جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

حدیث: «کلّ شیء مطلق...»

ومنها: ما أرسله الصدوق عن مولانا الصادق× قال: «كلَّ شیءٍ مطلقٌ حتّى یرد فیه نهی».([1])

 

ودلالته على المطلوب موقوفةٌ على كون المراد من الورود: العلم ـ أو ما بحكمه ـ بالنهی حتى یكون مفاده بیان حكم مجهول الحكم والمشكوك فی كونه منهیّاً عنه. بخلاف أن یقال: إنّ المراد من الورود الورود الأوّلی الواقعی، فإنّه إخبارٌ عن أنّ الأشیاء بحسب الواقع ونفس الأمر إنّما تكون على الإباحة حتى یرد فیها النهی، فیكون مفاده الإخبار بأنّ الأصل قبل الـشرع هو الإباحة لا الحظر. وحیث إنّ الظاهر من حال الشارع كونه فی خطاباته وإلقاءاته الكلّیة فی مقام التشـریع دون الإخبار فلا یبعد استظهار كون المراد منه: بیان الحكم الظاهری وتكلیف الشاكّ فی الحكم الواقعی.

ولكن یمكن أن یقال: إنّه على الاحتمال الثانی أیضاً یمكن كونه فی مقام التـشریع وبیان الإباحة الشرعیة لجمیع الأشیاء حتى یكون الحدیث دلیلاً على أنّ الأصل الأوّلی العقلی وإن كان الحظر إلّا أنّ الأشیاء کلّها بحكم الـشرع محكومةٌ بالإباحة الواقعیة الشـرعیة حتى یرد النهی من الشارع وتصیر محكومةً بالحرمة. وعلیه یكون ما ورد من النهی عن الأشیاء مخصِّصا لعموم مثل هذا الدلیل. ولا تعارض بینه وبین أدلّة الاحتیاط ولا ما یدلّ على الأحكام الظاهریة؛ لأنّ موردهما الشكّ فی النواهی الواردة على هذا الأصل، بخلاف ما إذا كان المراد الاحتمال الأوّل فإنّه یقع التعارض بینه وبین أدلّة الاحتیاط.

وكیف كان، فالقائل باستظهار الأوّل هو الشیخ،([2]) والقائل بالثانی هو المحقّق الخراسانی.([3]) وقد أورد هو على نفسه بأنّ مطلوب من یقول بالأوّل یحصل على القول

 

بالثانی أیضاً؛ لأنّه علیه بمقتضى الحدیث إمّا أن یكون عالماً بورود النهی فالحكم الحظر، وإمّا أن یكون عالماً بعدم وروده فالحكم الإباحة، وإن شككنا فی وروده فبضمّ أصالة عدم الورود تثبت الإباحة. فنتیجة الاستظهارین تكون واحدةً.

وأجاب عن هذا الإیراد بأنّ الحكم بالإباحة على الأوّل یكون لأجل أنّه مجهول الحرمة ظاهراً وهو حكمٌ ظاهریٌ وعلى الثانی یكون بعنوان أنّه لم یرد فیه النهی واقعاً.

فإن قلت: لا فرق فی الحكم بالإباحة بین أن یكون بهذا العنوان أو بذاك، فالمكلّف غیر ممنوع من ارتكاب ما وقع فیه.  قلت: یحصل الفرق فی مجهولی التاریخ ـ إذا ورد النهی فی زمانٍ ثم نسخ بالإباحة فی زمانٍ آخر، أو بالعكس وجهل المتقدّم والمتأخّر منهما ـ حیث لا یمكن إجراء الأصل لإثبات کلّ واحدٍ منهما للتعارض، كما علیه الشیخ، أو لعدم تحقّق أركان الاستصحاب فی مجهولی التاریخ، فعلى القول الأوّل فیما هو مفاد الحدیث نقول بالإباحة، و على الثانی یشكل إجراء استصحاب عدم ورود النهی، لما ذكر على المبنیین.

فإن قلت: إن لم یمكن إجراء استصحاب عدم ورود النهی فی الفرض، یمكن إثباته بعدم القول بالفصل بین المشتبهات.

قلت: إثبات الإباحة لهذا الفرض لإثباتها فی غیره بالاستصحاب بتوسیط عدم القول بالفصل، لایصحّ إلّا على القول بالأصل المثبت؛ لأنّ هذه الواسطة لیست بأمرٍ شرعیٍّ یثبت بالأصل الجاری فی غیر محلّ الفرض، كما هو المفروض.

ولكن یمكن أن یقال: نعم، یتمّ ما ذكر لو كان الإیراد مبنیّاً على القول بعدم الفصل بین المشتبهات، فیلزم إمّا رفع الید عن الاستصحاب فی مجهولی التاریخ والقول بعدم إثبات الإباحة مطلقاً، أو القول بإجرائه فیه والقول بالإباحة مطلقاً، فتأمّل جیّداً. 

 


([1]) الصدوق من لا یحضره الفقیه، ج1، ص317، ح22، ب 45 فی وصف الصلاة؛ الحرّ العاملی، وسائل الشیعة، أبواب صفات القاضی، ج27، ص173-174، ب12، ح67؛ البروجردی، جامع أحادیث الشیعة، أبواب المقدّمات، ج1، ص328، ح613، ب8 ، ح15.

([2]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ص199.

([3]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص177.

موضوع: 
نويسنده: