شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

تذنیب

قد ذكر هنا لجواز إجراء الأصل شرطان آخران:([1])

أحدهما: أن لا یكون موجباً لثبوت حكم شرعیّ آخر، كما إذا كان شاكّاً فی اشتغال ذمّته بدین بحیث إن كانت ذمّته مشغولة به یمنعه ذلك الدین من حصول الاستطاعة، إلّا أنّه لو أجرى أصالة البراءة عن هذا الدین تحصّل له الاستطاعة.

والوجه فی ذلك: أنّ الأصل المذكور إنّما شرّع امتناناً على العباد، ولیست فی إجرائه لنفی تكلیف إذا كان موجباً لإثبات تكلیف آخر منّة على العبد.

والجواب عن هذا الشرط: أنّ أدلّة البراءة بإطلاقها تجری فی الشبهة البدویّة مثل اشتغال ذمّته بدین لعمرو، وذلك وإن كان ملازماً لتعلّق تكلیف آخر به مثل الحجّ المشـروط بالاستطاعة لا یمنع من إجراء البراءة عن اشتغال ذمّته بالدین. أمّا البراءة العقلیة، فإنّه بحكم العقل لا یكون مستحقّاً للعقوبة على ترك أداء الدین المجهول اشتغال ذمّته به. وأمّا النقلیة، فأدلّتها مطلقة. والملازمة بین نفی الدین وحصول الاستطاعة لا تمنع من إجراء هذا الأصل. ولا ینافی كون نفی «ما لا یعلمون» امتناناً مطلقاً.

ثانیهما: أن لا یكون موجباً للضرر على آخر.

وهذا الشرط أیضاً لیس فی محلّه؛ لأنّ الموضوع للبراءة هو خلوّ الواقعة عن دلیل اجتهادیّ، لا ما إذا كان هنا دلیل اجتهادی، ففیما إذا حبس شاة فمات ولدها، أو أمسك رجلاً فهربت دابّته، لا تجری أصالة البراءة لنفی ضمان الحابس والممسك، لا لأنّ ذلك موجب للضرر على المالك، بل بالدلیل الاجتهادی مثل «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن»،([2]) أو

 

«الممسك ضامن للمالك»، فلا موضوع للبراءة إذا كانت هناك قاعدة الضـرر، أو أیّ دلیل اجتهادی آخر، فتدبّر.

وهاهنا صار المجال للاستطراد بذكر قاعدة الـضرر كما فعله الشیخ([3]) وتلمیذه المحقّق الخراسانی،([4]) فنبدأ ببیان هذه القاعدة.

 

 

 

 

([1]) ذكرهما الفاضل التونی فی الوافیة (ص79)، فی شروط التمسّك بأصالة البراءة. ونقلهما عنه الشیخ+ فی فرائد الاُصول (الأنصاری، ص311).

([2]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ص313.

([3]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ص313.

([4]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص265.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: