شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

التنبیه الثالث: حكم الزیادة العمدیة والسهویة

إعلم: أنّ زیادة الجزء بما أنّه جزء لا یضرّ بالمركّب؛ لأنّ الجزء ما له دخل فی تحقّق المركّب، سواء حصل فی ضمن وجود أو وجودین أو أكثر، فالمركّب یتحقّق بوجود طبیعة الجزء وإن كثرت أفراده، فالزائد على الفرد الأوّل یكون لغواً لا مبطلاً وقاطعاً ولا مانعاً.

فالشكّ فی زیادة الجزء كالیقین بها لا حكم له.

نعم، إذا كان الشكّ ـ فی زیادة الجزء ـ راجعاً إلى الشكّ فی كونها مانعة أم لا؟ یجری فیه حكم الشكّ فی الجزء والشرط، فالأصل البراءة العقلیة والنقلیة منه، بناءً على أنّ المانع ما اعتبر مفسداً للعمل بعد تمامیته وصحّته كما قد یستظهر من أدلّته، وبناءً على كون المانع ما اعتبر عدمه شرطاً للعمل بحیث یكون لعدمه دخل فی حصول العمل على وجهه، كما ذهب إلیه الشیخ والمحقّق الخراسانی، فالأصل علیه أیضاً هو البراءة.

إلّا أنّ المبنى مخدوش من حیث إنّ الشرط لابدّ وأن یكون مؤثّراً فیما هو المقصود، وعدم المانع ـ كسائر الأعدام ـ لیس له تأثیر وتأثّر، هذا بحسب مقام الثبوت. وبحسب مقام الإثبات أیضاً الأدلّة الدالّة على الموانع تدلّ على خلاف ذلك. وإن قام دلیل بظاهره یدلّ على شرطیة عدم شیء لابدّ من حمله على خلاف ظاهره، وكون وجود ما عدمه فی الظاهر اعتبر شرطاً مانعاً.

وعلى کلّ حال، فقد أفاد الشیخ+: بأنّه إن زید جزءٌ من أجزاء الصلاة بقصد كون الزائد جزءاً مستقلّا، كما لو اعتقد شرعاً أو تشـریعاً أنّ الواجب فی کلّ ركعة ركوعان كالسجود، فلا إشكال فی فساد العبادة إذا نوى ذلك قبل الدخول فی الصلاة أو فی

 

الأثناء؛ لأنّ ما أتى به وقصد الامتثال به ـ وهو المجموع المشتمل على الزیادة ـ غیر مأمور به، وما أمر به ـ وهو ما عدا تلك الزیادة ـ لم یقصد الامتثال به.([1])

وأمّا صاحب الكفایة، فقال: لو كان عبادة وأتى به كذلك (یعنی مع الزیادة عمداً تشریعاً أو جهلاً، وقصوراً أو تقصیراً، أو سهواً) على نحو لو لم یكن للزائد دخل فیه لما یدعو إلیه وجوبه لكان باطلاً مطلقاً، أو فی صورة عدم دخله فیه لعدم قصد الامتثال فی هذه الصورة، مع استقلال العقل بلزوم الإعادة مع اشتباه الحال لقاعدة الاشتغال.

وأمّا لو أتى به على نحو یدعوه إلیه على أیّ حال، كان صحیحاً ولو كان مـشرِّعاً فی دخله الزائد فیه بنحو مع عدم علمه بدخله؛ فإنّ تشریعه فی تطبیق المأتیّ مع المأمور به، وهو لا ینافی قصده الامتثال والتقرّب على کلّ حال.([2])

وخلاصة ما أفاد: أنّ الشكّ واقع فی جزئیة عدم الزیادة أو شرطیته، فیدخل فی الشكّ فی الأقلّ والأكثر الارتباطیین الجاری فیه البراءة الشـرعیة دون العقلیة على مبناه من عدم الانحلال.

نعم، إذا دخل فی التشریع بأن كان العمل عبادة، فیحكم بالبطلان. إلّا أنّه تردّد بین ما إذا أتى به على نحو لو لم یكن للزائد دخل فیه لما أتى به، فیبطل مطلقاً وإن كان له دخل فیه فی الواقع؛ أو یبطل إذا لم یكن دخل للزائد فیه، لعدم قصد الامتثال فی هذه الصورة بخلاف الصورة الاُولى، ولكن مع الشكّ فی الحال یجب الإعادة لقاعدة الاشتغال.  وقد أفاد: أنّه لو أتى به على نحو یدعوه إلیه على کلّ حال، سواء كان للزائد دخل فی المأمور به أو لم یكن، صحّ.

 

ولكن فیه: أنّ عمله بالزیادة فی الواجب تشریعاً یقع مبغوضاً للمولى، ولا یمكن التعبّد والتقرّب إلیه بما هو مبغوض له، فتدبّر.

 

([1]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ص288، 289.

([2]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص244.

موضوع: 
نويسنده: