جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

السیّد عبد العظیم×
یَعرضُ دینَه

 

من الشخصیات المرموقة الكبیرة الّتی عرضت دینها على إمام زمانها هو السیّد أبو القاسم عبد العظیم بن عبد الله‏ بن علیّ بن الحسن بن زید بن السبط الأكبر الإمام أبی محمّد الحسن المجتبى، ابن الإمام علیّ بن أبی طالب×.

هذا السیّد الجلیل من أعاظم ذرّیّة رسول الله| وأولاد المرتضـى والبتول، ومن أجلّة معاریف علماء أهل البیت ومن كبار أصحاب الإمامین الجواد والهادی÷، ومن محارم أسرار الأئمّة^، ویظهر أنّه کان من أصحاب الإمام الرضا× ـ كما یقول بعض علماء الرجال([1]) ـ بمقتضى كونه من نفس الطبقة فی سلسلة النسب إلی حضـرة أمیر المؤمنین وسیّدة نساء العالمین الزهراء البتول‘.

 

والسیّد عبد العظیم الحسنی وإن لم یدرك عصـر إمامة الإمام الحسن العسكری×، كما سیأتی فی الروایة، ولكن یقوى الاحتمال بدرك خدمته× قبل إمامته.

وأمّا الروایة الدالّة على فضل زیارة السیّد عبد العظیم، ووفاته فی عصر إمامة الهادی× فهی الروایة الّتی نقلها الصدوق فی ثواب الأعمال بسندٍ عن شخص تشرَّف بحضرة الإمام الهادی× فسأله الإمام× قائلاً:

«أَیْنَ كُنْتَ؟». قلتُ: زُرْتُ الحسین×. قال×: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ زُرْتَ قَبْرَ عبد العظیم عِنْدَكُمْ لَكُنْتَ كَمَنْ زَارَ الْـحُسَیْنُ‏ بن علیّ÷».([2])

ومن جملة ‏الروایات الدالّة على فضل وعلم هذا الشـریف الجلیل، الروایة المرویّة عن الإمام الهادی× حیث یقول لأحد من شیعة الریّ:

«إِذَا أَشْكَلَ عَلَیْكَ شَیْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِ دِینِكَ بِنَاحِیَتِكَ فَسَلْ عَنْهُ عَبْدَ العظیمِ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْـحَسَنِیَّ وَأَقْرِئهُ مِنِّی السَّلَام».([3])

 

ویُعلم من قضیّة عرض دین مثل هذه الشخصیة الجلیلة، أهمّیّة تصحیح العقائد، أعمّ ممّا یجب الاعتقاد به أو أكثر من ذلك وأبعد.

وما یجب الاعتقاد به اُمور یجب الاعتقاد بها ـ بحسب إرشادات الكتاب والسنّة ـ بمفهومها وتعریفها الوارد فی الكتاب والسنّة لیصحّ إطلاق لفظ المسلم والمؤمن على المعتقد بها.

وما هو أبعد من الواجب، وهو ما لا یضـرّ عدم الالتفات والاعتقاد به، بإسلام وإیمان الإنسان، ولكنّ الاعتقاد بها بعنوان الاُمور الدینیة أیضاً یجب أن یكون بدلیل معتبر من الكتاب والسنّة، كما أنّ عدم الاعتقاد بها مع  وجود الدلیل علیها من الكتاب والسنّة والالتفات إلی ذلك الدلیل، یُعدُّ من عدم الإیمان بالنبوّة.

وعلى هذا، یجب على کلّ مسلم أن یُحرز مطابقة عقائده مع الكتاب والسنّة، وبهذا الترتیب:

أوّلاً: أن یعرف ما وجب شرعاً الاعتقاد ـ سلباً أو إیجاباً ـ به.

ثانیاً: أن یحرز مطابقة معتقداته مع ما عرفه.

ثالثاً: أن یعرض معتقداته فی المسائل الاُخری ـ بالمعنى الّذی ذكرنا من عدم لزوم الاعتقاد بها ـ على الكتاب والسنّة.

رابعاً: أن لا یحمل الكتاب والسنّة على ما یعتقده بدون قرینة عقلیة أو

 

شرعیة واضحة للعُرف بلا إشكال ولا خلاف فی قرینیَّتها، فمن أراد التحصُّن من التعرّض للضلالة والانحراف، علیه أن یطبّق هذا الترتیب لیطمئنّ من رضا الله‏ تعالى عن معتقداته، ولا طریق سوى القرآن والسنّة لضمان السلامة من الوقوع فی خطر الضلالة والبدعة والانحراف.

فإذا کان مثل السیّد الجلیل عبد العظیم الحسنی× مع ما اُوتی من علم واطّلاع بالكتاب والسنّة، وتألیف كتاب خطب أمیر المؤمنین×،([4]) وأنّه كان یحمل من المعتقدات الجزمیة القطعیة، یرى ضرورة عرض عقائده على حضـرة الإمام× لیحصل على تصدیق الإمام× لتلك المعتقدات وذلك الدین؛ فالآخرون ـ وخاصّة أمثالی أنا ـ ینبغی علیهم بالأولویّة المبادرة إلی عرض دینهم لكسب الاطمئنان بالموافقة، بل علیهم تكرار العرض على أكثر من طرف من علماء القرآن والحدیث ومعارف أهل البیت^ والّذین استقوا علومهم من الأئمّة^.

فلابدّ إذن، وبکلّ تواضع وخضوع، أن نعرض معتقداتنا على الخبراء المعتمدین، والعلماء بالصحیح والسقیم والكامل والناقص منها.

 

 

 

 

([1]) النمازی الشاهرودی، مستدرکات علم رجال الحدیث، ج4، ص449.

([2]) ابن قولویه القمّی، كامل الزیارات، باب107، ص537؛ الصدوق، ثواب الأعمال، ص99.

([3]) المحدّث النوری، مستدرك الوسائل، كتاب القضاء، ج17، ص321، ح32، الرقم21470.

([4]) النجاشی، رجال، ص247؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص226؛ الخوئی، معجم رجال الحدیث، ج11، ص50.

نويسنده: