پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

تعلّق النهی بالكفّ أو الترك؟

لا یخفى علیك: أنّه وإن وقع النزاع بینهم فی أنّ متعلّق الطلب فی النهی هل هو الكفّ،([1]) أو مجرّد الترك وأن لا یفعل؟([2]) ولكن لا وقْع لهذا النزاع بعدما حقّقنا معنى الأمر والنهی بأنّ مفاد النهی لیس الطلب حتى یأتی هذا النزاع بأنّه طلب الكفّ أو مجرّد الترك، بل مفاده إنّما هو الزجر عن وجود الطبیعة.

ولا یمكن أن یقال: یصحّ جریان هذا النزاع من جهة الأمر بالنقیض الّذی ینتزع

 

من النهی، كما ذكر فی مبحث الضدّ بالنسبة إلى الأمر([3]) ـ فی مقام بیان ملاك القول بعینیة الأمر بالشیء للنهی عن ضدّه ـ بأنّه وإن كان حقیقة الأمر البعث إلى الوجود ولكن ینتزع منه النهی عن نقیضه وهو العدم، لا بمعنى أنّ هذا النهی مغایر للأمر ولا بمعنى عینیته للأمر بل هو متّحد مع الأمر بنحو من أنحاء الاتّحاد بحیث ینتزع العقل من الأمر ذلك ویحكم باتّحادهما وجوداً وحمل أحدهما على الآخر بالحمل الشائع الصناعی الّذی ملاكه الاتّحاد فی الوجود، فالأمر یكون غیر النهی المنتزع منه مفاداً ومفهوماً ومتّحداً معه مصداقاً.

لأنّه یقال: وإن كان لا مانع من تصویر ذلك فی النهی أیضاً ببیان أنّ النهی وإن كان حقیقته الزجر عن وجود الطبیعة ولكن ینتزع العقل من النهی الأمر بالنقیض وهو عدم الطبیعة، لكن لا بمعنى أنّ هذا عین النهی ولا أنّ هذا مغایر له بل هو متّحد معه بنحو من أنحاء الاتّحاد وینتزع ذلك منه عقلاً؛ ولكن لا یفید ذلك لإجراء البحث المذكور، فإنّ الأمر المنتزع عن النهی لیس متعلّقه إلّا عدم الطبیعة ولا یقیّد بكونه عدم الخاصّ أی عدم الطبیعة الملازم للرغبة إلى الوجود؛ لأنّ نقیض الوجود العدم المطلق لا المقیّد. والحاصل: أنّ النهی لا یتّحد مع الكفّ أصلاً حتى یأتی النزاع المذكور، فتدبّر.

 

([1]) الفخر الرازی، المحصول فی علم اُصول الفقه، ج2، ص302؛ شرح العضدی علی مختصر ابن الحاجب، ص208-209.

([2]) القمّی، قوانین الاُصول، ج1، ص137؛ الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص120؛ الخراسانی، کفایه الاُصول، ج1، ص232.

([3]) تقدم فی الصفحة 206 ـ 207.

موضوع: 
نويسنده: