شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

 

الروایة الّتی رواها الصدوق فی باب (اللوح والقلم)([1]) یحتمل أن یكون المراد منهما الملكیـن القائمین على اللوح والقلم بأمر الله، وهما یقرءان ما یكتب بقلم القدرة ویُبلغانه سائر الملائكة.

وأمّا القول بأنّ الملائكة یدعون بالألواح والأقلام فغیر مستبعد، حیث یكفی فی التسمیة أدنى مناسبة، وما ورد فی حدیث «سلسلة الذهب» المعروف الّذی رواه الإمام علیّ بن موسى الرضا÷وذكر سند الحدیث فقال: «عن اللوح عن القلم قال: یقول الله عزّ وجلّ»،([2]) الّذی یظهر منه أنّ اللوح والقلم اسم ملكین.

وعلى کلّ حال فإنّ ما ورد فی هذه المصطلحات على لسان الشرع من اللوح والقلم والعرش والكرسیّ، وما یتعلّق بعالم الغیب، فمصدر روایاته صحیح حتماً، والاستظهار البدائی منها غیر صحیح، وما قاله

 

الصدوق من هذه الجهة قابل للمناقشة، إذ كیف یمكن التعویل على خبر الواحد الّذی لا یكون موجباً للعلم، فیدّعی الاعتقاد به، ثم یعبّر عنه بلفظ «اعتقادنا» الّذی یوهم بأنّه هو عقیدة الشیعة جمیعهم.

وفی تعریف هذه المصطلحات الإسلامیة والعقائدیة:

أوّلاً: کلّ تعریف مخالف للاُصول الإسلامیة، مثل عدم تنزّه الخالق عن صفات المخلوق فهو باطل ومردود.

 ثانیاً: لا یصحّ التعبیر القاطع بالجزم بمحض خبر الواحد خاصّة إذا کان سنده ضعیفاً غیر قویّ؛ فإنّه لا یحصل الاعتقاد والیقین بالخبر الظنّیّ الصدور، وکلّ تعریف ینافی اُصول المذهب أیضاً فی مثل باب (الكرسیّ والعرش)، وعدم تنزّه الباری تعالى عن الجسمیة وصفات المخلوق الاُخری فهو فی عقیدة الشیعة باطل ومردود.

أمّا تعریف العرش بالملك أو المعانی الاُخری، بالاستناد إلی ظاهر اللفظ أو الروایات الشارحة فقابل للطرح، لكنّ الروایات إذا لم تكن متواترة أو قطعیّ الصدور، فلا توجب الیقین والعلم والعقیدة نوعاً وتجری فی مثل هذه الروایات عبارة «لا یوجب علماً ولا عملاً».

فكما قال الشیخ المفید: لا یجوز القطع والعمل بالروایات الّتی هی أخبار آحاد، أی: أنّ القطع لا یحصل منها عـادةً، إلّا أنّها إذا لم یعارض

 

مضمـونها اُصول المذهب فلا یجوز ردّها أیضاً.([3])

وعلى هذا ففی مقام الكرسیّ والعرش أیضاً یرد هذا البحث فی المراد من «اعتقادنا»، وهو أنّه إذا کان المقصود منه اعتقاد جمیع الشیعة، وأنّه یجب على جمیع الشیعة أن یكونوا معتقدین، فكیف یمكن أن یحصل الاعتقاد فی شیء غالباً ما یكون سبباً للاحتمال أو الظنّ، عدّ هذا المعنى من المسائل الاعتقادیة عند الشیعة، كیف یكون توجیهه؟ وإذا کان المراد هو اعتقاد الصدوق شخصیّاً فلا نقاش فیه طبعاً... فقد یحصل لمثله من أخبار الآحاد هذا الاعتقاد بها لوجود القرائن، لكن ذلك لا یلزم منه اعتقاد الآخرین بها، ویكون القول ما قاله الشیخ المفید عندئذ إذا کان لمثل کلمتی (الكرسیّ والعرش) ظاهر، فیعوّل على ذلك الظاهر، وإلّا فالوجه الوقوف عندها.

 

 

([1]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص44؛ الصدوق، معانی الأخبار، ص30.

([2]) الصدوق، عیون أخبار الرضا×، ج2، ص136.

([3]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ج5، ص78.

موضوع: 
نويسنده: