پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

الأمر الثانی: فی المراد من الإمكان

فی بیان ما هو مرادهم من الإمكان المذكور فی عنوان البحث، فنقول:

إعلم: أنّه تارة: یطلق الإمكان، ویراد منه الإمكان الذاتی وهو على قسمین:

أحدهما: الإمكان الذاتی الخاصّ ویطلق على ما كان ممكناً ذاتاً ولیس فیه اقتضاء الوجود ولا اقتضاء العدم، وفی مقابله الوجوب الذاتی الّذی یطلق على ما كان بحسب ذاته ضروریّ الوجود، والامتناع الذاتی الّذی یطلق على ما كان بحسب ذاته ضروریّ العدم.

ثانیهما: الإمكان الذاتی العامّ ویطلق على ما كان سلب أحد طرفی الوجود والعدم

 

فیه ضروریاً، وسلب ضرورة طرف الوجود یجامع الامتناع والإمكان، وسلب ضرورة طرف العدم یجامع الوجوب والإمكان.

واُخرى: یطلق الإمكان ویراد منه الإمكان الاستعدادی وهو تهیّؤ الشـیء لیصیر شیئاً آخر، باعتبار نسبته إلى الشیء المستعدّ له، كما یقال: الإنسان یمكن أن یوجد فی النطفة. وهذا غیر الاستعداد، فإنّه یقال على تهیّؤ الشـیء باعتبار نسبته إلى الشـیء المستعدّ، كما یقال: إنّ النطفة مستعدّة للإنسانیة.

وثالثة: یطلق ویراد منه الإمكان المذكور فی کلام الشیخ الرئیس وهو الاحتمال،([1]) ویعبّر عنه فی لسان الاُصولیّین بالإمكان الذهنی.

ورابعة: یطلق ویراد منه الإمكان الوقوعی بالمعنى المصطلح عند الاُصولیّین، وهو كون الشیء بحیث لا یلزم من فرض وقوعه ولا وقوعه محال، وفی مقابله الوجوب والامتناع الوقوعیّان. وأهل المعقول یعبّرون عن هذا الإمكان أیضاً بالإمكان الاستعدادی.

وربما یطلق الإمكان ویراد منه الإمكان الاستقبالی؛ لأنّ الشـیء بوجود علّته یكون ضروریّ الوجود وبعدمها ضروریّ العدم، فلا یصحّ إطلاق الإمكان علیه إلّا بلحاظ الاستقبال.([2])

وفیه: أنّه لا تفاوت بین إطلاق الإمكان بلحاظ الحال وإطلاقه بلحاظ الاستقبال؛ لأنّه بلحاظ الاستقبال أیضاً یكون ضروریّ الوجود بوجود علّته وضروریّ العدم بعدمها.

 

وكیف كان لا إشكال فی أنّ مرادهم من الإمكان المذكور فی كلماتهم فی المقام لیس هو الإمكان الذاتی بكلا معنییه، ولا الإمكان الاستعدادی، ولا الإمكان المذكور فی کلام الشیخ الرئیس، بل هو الإمكان الوقوعی،([3]) فتدبّر.

 

([1]) وعبارته: «كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره فی بقعة الإمكان ما لم یذدك عنه قائم البرهان». ابن سینا، الإشارات والتنبیهات،  ج3، ص418، النمط العاشر فی أسرار الآیات، نصیحة.

([2]) انظر تفصیل البحث فی أقسام الإمكان فی «نهایة المرام فی علم الكلام» للعلّامة الحلّی المطبوع مع تحقیقنا (ج1، ص110 وما یلیها). وأیضاً شرح الإشارات (الخواجة نصیر الدین الطوسی، ج1، ص151) وما بعدها؛ والمباحث المشـرقیة (الفخر الرازی، ج1، ص211)؛ ونقد المحصّل (الخواجة نصیر الدین الطوسی، ص106).

([3]) كما فی نهایة الأفكار للعراقی، القسم الأوّل، من الجزء الثالث، ص56.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: