جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

تصدیق مدّعی النسب

مسألة 91: حكى فی الجواهر عن اُستاذه فی كشفه([1]) أنّه قال: «یصدّق مدّعی النسب إن لم یكن متّـهماً، كمدّعی الفقر».([2])

وفیه: أنّ الموضوع الّذی یتوقّف الامتثال على إحرازه لا یحرز بمجرّد الادّعاء وأصالة صحّة دعوى المسلم فیما لا یعارضها فیها أحد لا تكفی فی فراغ ذمّة الدافع، بل أقصاه عدم جواز تكذیبه، وعدم الحكم بفسقه فیما یترتّب بنفسه على دعواه.

 

وأصالة صحّة فعله تقتضی الحكم بكون ما أخذه له وترتیب آثار الملكیّة علیه.

وهذا لا یجری فی جواز دفعه إلیه، مضافاً إلى أنّ أصالة الصحّة فی فعل المسلم إنّما تجری إذا لم نكن عالمین بالحال وشككنا فی وجه العمل، أمّا إذا كنّا عالمین بالحال فلا  مجال للتمسّك بأصالة الصحّة؛ لعدم تحقّق موضوعها.

وأمّا القیاس على الفقر فهو مع الفارق؛ وذلك لاستصحاب الفقر وعدم الغنى الّذی هو أمر حادث مسبوق بالعدم، بخلاف الانتساب إلى هاشم فإنّه محكوم بالعدم باستصحاب عدمه الأزلی.

ولا یقال: إنّه معارض باستصحاب عدم الانتساب إلى غیر هاشم.

فإنّه یقال: لا أثر لهذا الاستصحاب، ولا یثبت به الانتساب إلى هاشم إلّا على القول بالأصل المثبت. وعلى هذا فلا بدّ من البیّنة، أو الشیاع الموجب للاطمینان، ویكفی الشیاع فی بلده.

وأمّا الاحتیال بأدائه إلى مجهول الحال الّذی تعرف عدالته بأن یوكّله فی إیصاله إلى مستحقّه على وجه یندرج فیه الوكیل أیضاً، فیمكن أن یقال بالاكتفاء به.

ولا یقال: إنّ حمل فعل الوكیل على الصحّة إنّما یصحّ إذا لم یكن الموكّل عالماً بالحال.

فإنّه یقال: إنّه لا یصحّ إذا كان عالماً بالخلاف، وإلّا فلا  ریب فی أنّه إن أدّاه إلى غیر نفسه ممّن لا یعرفه الموكّل فیكفی علم الوكیل بحاله.

ویمكن أن یقال: إنّ أصالة الصحّة فی عمل الوكیل إنّما تجری فیما إذا أدّاه إلى

 

شخص یحتمل أن یكون مستحقّاً عند الموكّل أیضاً؛ وأمّا إذا یعلم الموكّل أنّه أدّاه إلى من هو مجهول الحال عنده فلا  تجری أصالة الصحّة.

و لكن هذا خلاف الظاهر، لأنّ الموكّل إنّما یوكّل حینما الأشخاص عنده مجهولِی الحال.

إذن فالقول بجواز هذا الاحتیال لا یخلو من وجه، والله هو العالم.

 

([1]) كشف الغطاء، ج2، ص363.

([2]) جواهر الكلام، ج16 ، ص105.

موضوع: 
نويسنده: