جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

التنبیه الخامس: فی الاستصحاب التعلیقی

هل یجری الاستصحاب فی الأحكام التعلیقیة المـشروطة كما یجری فی الأحكام الفعلیة المطلقة؟

 

فقد أفاد فی الكفایة:([1]) أنّه لا إشكال فی جریانه فی الأحكام التعلیقیة، لعدم اختلال ذلك فی أركان الاستصحاب من الیقین بالثبوت والشكّ فی البقاء.

ولا یرد على ذلك: أنّ المعلّق لا وجود له قبل وجود المعلّق علیه، وأنّه یختلّ بذلك أحد ركنی الاستصحاب.([2])

فإنّه یردّ: بأنّ المعلّق لا یكون موجوداً قبل ما علّق علیه بالفعل ولكن كان موجوداً بنحو التعلیق قبل الشكّ فی بقائه، فیحكم ببقائه عند الشكّ فیه بالاستصحاب.

وبالجملة: فالحكم التعلیقی كان ثابتاً بحكم مثل العنب إذا غلى یحرم، فإذا شككنا فی بقائه لطروّ بعض الحالات نحكم ببقائه بحكم الاستصحاب.

ولا یعارض هذا الاستصحاب استصحاب الحلّیّة المطلقة للعنب؛ لأنّها كانت مغیّاة بعدم الغلیان، فكما لا تعارض بین الحلّیّة المطلقة الثابتة بالقطع للعنب والحرمة التعلیقیة الثابتة له بالغلیان ولا یجری استصحابها بعد ثبوت الغلیان، لا یجری استصحاب الحلّیّة أیضاً مع جریان استصحاب الحرمة.

وإن شئت قلت: كما لا تعارض بین الحكم بحلّیة العنب والحكم بحرمته إذا غلى، لا یقع التعارض أیضاً بین الاستصحابین استصحاب حلّیّة الزبیب واستصحاب حرمته إذا غلى.

وبعبارة اُخرى قلت: إنّما یقع التعارض بینهما لأنّ مقتضـى استصحاب الحلّیّة المطلقة للعنب الثابتة له قبل الغلیان وبعده حلّیّة الزبیب قبل الغلیان وبعده، ومقتـضى استصحاب الحرمة التعلیقیة الثابتة للعنب الحرمة التعلیقیة للزبیب، وهو مضادّ لاستصحاب الحلّیّة؛ لأنّ مقتضاه حلّیة الزبیب بعد الغلیان، ومقتـضى الاستصحاب التعلیقی حرمته بعد الغلیان.

 

قلت: كما أنّه لا مضادّة بین أن یقال: العنب حلال، وأن یقال: العنب المغلیّ حرام أو العنب إذا غلى حرام، لتقیید إطلاق الأوّل فی الحلّیّة بعد الغلیان بقوله: العنب المغلیّ حرام، كذلك لا مضادّة بین استصحابهما.

 

([1]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص320.

([2]) انظر: الطباطبائی، المناهل، ص652.

موضوع: 
نويسنده: