پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

استیجار الغیر لإخراج المعدن

مسألة 9: قال فی العروة: یجوز استیجار الغیر لإخراج المعدن، فیملكه المستأجر، وإن قصد الأجیر تملّكه لم یملكه.([1])

أقول: أمّا استیجار الغیر لإخراج المعدن من الأرض المملوكة، فلا  ریب فی جوازه، فهو ملك مالك المعدن، سواء قصد الأجیر كونه ملكاً لمالك المعدن، أو لم یقصده، بل وإن قصد الخلاف.([2])

وأمّا الاستیجار لإخراج المعدن من الأرض الموات حتى یصیر تحت ید المستأجر یستولی هو علیه، فالظاهر أنّه یجوز.

                                                                                                                                           

وإذا كانت الإجارة للإخراج الشخصی فهل لو استولى المخرِج بنفسه علیه یملكه ویكون ضامناً للمستأجر اُجرة مثله وإن كان آثماً بفعله، أو لا یملكه؟ الظاهر هو الأوّل، فإنّ ما أخرجه لا یخرج بمجرّد الإخراج عن المباحات، فیملكه هو بالحیازة كغیره، بل ولا إثم علیه، كما أنّ شخصاً ثالثاً غیرهما یملكه بالحیازة إن حازه قبلهما. وعلى هذا لا یصحّ ما أفاده فی العروة بقوله: وإن قصد الأجیر...

هذا إذا لم نقل: إنّ المخرِج بمجرد الإخراج یملك المخرَج، وإلّا فلا  فائدة فی الإجارة للإخراج. إلّا أن یقال: لا یعتبر فی الإجارة دخول فائدة على المستأجر، بل یكفی مجرد حصول غرض خاصٍّ له، كأن یكون لتخلیة المعدن عمّا فیه فائدة تعود إلى الناس أو إلى المستأجر.

وأمّا إذا كان متعلّق الإجارة حیازة المعدن لیكون ما یحوزه الأجیر ملكاً للمستأجر فقد یورد علیه: بأنّ الحیازة سبب قهری لملكیة الحائز المباشر، سواء قصد التملّك أو لم یقصد، أو قصد تملّكه للغیر.

ویُستفاد من حاشیة سیدنا الأستاذ الأعظم+ على العروة: أنّ عدم جواز الاستیجار على الحیازة مقتضى الأصل.

وقال ردّاً على ما أفاده صاحب العروة فی مسألة تأثیر نیة الأجیر كونه لنفسه وعدمه: إنّ المسألة مبنیّة على أنّ الحیازة من الأسباب القهریة لتملّك الحائز ولو قصد الغیر، ولازمه عدم صحّة الاستیجار لها، أو یعتبر فیها نیة التملّك ودائرة

 

مدارها ولازمه صحّة الإجارة وكون المحوز لنفسه إذا قصد نفسه وإن كان أجیراً للغیر، وكونه لغیره إذا قصده له.

فقال: بل مبنیّة على أنّ الحیازة هل هی إخراج المباح عن تساوی الناس فیه بإدخاله تحت استیلاء نفسه ولو بفعل غیره، أو یتحقق أیضاً باستیلاء غیره علیه بتسبیب منه ؟ فعلى الأوّل لا تصحّ الإجارة علیها وإن صحّت على مقدّماتها كما مرّ. وعلى الثانی تصحّ.

وعلى تقدیر الصحّة فهل استحقاق المستأجر عمل الأجیر أو منفعته یجعل استیلاءه استیلاء المستأجر مطلقاً، أو فیما إذا لم ینوِ الأجیر خلافه، أو لا ینصـرف إلیه إلّا بنیة كونه له (أو عنه)، أو أداء ما استؤجر علیه؟ وجوه، أظهرها الأخیر.

وأمّا اعتبار نیّة الملك فی حصول الملك بالحیازة وعدمه فأجنبیّ عن ذلك. هذا ما أفاده فی كتاب الإجارة.

وقال+ فی حواشیه على كتاب الخمس ذیل قوله: «وإن قصد الأجیر تملّكه لم یملكه»: «إن كان المستأجر مالكاً للأرض أو له حقّ اختصاص بها، أو كان الأجیر قصد بالعمل تسلیم ما استحقّه منه إلیه، وإلّا كان الحكم بعدم ملكه
محلّ نظر».

أقول: یمكن أن یقال: إنّ الحیازة لیست إلّا استیلاء الشخص على المال المباح، فإن كان ذلك سبباً لملكیة من استولى علیه قهراً وبلا حاجة إلى قصد التملّك فلا  تصحّ فیها الإجارة على أن تكون لغیره وسبباً لملكیته. وإن كان تملّكه لا تتحصّل إلّا بنیّة المستولی علیه، أو من كان مالكاً لاستیلائه علیه بالاستیجار،

 

فالأجیر الّذی صار عمله ـ أی استیلاؤه على المـال ـ ملكاً للغیر لا یملكه إن قصده لنفسه؛ لأنّ الاستیلاء علیه ـ بمعنى المصدری وبمعنى اسم المصدر ـ تبعاً للأوّل ملك للمستأجر.

نعم، هذا إذا كانت الإجارة واقعةً على الاستیلاء الشخصی، وإلّا إن كان على الاستیلاء الكلّی فالأجیر مدیون للمستأجر ویؤدّی دینه بفردٍ ما منه.

 

 

([1]) العروة الوثقی، ج4، ص243.

([2]) هكذا قال به الشهید فی البیان، الفرع الأوّل من مبحث الخمس، ص214؛ وذهب إلیه القمی فی غنائم الأیّام ج4، ص296.

موضوع: 
نويسنده: