جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

المراد من مبدأ السنة

مسألة 63: قد وقع الخلاف بینهم فی مبدأ السنة الّتی یكون الخمس بعد خروج مؤونتها، فاختار البعض أنّ مبدأها حین ظهور الربح،([1]) وبعض آخر اختار حال الشـروع فی الاكتساب، وهذا

 

القول مختار الشهید فی الدروس،([2]) وصاحب الحدائق،([3]) وجماعة من الأساطین.

والظاهر أنّ الكلام فی ذلك إنّما یجیء على القول بانضمام الأرباح بعضها مع بعض واعتبار أرباح الكلّ ربحاً واحداً لكلّ سنة، وأمّا على القول بملاحظة كلّ ربح بالاستقلال واعتبار السنة بالنسبة إلى شخصه فمبدأ سنة كلّ ربح یكون حین ظهوره.

وفصّل صاحب العروة،([4]) وقال باختصاص ملاحظة حال الشـروع فی الاكتساب بمن كان شغله التكسّب، وأمّا مَن لم یكن مكتسباً وحصلت له الفائدة اتّفاقاً فمن حین حصول الفائدة.([5])

ویمكن أن یقال: إنّ الذهاب إلى أحد القولین مبنیّ على ما یستظهر من قوله×: فی الصحیحة «فی كلّ عام» هل هو عام حصول الربح، أو عام التجارة والتكسّب؟ فعلى الأوّل یكون مبدأ السنة ظهور الربح، وعلى الثانی یكون أوّل التجارة والكسب، إلّا أنّه لا ترجیح لأحدهما على الآخر، فلیلاحظ نصوص المؤونة، مثل قوله×: «الخمس بعد المؤونة»، وقوله: «إذا أمكنهم بعد مؤونتهم»، وقوله×: «الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله».

 

فهل الظاهر منها مؤونته طول أیّام التجارة والكسب إلى تمام السنة فیستثنى ما یصرفه فی مؤونته قبل حصول الربح من أوّل شروعه فی الاكتساب، أو ما یصرفه بعد ظهور الربح إلى تمام السنة؟

وأفاد بعض المعاصرین من الأعلام: أنّ قوله×: «الخمس بعد المؤونة» ظاهر فی المؤونة الفعلیّة، واستعمالها فیما انقضى والمؤونة السابقة على زمان حصول الربح لا یصحّ إلّا بنحو من العنایة والتجوّز، إذاً فالمستثنى من الخمس المؤن الفعلیّة.

وأفاد بأنّه لو فرضنا الشكّ فی ذلك یكفینا مجرّد الشكّ فی الحكم بالاقتصار على المؤونة الفعلیّة؛ لأنّ فی المخصّص المنفصل «الخمس بعد المؤونة» الدائر بین الأقلّ والاكثر یجب البناء على المقدار المتیقّن، وهو المؤن المصـروفة بعد ظهور الربح، وأمّا إخراج المؤن السابقة على حصول الربح فهو مشكوك، فنرجع إلى إطلاقات الأدلّة.([6])

أقول: یمكن أن یقال: إنّ المناسبة بین الحكم والموضوع تقتضی إخراج مؤونة زمان الإكتساب والإشتغال بما یترتب علیه حصول الربح دون المؤن اللاحقة الّتی لا ترتبط بحصول الربح، فلو قلنا بظهور المشتقّ وما فی معناه من الجواهر فی الفعلیّة والتلبّس بالمبدأ فی الحال فلیكن ما ذكر قرینة على إرادة الأعمّ.

وأمّا التمسّك بالإطلاقات فی صورة الشكّ، ففیه: أنّه على كلٍّ من القولین

 

یستثنى مؤونة السنة، وإنّما الكلام فی مبدأ السنة، وعلى هذا فالأقرب هو القول المشهور، والله هو العالم.

 

([1]) كما فی مسالك الأفهام، كتاب الخمس، ج1، ص468؛ والروضة البهیة، كتاب الخمس، ج1، ص77؛ ومدارك الأحکام، ج5، ص391؛ وكشف الغطاء، كتاب الزكاة، الباب الخامس فی الخمس، البحث الأوّل، المقام السابع، ج4، ص207؛ وجواهر الکلام، ج16، ص80.

([2]) الدروس الشرعیة، ج1، ص259، كتاب الخمس، الثانی ممّا یجب فیه الخمس.

([3]) الحدائق الناضرة، ج12، ص354، كتاب الخمس الفصل الأوّل، المقام الخامس، المسألة الثانیة.

([4]) وكذلك الشیخ الأنصاری فی كتاب الخمس، ص215، مسألة 11.

([5]) العروة الوثقی، ج4، ص285.

([6]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج24، ص250 ـ 251.

موضوع: 
نويسنده: