جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

تعلّق خمس آخر بالحلال المختلط

مسألة 31: قال الشیخ الأنصاری+: «لو كان الحلال ممّا فیه الخمس لم یسقط بإخراج هذا الخمس...، فإذا اُحلّ لمالكه وطهر عن الحرام أخرج خمسه، ولو عكس صحّ، لكن تظهر الفائدة فیما لو جعلنا مصرف هذا الخمس فی غیر الهاشمی، فحینئذ فلیس له إلّا العكس».([1])

 

أقول: أمّا أصل الحكم بتعدّد الخمس فی هنا فالظاهر أنّه واضح.

والقول بوحدته لإطلاق قوله×: «وسائر المال لك حلال»([2]) ضعیف جداً؛ لأنّ المراد منه أنّه حلال من حیث اختلاط الحرام، لا من كلّ جهة.

وأمّا الكلام فی وجوب تقدیم أحدهما على الآخر وعدمه، فقد أفاد فی وجه تقدیم خمس الاختلاط: أنّه مبنیّ على كون مصرف هذا الخمس فی غیر الهاشمی. وظاهر العروة([3]) تقدیم هذا الخمس، وهو على ما ذكر مطابق للاحتیاط.

ولإیضاح المرام نقول: إنّ فی المسألة أقوالاً واحتمالات:

الأوّل: ما اختاره الشیخ والسیّد وغیرهما([4])، وهو أداءً خمس التحلیل، ثم أداء خمس الباقی؛ لأنّ الباقی إمّا أن یكون تمامه له من أوّل الأمر، أو تملّك بعضه بأداء خمس التحلیل.

الثانی: أداء خمس القدر المتیقّن من الحلال الّذی فیه، ثم أداء خمس الباقی للتحلیل. والفرق بینهما أنّه على القول الأوّل إذا فرضنا أنّ مجموع المال خمسة وسبعون دیناراً یبقى بعد التخمیسین لصاحب المال ثمانیة وأربعون دیناراً. وعلى القول الثانی على فرض كون الحلال المتیقّن خمسین یبقى بعد التخمیسین اثنان وخمسون دیناراً.

وأفاد بعض الأعلام لإثبات هذا التقدیم: أنّ الخمس بعنوان الاختلاط

 

حسب ما یستفاد من الأدلة خاصّ بالمال المختلط فیه الحلال بالحرام، فموضوعه المال المؤلَّف من هذین الصنفین، فبعضه له وبعضه حرام لا یعرف صاحبه. وأمّا المشتمل على صنف ثالث بحیث لا یكون له ولا یكون من المال الحرام الّذی لا یعرف صاحبه فهو غیر مشمول لتلك الأدلّة.

ومقامنا من هذا القبیل؛ إذ بعد كون حصّته من هذا المجموع متعلّقاً للخمس كما هو المفروض، فهو یعلم أنّ مقداراً من هذا المال المختلط ـ أعنی: الخمس من حصّته ـ لا له ولا من المال الحرام، بل هو ملك للسادة والإمام×. وعلیه، فلابدّ من إخراجه واستثنائه أوّلاً لیتمحّض المال فی كونه حلالاً مختلطاً بالحرام، ثم یخمّس بعدئذ للتحلیل وبعنوان الاحتیاط.

فالنتیجه: أنّ التخمیس بعنوان الأرباح مثلاً مقدَّم على التخمیس من ناحیة الاختلاط، عكس ما ذكره فی المتن.([5])

أقول: أوّلاً : إن كان موضوع مسألتنا غیر ما هو الموضوع للأدلّة الخاصّة بالمال المختلط بالحرام فلا  یدخل فی الموضوع بالعلاج الّذی ذكره، فإنّ موضوعه هو ما كان من أوّل الأمر كذلك، لا المال المختلط حلاله بالحرام وبهذا المال المجهول مقداره من الإمام× والسادة وإن فرض تعیین مقداره بالعلاج المذكور والأخذ بالقدر المتیقّن منه.

وثانیاً: كیف نصنع باحتمال كون حقّ السادة فیه أزید من خمس الخمسین؟

 

وثالثاً: بعد قبول كون الموضوع غیر الموضوع، فلماذا نسلك المسلك المذكور بعلاج المشكل؟ بل بإمكاننا أن نأخذ بما هو القدر المتیقّن من الحرام ونتصدّق به، وفیما زاد على القدر المتیقّن نعمل بقاعدة الید، ثم نؤدّی خمس الباقی بعنوان خمس المال.

القول الثالث والرابع والخامس تستفاد من حاشیة سیدنا الاُستاذ+، وإلیك ما أفاده+ بلفظه الشریف:

قال: «وهل الواجب هو إخراج خمس الأربعة أخماس الباقیة، أو كلّ ما یحتمل حلّیته، أو ما یعلم حلّیته، أو ینصَّف التفاوت بین الأخیرتین بینه وبین أرباب الخمس؟ وجوه أحوطها الثانی، وإن كان الأخیر لا یخلو من وجه».

والوجه لما أفاده أعلى الله مقامه الشریف:

أمّا احتمال تخمیس الأربعة أخماس الباقیة فوجهه أنّها الفائدة له: إمّا من جهة كون جمیعها من الأرباح، أو بعضها منها وبعضها ممّا حصل له بخمس التحلیل، وإمّا من جهة تخمیس ما یعلم حلّیته فإنّه هو القدر المتیقّن.

وأمّا احتمال تخمیس ما یحتمل حلّیته فإنّ به یحصل العلم بفراغ ذمته.

وأمّا احتمال تخمیس القدر المتیقّن وتنصیف التفاوت بینه وبین ما هو المحتمل فإنّه یكون بین أرباب الخمس وبینه، ومقتضـى العمل فی أشباهه التنصیف. والظاهر أنّ ما أفاده هو الوجه فی المسألة. نعم، الأحوط هو الأوّل، وهو مختار الشیخ وغیره.

 


([1]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص263، مسألة 17؛ راجع: أیضاً جواهر الکلام، ج6، ص76، وقال فیه بتقدیم خمس الاختلاط.

([2]) وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب10، ح4، ج6، ص353.

([3]) العروة الوثقى، ج4، ص266، مسأله 36.

([4]) كصاحب جواهر الکلام كما تقدّم، ج16، ص76.

([5]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص169 ـ 170.

موضوع: 
نويسنده: