جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

الأمر الثالث: المراد من المرفوع فی غیر «ما لا یعلمون»

والّذی ینبغی أن یقال: إنّه بعد التأمّل فی الحدیث الشریف یعلم أنّ إسناد الرفع إلى جمیع المذكورات لیس على سیاقٍ واحدٍ، فینبغی إفراد كلّ واحدٍ منها عن الآخر.

ونقدّم الكلام فی غیر «ما لا یعلمون» فنقول: أمّا رفع الطیرة، والحسد، والتفكّر فی الخلق، فالمراد برفعها رفع هذه العناوین حقیقةً فی عالم التـشریع، وعدم ملاحظتها موضوعاً لحكم شرعیّ مع وجودها فی عالم التكوین. فهذه الثلاثة جعلت فی عالم التشریع كأن لم تكن وكما لو لم توجد، فلم یترتّب علیها حكمٌ، ولم یتعلّق بها نهیٌ.

 

فالمراد من رفعها رفع حكمها بلسان نفی موضوعها. وبعبارةٍ اُخرى: رفع تأثیرها فی الحكم بتحریمها باعتبار نفیها وعدمها.

وأمّا ما اضطرّوا إلیه، وما استكرهوا علیه، والنسیان، والخطأ، فیمكن أن یكون رفعها برفع الحكم التكلیفی أو رفع جمیع الآثار حتى یشمل آثارها التكلیفیة والوضعیة.

وهذا هو الأقرب وإن كان ربّما یستبعد ذلك بملاحظة أنّ رفع الحكم الوضعیّ فیما اضطرّوا إلیه یكون على خلاف الامتنان، مع أنّ الحكم امتنانیٌّ لأجل التوسعة على العباد.

ولكن یمكن دفع هذا بأنّ الاضطرار تارة یكون إلى النتیجة، كما لو باع ماله لتحصیل نقدٍ یدفعه للظالم لیخلّص ابنه من السجن، أو احتاج إلیه لدفعه إلى غریمه، ففی مثل هذا رفع الاضطرار مخالفٌ للامتنان. بخلاف ما إذا اضطرّ إلى السبب، كالبیع مثلاً، فإنّه یكون رفعه موافقاً للامتنان. والمراد بما اضطرّ إلیه هو القسم الثانی، لا الأوّل.

موضوع: 
نويسنده: