جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

خمس المعدن بعد زیادة قیمته بالعمل علیه

مسألة 8: قال فی العروة: إذا عمل فیما أخرجه قبل إخراج خمسه عملاً یوجب زیادة قیمته، كما إذا ضربه دراهم أو دنانیر أو جعله حلیّاً، أو كان مثل الیاقوت والعقیق فحكّه فصّاً مثلاً اعتبر فی الإخراج خمس مادّته، فیقوَّم حینئذ سبیكةً أو غیر محكوك مثلاً ویخرج خمسه. انتهى.

وفی الجواهر:([1]) اعتبر فی الأصل الّذی هو المادّة الخمس، وفی الزائد حكم المكاسب، فیقوَّم حینئذ سبیكةً ویخرج خمسه، كما هو واضح. وبه صرّح فی المسالك([2]) والمدارك([3]) ولكن أشكل على ذلك بعض الأعلام من المعاصرین: بأنّ الهیئة من حیث هی لا مالیة لها، وإنّما تزید فی قیمة المادّة، فالمادّة هی الّتی تختلف قیمتها سبیكة ومتلبّسة بهیئة كذائیة، كما تختلف قیمتها متلـبّسة بالهیئة حسب اختلاف الهیئات، فلا  یجوز شركة شخصین فی مال بأن یكون لأحدهما الهیئة وللآخر المادّة، كما لا یجوز بیع المادّة دون الهیئة، وبالعكس. ولو أمكن التفكیك بینهما فی الملكیة استحقّ الغاصب قیمة ما أحدثه فی العین من الهیئة.

 

وعلى ذلك لا یتّجه الحكم بأنّ الصفة الموحّدة فیه بتمامها لموجدها دون مادّتها، فإنّ منها له أربعة أخماسها، والخمس الواحد لأرباب الخمس.

نعم، هذا على القول بتعلّق الخمس بالعین، وبحیث تكون العین الخارجیة بخصوصیاته الشخصیة مشتركة بین المالك ومستحقّ الخمس على سبیل الإشاعة.

وأمّا بناءً على تعلّق الخمس بمالیة العین وأنّ شخصیتها للمالك من غیر أن یشارك فیها أحد فلا جرم تقوَّم مالیة العین فی زمان تعلّق الخمس وحدوثه، ویملك المستحقّ الخمس من هذه المالیة. ومن البیِّن أنّ هـذه المالیـة ـ أی مالیة العین فی زمان التعلّق ـ الّتی هی متعلّق الخمس لم تزدد ولم تغیّر بإحداث الهیئة. نعم إن زادت قیمتها السوقیة قبل الأداء تجب ملاحظتها. وبالجملة: على ذلك یوجّه ما بنى علیه الجواهر والمسالك والمدارك، وتبعهم العروة.

ثم قال فی العروة: وكذا لو اتّجر به فربح قبل أن یخرج خمسه ناویاً الإخراج من مال آخر ثم أدّاه من مال آخر. وأمّا إذا اتّجر به من غیر نیة الإخراج من غیره فالظاهر أنّ الربح مشترك بینه وبین أرباب الخمس.([4])

وفی الجواهر: «وقد یشكل بأنّ المتّجه وجوب الخمس فی الثمن أیضاً بناءً على تعلّق الخمس بالعین، وعلى تعلّق الخمس بالبائع مع بیعه له جمیعه، كما صرّح به فی التذكرة والمنتهى، ([5])مستشهداً له فی الأخیر بما رواه الجمهور ـ  بل والشیعة

 

وإن كان بتفاوت یسیر بینهما لكنّه غیر قادح ـ عن أبی الحرث المزنی: أنّه اشترى تراب معدن بمائة شاة مُتْبع، فاستخرج منه ثمن ألف شاة، فقال له البایع: رُدّ علیّ البیع، فقال: لا أفعل، فقال: لآتینّ علـیّاً×  فلاسعینّ بك، فأتى علیّ بن أبی طالب×، فقال: إنّ أبا الحرث أصاب معدناً، فأتاه علیّ×.  فقال: «أین الركاز الّذی أصبت»؟ قال: ما أصبت ركازاً، إنّما أصابه هذا فاشتریته منه بمائة شاة متبع، فقال علیّ×: «ما أرى الخمس إلّا علیك».([6])

وكأنّه؛ فهم البایع من الضمیر، وهو كذلك لما فی المرویّ فی الكافی والتهذیب من نقل هذه أنّه قال أمیر المؤمنین× لصاحب الركاز: «إنّ الخمس علیك، فإنّك أنت الّذی وجدت الركاز، ولیس على الآخر شیء؛ لأنّه إنّما أخذ ثمن غنمه».([7])

ویدفع بأنّه وإن كان متعلّقاً بها وجاز له بیعه وكان الخمس علیه، لكنّ له ضمانه على أن یؤدّیه من مال آخر، فیتّجه حینئذ تعلّق الوجوب بالأصل خاصّة دون الزیادة الحاصلة بالاكتساب، كما صرّح به فی المنتهى والتذكرة أیضاً، معلّلاً له بأنّ الخمس تعلّق بالعین، لا بالثمن.([8]) نعم یجب فیها ذلك من حیث الربح بعد اجتماع شرائطه، هذا.([9])

 

أقول: یمكن أن یقال: إنّ الحكم یختلف حسب المبانی: فعلى القول بتعلّقه بالعین على نحو الإشاعة والاشتراك بین المالك وأرباب الخمس فالبیع بالنسبة إلى خمس الجمیع أو خمس مقدار منه قبل إخراج خمسه من غیره یكون فضولیاً بالنسبة إلى خمسه، فإن أمضاه ولیّ الخمس یقع له ویكون ثمنه له، ویحتمل وقوعه للمخرِج ووجوب ردّ قیمته أو ردّ ثمنه إلى ولیّ الخمس؛ لأنه جاز له بیعه وله ضمانه فلا  یكون فضولیاً، والأوجه الثانی.

وأمّا على القول بتعلّق الخمس بالعین على نحو الكلّی فی المعیَّن فیصحّ من المخرِج البیع منه ما بقی منه الخمس، وإن باع الجمیع فحكم بیع خمسه حكم بیع الخمس فی الصورة الأوّلى.

وأمّا اعتبار نـیّة الإخراج من غیره فی جواز البیع فوجهه: أنّ للمخرج إخراج الخمس من غیره، فیجوز له بیعه أخرجه قبل البیع أو بعده إذا كان ناویاً لإخراجه، دون ما إذا لم ینوِهِ، والقدر المتیقّن ما إذا أخرجه قبل البیع وهو مقتضى الأصل.

وأمّا إذا كان المبنى تعلّق الخمس بمالیة العین لا بشخصه وخصوصیاته، فالظاهر أنّه یجوز له بیع الجمیع وأداء خمس العین. نعم، إذا لم یكن ناویاً لأدائها یتوقف تمامیة البیع على الأداء أو نیّته. هذا كلّه على مقتضى القاعدة.

أمّا على ما یستفاد من الخبر المذكور، فالظاهر صحّة البیع مطلقاً. وأمّا وجوب أداء خمس الثمن أو خمس المثمن فلا  یستفاد من الروایة، هذا مضافاً إلى ضعف سنده. والله هو العالم.

 

فإن قلت: ما ذكر كلّه إنّما یتمّ إذا كان للبایع الولایة على بیع سهم أرباب الخمس.

قلت: هذا لازم القول بجواز أداء الخمس من غیره.

اللّهمّ إلّا أن یمنع هذا اللزوم ویقال: إنّ جواز التصرّف فی الخمس یكون بعد أداء عوضه من مال آخر، أو خصوص الأثمان، وعلى هذا یتوقّف نفوذ بیعه قبل أداء عوضه على إمضاء ولیّ الخمس، أو أداء عوضه على القول بتعلّقه بالمالیة وعلى تفصیل مرّ بیانه. والله هو العالم.

 

([1]) جواهر الکلام، ج16، ص21.

([2]) مسالك الأفهام، ج1، ص459.

([3]) مدارك الأحکام، ج5، ص368؛ وكذالك الشهید فی البیان، الفرع الرابع من فروع المعدن، ص214؛ والبحرانی فی الحدائق الناضرة، ج12، ص331؛ والقمی فی غنائم الأیّام، ج4، ص296؛ والعراقی فی شرح تبصرة المتعلمین، ج3، ص65.

([4]) العروة الوثقی، ج4، ص244 ـ 245.

([5]) انظر المسألة فی منتهى المطلب، ج1، ص546؛ وتذکرة الفقهاء، ج5، ص413؛ والدروس، ج1، ص261؛ ومسالك الأفهام، ج1، ص459.

([6]) الکافی، ج5، ص315 ـ 316؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب6، ح 1، ج6، ص346 ـ 347.

([7]) رواه ابوعبیدة فی الأموال، ص 335 ـ 336.

([8]) قال فی تذکرة الفقهاء: «ویجب خمس المعدن لا خمس الثمن، لأنّ الخمس تعلّق بعین المعدن لا بقیته». تذکرة الفقهاء، ج5،ص413؛ ومثله فی منتهی المطلب، ج1،ص546.

([9]) جواهر الكلام، ج16، ص21 ـ 22.

موضوع: 
نويسنده: