جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

المعادن

ومنها المعادن، على المحكیّ عن الشیخین فی المقنعة والنهایة والدیلمی والقاضی والكلینی والقمی. وفی الجواهر: «واختاره فی الكفایة كما عنه فی الذخیرة، بل هو ظاهر الاُستاذ فی كشفه أیضاً من غیر فرق بین ما كان منها فی أرضه أو غیرها، وبین الظاهرة والباطنة.([1])

ویدلّ علیه ما رواه القمی فی تفسیره عن أبیه عن فضالة بن أیّوب([2]) عن أبان بن عثمان([3]) عن إسحاق بن عمّار([4]) قال: سألت أبا عبد الله× عن الأنفال؟ فقال: هی القرى الّتی قد خربت وانجلى أهلها، فهی لله وللرسول|، وما كان للملوك فهو للإمام×، وما كان من الأرض الخربة (أرض الجزیة) لم یوجف علیه بخیل ولا ركاب، وكلّ أرض لا ربّ لها والمعادن منها، ومن مات لیس له مولى فماله من الأنفال.([5])

وما عن العیّاشی فی تفسیره عن أبی بصیر عن أبی جعفر×  وفیه قال: «منها

 

المعادن».([6]) وعن داود بن فرقد عن أبی عبد الله×  وفیه فی عدّ ما هو من الأنفال قال: «والمعادن».([7])

واستشكل فی دلالة موثّق إسحاق بن عمّار باحتمال كون «منها» فیه قیداً للمعادن الواقعة فی كلّ أرض لا ربّ له فیختصّ الحكم بها، مضافاً إلى أنّ المحكیّ عن بعض النسخ كما قاله الشیخ (فیها) بدل (منها) وإن قال: ولا یخفى ضعف الاحتمالین.

أقول: لم یظهر لی ضعفهما سیّما الأوّل.

والقول الآخر فی المسألة: كون الناس فی المعادن شرعاً سواء، حكاه فی الجواهر عن النافع والبیان قال: بل حكاه فی الروضة عن جماعة للأصل والسیرة وإشعار إطلاق أخبار الخمس([8]) فی المعادن، ضرورة أنّه لا معنى لوجوبه على الغیر وهی ملك للإمام×، ولأنّ ذلك یدل على أنّ الباقی للمالك یختصّ به بأصل الشـرع لا بتحلیل الإمام×، إلّا إنّ یقال: إنّ ذلك یجری فی المعادن الواقعة فی أرض الأنفال دون غیرها وكیف كان فهذا القول مبنیّ على ورود الإشكال على دلالة موثق إسحاق بن عمّار.

والقول الثالث: التفصیل بین أرضه أی الإمام وغیرها. وهو المحكیّ عن

 

الحلّی والعلّامة فی المنتهى والتحریر والشهید فی الروضة وغیرهم([9]) وعلى هذا اختصاص المعادن بالإمام×  یكون تبعاً لماله من الأرض، فما دلّ من الروایات عدا الموثّق محمول على ذلك. مضافاً إلى ضعف السند. وأمّا الموثق فدلالته على أزید من كون المعادن الواقعة فی أرضه مختصّة به محلّ الإشكال، أمّا إذا كان لفظه (فیها) فظاهر، وإذا كان «منها» فالظاهر أنّ الضمیر عائد إلى الأرض سیّما مع قربها إلیه. وعن الریاض بأنّه لو رجع إلى الأنفال دون الأرض یستلزم أن تكون الواو للاستیناف مع أنّ الأصل فیها العطف، خصوصاً وهو مغنٍ عن قوله «منها» إلّا أن یقال بأنّها للعطف أیضاً، لكن عطف الجمل دون المفرد، بل یمكن أن یقال: إنّ قوله «منها» خبر عن المعادن وما قبلها من الأرض الخربة والّتی لا ربّ لها، بل لعلّه الظاهر من متن الخبر بقرینة ما قبله وما بعده.

أقول: الإنصاف أنّ القول برجوع الضمیر إلى الأنفال دون الأرض الّتی لا ربّ لها مشكل، فالقدر المتیقن ممّا یستفاد من لفظ الحدیث هو المعادن من أرضه×، والمؤیّد لذلك أنّ الأخبار الكثیرة المرویّة فی الاُصول المعتمدة الواردة فی الخمس فی المعادن خالیة عن الإشارة إلى ذلك لو لم نقل بأنّها ظاهرة فی كون الناس فیها شرعاً سواء.

اللّهمّ إلّا أن یقال: إنّها ظاهرة فی ذلك حتى بالنسبة إلى أرضه، ولعلّ الأقوى بالنظر: أن تكون أخبار خمس المعادن بیاناً لحكم ما یحصله الشخص من المعدن

 

سواء كان المعدن ملكاً لشخص خاصّ تبعاً لملكیّته لأرضه أو للإمام×  كذلك. والحاصل على ذلك كلّه: أنّ المعدن إذا كان واقعاً فی الأرض الّتی هی ملك للإمام×  كأرض الموات أو الّتی لم یوجف علیها بخیل ولا ركاب أو كان فی الأرض الّتی هی ملك لشخص خاصّ، فهو لمالكها الإمام× أو الشخص الخاصّ. وكذا إذا كان فی الأرض الموقوفة، إلّا أن یقال بعدم كونه تابعاً للوقف. وبعد ذلك كلّه قال فی الجواهر: المسألة غیر سالمة الإشكال، والاحتیاط الّذی جعله الله ساحل بحر الهلكة فیها مطلوب.

 

 

([1]) جواهر الكلام، ج 16، ص129.

([2]) ثقة ممّن أجمع اصحابنا... ومن السادسة.

([3]) من الخامسة راجع فیه جامع الرواة وغیره.

([4]) ثقة شیخ أصحابنا من الخامسة، راجع فیه أیضاً جامع الرواة.

([5]) تفسیر القمی، ج1، ص254؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 1، ح20، ج6، ص371.

([6]) تفسیر العیّاشی، ج2، ص48؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح28، ج6، ص372.

([7]) وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب1، ح32، ج6، ص372.

([8]) وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب3، ج6، ص342 ـ 344.

([9]) كما فی جواهر الکلام، ج16، ص129 ـ 130.

([10]) الکافی، ج7، ص169؛ وسائل الشیعة، ب4، ح1و2، ج17، ص551 ـ 552.

([11]) معرب (همشهرى) الفارسیة.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: