ص13.

([3]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص36.

([4]) المفید، تصحیح الاعتقادات الإمامیة، ص60.

([5]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص60 ـ 61.

موضوع: 
نويسنده: