جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

ما یغنم بغیر إذن الإمام×

ومنها: ما یغنمه المقاتلون فی سرّیة أو جیش بغیر إذنه×. قال فی الجواهر: «فهو من الأنفال له× على المشهور بین الأصحاب نقلاً وتحصیلاً».([1])

وقال الشیخ: «المعروف بین المشایخ الثلاثة وأتباعهم ـ قدّس الله أسرارهم ـ أنّ ما یغنمه المقاتلون بغیر إذن الإمام× فهو للإمام× خاصّة. وعن الحلّی([2])

 

دعوى الإجماع علیه.

والأصل فیه مرسلة العبّاس الورّاق([3]) إذا غزا قوم بغیر إذن الإمام× فغنموا كانت الغنیمة كلّها للإمام×، وإذا غزوا بأمر الإمام× فغنموا كان للإمام الخمس.([4])

وسندها سند منجبر بعدم معروفیة الخلاف، بل عن المنتهى([5]) والمسالك([6]) أنّه مذهب الأصحاب».([7])

وأمّا الاستشهاد لذلك بصحیح معاویة بن وهب المتقدّمة:

قال: «قلت لأبی عبد الله×: السرّیة یبعثها الإمام فیصیبون غنائم، كیف یقسّم؟ قال: إن قاتلوا علیها مع أمیر أمّره الإمام علیهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسّم بینهم أربعة أخماس، وإن لم یكونوا قاتلوا علیها المشـركین كان كلّ ما غنموا للإمام یجعله حیث أحب».([8])

 

فقد أفاد الشیخ بأنّه لا دلالة له على المطلوب إلّا باعتبار مفهوم القید فی قوله: «أمّره الإمام» مع تأمّل فیه أیضاً، لأنّ المفروض أنّ ضمیر «قاتلوا» راجع إلى السریّة الّتی یبعثها الإمام، فالقید لا یكون للتخصیص قطعا».([9])

ویمكن أن یقال: إنّه لو لم یكن قوله×: «مع أمیر أمّره الإمام» للمفهوم كان یكفی الجواب أن یقول: إن قاتلوا أخرج الأمیر منها الخمس.

ولكنّ الظاهر أنّ من التصریح بذلك منه× یستفاد أنّ الغنیمة إذا حصلت مع الأمیر الّذی أمّره الإمام إن حصلت بالقتال فالأمیر یقسمه كما ذكر، وإن حصلت بغیر القتال فهی للإمام×. إذن فما حصل بالقتال لا مع أمیر أمّره الإمام یكون للإمام فإنّه إن قسّم بالتخمیس المذكور أو كان كلّه للمقاتلین یلزم لغویّة القید، أو كون حال المقاتل الّذی قاتل تحت أمر غیر الإمام أحسن حالاً من غیره. وأمّا الغنیمة الّتی تحصل بغیر القتال تحت رایة غیر الإمام فهی بالأوّلویّة تكون له.

ومع ذلك حكی عن صاحب المدارك([10]) أنّه استجود ما حكی عن المنتهى([11]) من تقویة مساواة هذه الغنیمة غیرها من الغنائم فی أنّها لیس فیها إلّا الخمس، وذلك لإطلاق الآیة وضعف الروایة. وما رواه الشیخ عن سعد بن عبد الله([12])

 

عن علیّ بن إسماعیل([13]) ... عن الحلبی عن أبی عبد الله× فی الرجل من أصحابنا یكون فی لوائهم فیكون معهم فیصیب غنیمة؟ فقال: «یؤدّی خمسها ویطیب له».([14])

وقد عبّر الشیخ الأنصاری عن هذا الصحیح بالحسنة.

وقال بعدم مقاومتها للمرسلة من حیث العمل، قابلة للحمل على تحلیل الإمام× ما عدا الخمس له، كما أنّه حلّل الكلّ فی زمان الغیبة على قول یأتی، مع احتمال حملها على التقیّة.

ثم إنّه بعد ما ذكر كلام العلّامة فی المنتهى([15]) الظاهر فی تقویته قول الشافعی بمساواة ما یغنم بغیر الإذن بما یغنم بالإذن. قال: إنّ المحكیّ عنه (أی العلّامة) فی موضعین من كتاب الجهاد موافقة المشهور، وقال: إنّ كلّ من غزا بغیر إذن الإمام فغنم كانت غنیمته للإمام عندنا.([16])

وقال ثمّ إنّ ظاهر المرسلة وظاهر أكثر الفتاوى بل صریح بعض: عدم وجوب الخمس فی هذه الغنیمة وكون الجمیع للإمام. وصرّح فی الروضة([17])

 

بوجوب الخمس فیه، ولا یبعد أن یكون مراده وجوب الخمس على المغتنم بدون إذن الإمام إذا حلّل الإمام ذلك له، كما نقول به فی زمان الغیبة، لا أنّ الإمام× لا یملك إلّا أربعة أخماس تلك الغنیمة، والخمس الآخر مشترك بینه وبین قبیله وإن كان ظاهر الآیة الخ.([18])

وعلى ذلك كلّه فالأقوى فی أصل المسألة هو القول المشهور وفی تعلّق الخمس به فالأحوط فی عصر الغیبة للفقیه أداء سهم السادة من خمس هذه الغنیمة، والله هو الهادی إلى الصواب ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

 

([1]) جواهر الكلام، ج16، ص126.

([2]) السرائر، ج1، ص497 ـ 498، ص4، ولیس فیه دعوى الإجماع؛ وحكاه السبزواری فی ذخیرة المعاد، ص498.

([3]) ثقة من أصحاب یونس من السادسة.

([4]) تهذیب الأحکام، ج4، ص135؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 1، ح 16، ج6، ص369.

([5]) منتهى المطلب، ج1، ص554.

([6]) مسالك الأفهام، ج1، ص474.

([7]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص361 ـ 362، ومراده من المشایخ الثلاثة الشیخ المفید والشیخ الطوسی والسیّد المرتضى رحمهم الله وانظر كلام الشیخ فی المبسوط، ج1، ص263؛ ونسب القول إلیهم أیضاً فی المعتبر، ج2، ص635؛ وتابعهم المهذب، ج1، ص186؛ والوسیلة ، ص202.

([8]) الكافی، ج5، ص43، ح1؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح3، ج6، ص365.

([9]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص362.

([10]) مدارك الأحکام، ج5، ص418.

([11]) منتهى المطلب، ج1، ص554.

([12]) من كبار الثامنة جلیل القدر صاحب التصانیف.

([13]) من الرابعة أو الخامسة وجه اصحابنا وفقیههم.

([14]) تهذیب الأحکام، ج 4، ص124، کتاب الزكاة، ب 35، ح 14، ص357؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب2، ح8، ج6، ص340.

([15]) منتهى المطلب، ج1، ص554.

([16]) منتهى المطلب، ج2، ص947، 954.

([17]) الروضة البهیة، ج2، ص65.

([18]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص363 ـ 364.

موضوع: 
نويسنده: