پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

نقد کلام الشیخ الأنصاری

أقول: أمّا الإجماع القولی على حجّیة خبر الواحد.

ففیه: أوّلاً: لو فرض تحقّق الإجماع القولی، فهو إنّما یفید صحّة المجمع علیه إذا لم یكن من المسائل الفرعیة. وأمّا إذا كان من المسائل الفرعیة الّتی استنبطوا حكمها من الاُصول ومن باب تطبیق الكبرى على الصغرى وردّ الفرع على الأصل، فلا یفید صحّة المجمع علیه، لعدم كشف ذلك عن وجود دلیلٍ معتبرٍ، ولعدم كونه موجباً للحدس وحصول القطع برأی الإمام×.

كما أنّه لا حجّیة للإجماع إذا كان المجمع علیه من المسائل العقلیة، ولذا نرى أنّ قدماء العلماء من أهل المعقول وغیرهم من قبل الإسلام إلى عصـرنا هذا أجمعوا على كون الصوت مثلاً غیر قارٍّ بالذات، مع أنّه قد ثبت فی عصـرنا هذا خلاف ذلك بالحسّ.

وثانیاً: لا طریق لتحصیل ذلك الإجماع على الوجه الأوّل الّذی ذكره؛ فإنّا بعد تتبّع

 

کلمات العلماء لم نظفر على کلمات القائلین بحجّیة الخبر إلّا قلیل منهم.

وأمّا ثبوته من طریق تتبّع الإجماعات المنقولة.

فهو أیضاً كذلك؛ فإنّ مجرّد نقل بعض العلماء الإجماع على ذلك مع كون حالهم فی الظفر بأقوال العلماء حالنا، وعدم عثورهم على أقوال كثیر من العلماء، بل ربما یمكن أن یكون الظفر بأقوال العلماء فی زماننا أسهل من زمانهم، كما لا یخفى.

هذا مضافاً إلى أنّ الإجماع الّذی ادّعاه الشیخ  ـ رضوان الله‏ علیه ـ كما أفاد الشیخ الأنصاری+ لا یفید إجماع من بعده من العلماء واتّفاقهم على ذلك، وهكذا إجماع غیره ممّن ادعى الإجماع.

ومضافاً إلى أنّ الشیخ لم یدع الإجماع القولی، بل ادعى الإجماع العملی كما ینادی بذلك قوله: «والذی یدلّ على ذلك إجماع الفرقة» إلى قوله: «إلى زمان جعفر بن محمد÷ الّذی انتشر منه العلم وكثرت الروایة من جهته».

وهكذا السید الجلیل رضیّ الدین بن طاوس والعلّامة والمجلسی+ فإنّهم إنّما ادّعو الإجماع العملی لا القولی.

وأمّا ادّعاء إجماع المسلمین على العمل بالخبر، وادّعاء إجماع الصحابة كما ادّعاه الشافعی فغیر مفیدٍ لعدم تحقّق إجماع المسلمین ولا الصحابة على العمل بالخبر بما أنّهم مسلمون، بل بما أنّهم عقلاء. نعم، لو ثبت إجماعهم على العمل بخصوص الأخبار المدوّنة فی الكتب المعروفة یمكن دعوى ذلك.

وأمّا ادّعاء الإجماع على حجّیته حتى من السیّد+ وأتباعه، لانسداد باب القطع بالأحكام بالنسبة إلى زماننا دون زمانه بأنّه ذهب إلى عدم حجّیة الخبر فی مثل زمانه دون زماننا.

ففیه: أنّه لا فرق فی انسداد باب القطع والعلم بین زماننا وزمانه بل وزمان المعصومین^، لعدم تمكّن المسلمین الساكنین فی البلاد النائیة والممالك البعیدة غالباً

 

من درك فیض حضورهم وسعادة زیارتهم، فلم یكن لهم طریقٌ إلّا الروایات الواردة عنهم. مع أنّ الروایات ما كانت مجموعة ومضبوطة مثل زماننا، بل ربما كان عند أحدٍ حدیثٌ وعند الآخر حدیثان وعند غیره أزید أو أقلّ، بخلاف زماننا فإنّ الجوامع الأربعة وغیرها من الكتب تكون بید أكثر أهل العلم، فیمكن أن یدّعى أنّ إنفتاح باب العلم فی زماننا هذا تكون دائرته أوسع من زمان السیّد+ وأتباعه.

وكیف كان، فالإنصاف عدم تمامیة هذه الوجوه لإثبات حجّیة الخبر.

ومثلها الآیات والأخبار، فإنّ استفادة حجّیته ـ ولو إمضاءً ـ من الآیات لا تخلو من إشكالٍ.

وأمّا الأخبار فاستفادة ذلك منها لا تكون إلّا إمضاءً من باب عدم الردع بعد قیام سیرة العقلاء على العمل بالخبر كما تدلّ علیه روایاتٌ كثیرةٌ دالةٌ على عمل الأصحاب بالخبر بمرئى ومسمعٍ من المعصومین^ مع أنّهم لم یردعوهم عن ذلك.

وكیف كان، فما هو عمدة الدلیل فی باب حجّیة الخبر بل ربما یرجع إلیه أكثر الأدلّة ـ الّتی أقاموها على حجّیة الحجج ـ هو بناء العقلاء.

موضوع: 
نويسنده: