جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

المعلوم مالكه فی عدد محصور

قال فی الجواهر: بل لعلّ الظاهر أیضاً سقوطه (أی الخمس) لو علمه فی عدد محصور».([1])

وحینئذ فهل یجب التخلّص من الجمیع لأنّ العلم بفراغ ذمّته لا یتحقّق إلّا به، أو یجری علیه حكم مجهول المالك؛ لأنّه داخل تحت هذا العنوان، أو یستخرج المالك بالقرعة؛ لأنّه لكلّ أمر مشكل، أو یوزّع ذلك المقدار بینهم بالسویة لقاعدة العدل والإنصاف؟ وجوه.

 

أمّا القول بوجوب التخلّص من الجمیع فیوجّه بأنّه مقتضـى الضمان، تردّد المضمون عنه بین عدد محصور، ومقتضى العلم الإجمالی الخروج عن عهدة ما بیده بإرضاء المالك المعلوم فی البین بأن یرضی الجمیع بالاحتیاط.

وفیه: أنّ ذلك یستلزم الضرر المنفی على من بیده المال. ولا یعارضه نفی الضرر عن المالك؛ لأنّه لا یتوجّه الضـرر إلیه مطلقاً، فإنّه إن عملنا بالقرعة فتوجّه الضرر إلیه محتمل، وإن عملنا معه معاملة مجهول المالك فتصل منفعة التصدّق به إلى المالك، ویتدارك ضرره الدنیوی بالنفع الاُخروی.

نعم، العمل بالتوزیع لا یدفع التعارض بین الضررین.

واُجیب عن أصل تحقّق التعارض بین الضررین: بأنّ الضرر الوارد على من بیده المال لیس من قبل حكم الشارع.

وبعبارة اُخرى: حكم الشارع بردّ المال إلى صاحبه لیس ضرریاً، والضرر إنّما نشأ لتوقف إحراز امتثال أمره على الاحتیاط الّذی یجب علیه بحكم العقل، لا جعل الشارع وتشریعه، فكما أنّه یجب الاجتناب عن الدهن المتنجّس المشتبه بین أوانٍ محصورة بالاحتیاط والاجتناب عن الجمیع الموجب للضـرر، ولا یوجب ذلك نفی الحكم بوجوب الاجتناب عن المتنجّس الواقعی، لأنّه لیس ضروریاً، كذلك فی المقام حیث لا یوجب الضرر الحاصل من حكم العقل بالاحتیاط نفی وجوب أداء المال الّذی بیده إلى صاحبه الواجب بحكم الشرع.

وبالجملة: وجوب أداء المال إلى صاحبه حكم شرعی ولیس هو ضرریاً، والحكم بالتخلّص من الجمیع لإحراز امتثال حكم الشرع حكم عقلی.

 

ویمكن أن یقال: إنّ التخلّص من المال المعیّن المعلوم الواقع تحت الید إذا كان مالكه محصوراً بین أكثر من واحد لا یمكن إیصال جمیعه إلى كلّ واحد ممّن یحتمل كونه مالكاً، فلا بدّ من القرعة، أو التوزیع، ومقتضى «على الید» أیضاً لیس أزید من ذلك. والفرق بینه وبین مثال السمن المتنجّس ظاهر.

نعم إذا كان یعلم باشتغال ذمّته بواحد فی عدد محصور لا یعرفه بشخصه یمكن أن یقال: إنّه یجب علیه بحكم العقل تحصیلاً لفراغ ذمّته إرضاء الجمیع.

وأمّا القول بإجراء حكم مجهول المالك علیه، فهو خلاف الوجدان. وإعطاؤه لغیر الّذین نعلم بوجود المالك فیهم لا یجوِّزه العقل ولا الشرع، فلا بد حینئذ: إمّا من القول بالقرعة، أو التوزیع بینهم؛ لقاعدة العدل والإنصاف.

 

([1]) جواهر الكلام، ج16، ص73.

موضوع: 
نويسنده: