جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

 

فیما یتعلّق بالجنّة والنار وجهتا نظر هذین العلمین متقاربتان فی كتابیهما، وفی کلّ من الكتابین تفاصیل لم یذكر بعضها فی الكتاب الآخر، فما هو ثابت من هذه التفاصیل بموجب الآیات والأخبار الصحیحة فهو حقّ وإن لم یجب الاعتقاد به، لكن إنكاره بل الشکّ فیه بعد الاطّلاع على موارده ومصادره غیر جائز.

والأمر الّذی لا یوافق الشیخ المفید فیه أبا جعفر الصدوق، هو أنّ الصدوق جعل أهل الجنّة أنواع مراتب، منهم المتنعّمون بتقدیس الله وتسبیحه وتكبیره فی جملة ملائكته، إلخ... .([1])

إلّا أنّ المفید ردّ على هذا القول بما یلی: «وقول من یزعم أنّ فی الجنّة بشراً یلتذّ بالتسبیح والتقدیس من دون الأکل والشرب، قول شاذّ عن دین الإسلام، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الّذین زعموا أنّ المطیعین فی الدنیا یصیرون فی الجنّة ملائكة لا یطعمون ولا یشربون ولا

 

ینكحون»، ثم عقّب على ذلك مستشهداً بآیات من الكتاب العزیز كقوله تعالى: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِینَ اتَّقَوْا﴾؛([2]) وقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْیَوْمَ فِی‏ شُغُلٍ فَاكِهُونَ‏ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِی‏ ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُنَ﴾؛([3]) وغیر ذلك من الآیات([4])... ومثل هذه الآیات كثیر فی القرآن، وما قاله المفید أوفق بمدلول هذه الآیات.

ولا ریب أنّ التنعّم بهذه النعم غیر منافٍ للالتذاذ بحصول القرب الإلهی، وبلوغ الثواب ومجالسة الأنبیاء والأئمّة الطاهرین والمقرّبین... والله أعلم.

 

 

([1]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص76 ـ 77.

([2]) الرعد، 35.

([3]) یـس، 55 ـ 56.

([4]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص117 ـ 118.

موضوع: 
نويسنده: