جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

الأرض الّتی تملك من غیر قتال

الأرض الّتی تملك من الكفّار من غیر قتال ولم یوجف علیها بخیل ولا ركاب، سواء انجلوا عنها أو مكّنوا المسلمین منها طوعاً وهم فیها، كالبحرین.

ویدلّ علیه صحیح حفص بن البختری عن أبی عبد الله× قال: «الأنفال ما لم یوجف علیه بخیل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأیدیهم، وكلّ

 

أرض خربة، وبطون الاودیة، فهو لرسول الله|، وهو للإمام من بعده یضعه حیث یشاء».([1])

وصحیح ابن مسلم عن أبی عبد الله× أنّه سمعه یقول: «إنّ الأنفال ما كان من أرض لم یكن فیها هراقة دم، أو قوم صولحوا وأعطوا بأیدیهم، وما كان من أرض خربة، أو بطون أودیة، فهذا كلّه من الفیء والأنفال لله وللرسول، فما كان لله فهو للرسول یضعه حیث یحبّ».([2])

وما فی مرسل حمّاد بن عیسى عن العبد الصالح× قال: «وله بعد الخمس الأنفال والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها، وكلّ أرض لم یوجف علیها بخیل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحاً...، وكلّ أرض میتة لا ربّ لها، وله صوافی الملوك ما كان فی أیدیهم من غیر وجه الغصب، لأنّ الغصب كلّه مردود، وهو وارث من لا وارث له، یعول من لا حیلة له». الحدیث.([3])

وقال فی الجواهر: «إلى غیر ذلك من الأخبار المعتبرة المستفیضة جدّاً، بل ظاهر بعضها كالصحیح المتقدّم أن كل ما لم یوجف علیه بخیل ولا ركاب من الأنفال لا خصوص الأرض منه كما هو ظاهر المصنّف وغیره من الأصحاب».([4])

 

وفی المستمسك نفى ذلك الإطلاق وقال: « وإطلاق بعضها ـ كالمصحّح ـ وإن كان یشمل الأرض وغیرها لكنّه مقیّد بما هو مقیّد بها الوارد فی مقام الحصـر والتحدید، فإنّ وروده كذلك یستوجب ثبوت المفهوم له وهو النفی عن غیر الأرض فیحمل المطلق فی الإثبات علیه».([5])

ولكن الشیخ قال: «وظاهر موثّقة سماعة وحسنة ابن أبی عمیر دخول كلّ ما لا یوجف علیه بخیل ولا ركاب فی الأنفال وإن لم یكن أرضاً وهو صریح صحیحة ابن وهب الآتیة فی الغنیمة بدون إذن الإمام ونسبه بعض المعاصرین إلى الأصحاب».([6])

ومراده من الموثّقة ما رواه فی التهذیب بإسناده عن سماعة قال: «سألته عن الأنفال؟ فقال: كلّ أرض خربة أو شیء یكون للملوك فهو خالص للإمام ولیس للناس فیها سهم، قال: ومنها البحرین لم یوجف علیها بخیل ولا ركاب».([7])

إلّا أنّ استفادة الإطلاق منها محل التأمّل بل المنع. نعم، حسنة ابن أبی عمیر وهو صحیح حفص ابن البختری مطلق كما أفاده فی الجواهر.

ومراده من صحیحة ابن وهب ما رواه معاویة بن وهب قال: «قلت لأبی

 

عبد الله×: السریّة یبعثها الإمام فیصیبون غنائم، كیف یقسّم؟ قال: إن قاتلوا علیها مع أمیر أمّره الإمام علیهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسّم أربعة أخماس، وإن لم یكونوا قاتلوا علیها المشركین كان كلّ ما غنموا للإمام یجعله حیث أحبّ».([8])

ومراده من بعض المعاصرین صاحب الجواهر+.

وعلى هذا یقع التعارض بین ما یظهر منه اختصاص الأنفال بالأرض لأجل ظهوره فی التحدید وصحیح ابن وهب الّذی هو صریح فی إطلاق الحكم، ویمكن الجمع بینهما بأنّ ما دلّ على التحدید یكون بالنسبة إلى الأراضی، والله هو العالم.

ثم إنّه مقتضى موثقة سماعة أنّ البحرین ممّا لم یوجف علیه بخیل ولاركاب وربما یؤیّده ما رواه ابن أبی عمیر عن الحكم بن علباء الأسدی،([9]) إلّا أنّ الشیخ ذكر أنّ المذكور فی كتاب الإحیاء([10]) أنّ البحرین أسلم أهلها طوعاً، فهی كالمدینة المشرّفة أرضها لأهلها، وقد صرّح فی الروضة بالأوّل فی الخمس([11]) وبالثانی فی إحیاء الموات،([12]) فلعلّه غفلة.

 

أقول: قال فی التذكرة فی إحیاء الموات:

قسّم علماؤنا الأراضی أقساماً أربعة (إلى أن قال): الثالث: أرض من أسلم أهلها علیها طوعاً كأرض مدینة الرسول| والبحرین وهذه الأرض لأربابها یملكونها على الخصوص ولیس علیهم فیها شیء سوى الزكاة إذا حصلت شرائط الوجوب. ولو تمّ ذلك یكون قرینة على أنّ ما فی ذیل موثقة سماعة لیس من كلام الإمام× والله هو العالم.

 

([1]) الکافی، ج1، ص539؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 1، ح 1، ج6، ص364.

([2]) تهذیب الأحکام، ج4، ص133، 149؛ وسائل الشیعة، ب1، ح10، ج6، ص367.

([3]) الکافی، ج1، ص541 ـ 542؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص130؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح4، ج6، ص365.

([4]) جواهر الكلام، ج 16، ص117.

([5]) مستمسك العروة الوثقی، ج9، ص597.

([6]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص349.

([7]) تهذیب الأحکام، ج4، ص133؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح 8، ج6، ص367.

([8]) الكافی، ج5، ص43، ح1؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح3، ج6، ص365.

([9]) الاستبصار، ج2، ص58؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص137؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح 13، ج6، ص368.

([10]) كما فی تذکرة الفقهاء، ج2، ص402؛ ومفاتیح الشرائع، ج3، ص22، وغیرهما.

([11]) الروضة البهیة، ج2، ص84.

([12]) الروضة البهیة، ج7، ص139.

موضوع: 
نويسنده: