جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

معنى التقلید

اعلم أنّ ما یصحّ أن یبحث عنه فی المبحث المعنون فی کلماتهم بالتقلید هو: أنّه هل یجزی للجاهل العمل بقول العالم، أو متابعة العالم؟ وبتعبیر آخر: إیجاد العمل على طبق رأی العالم، أو إتیان العمل معتمداً على قول العالم، أو الاعتماد على قول العالم فی الخروج عن عهدة التكالیف الإلهیة.

ولعلّ التعبیر الأخیر أولى وأشمل، لأنّه یشمل الاعتماد على قول المجتهد بعد العمل إن وقع موافقاً لفتواه وإن صدر منه غافلاً أو رجاءً، وعلى هذا یكفی فی الاعتماد على رأیه علمه به قبل العمل أو حینه أو بعده.

وتسمیة کلّ ذلك بالتقلید فی الاصطلاح مناسب لمعناه اللغوی، فإنّه تقلید القلادة والفتل على عنق من كان المقلّد مالكاً لأمره، كتقلید الهدی، أو تقلید أمر كالإمارة وحفظ شیء، والعمل بالوصیّة على عهدة الغیر وجعله كالقلادة على عنقه فیحتاج إلى قبول المقلّد (بالفتح).

نعم، الإمارة والخلافة والولایات الشرعیة ـ حیث إنّها تجعل على عهدة الأمیر والخلیفة والولیّ من جانب الله تعالى المالك الحقیقی للجمیع ـ لا تحتاج إلى قبولهم،

 

لأنّها من جانب الله تعالى كالقلادة مجعولة فی عنقهم، لا یمكن لهم ردّها وكذلك فی تقلید الهدی ونحوه لا یحتاج إلى القبول.

ویمكن أن یقال: إنّ فتوى المجتهد حجّة من الله تعالى إمضاءً أو تأسیساً على العامیّ، یجب علیه تعهّده والأخذ به والاعتماد علیه، فالفتوى تكون كالقلادة على عنق الجاهل، لا أن یكون عمله قلادة على عنق العالم، فتسمیته بالمقلّد أنسب من تسمیته بالمقلِّد.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: