جمعه: 1403/01/10
نسخة للطباعةSend by email
قراءة في كتب المرجع الصافي في باب التقريب بين المسلمين/ق3

 

 

آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافی دام ظله رائد الاصلاح بین المسلمین فی العصر الحدیث

/ قراءة فی كتب المرجع الصافی فی باب التقریب بین المسلمین/

القسم الثالث/

كتاب: أمان الأمة من الضلال و الإختلاف

 

 

 

لقد سعى سماحة المرجع الصافی دام ظله دوما من خلال ما جاد به قلمه الشریف المعطاء و إرشاداته و مساعیه المختلفة أن یلمّ شمل الأمة . و أن یأخذ بید شباب المسلمین و كل طالبی الحق إلى جادة الصواب، من خلال نبذ العصبیات القومیة و المذهبیة ، و التحرر من كل ما سوى نشدان الحق و طلب الهدایة إلیه ، و تحكیم العقل و المنطق السلیم ، و إتباع الدلیل الشافی. ومن تلك الكتب التی ألفها سماحته فی قضیة التقریب بین المذاهب الاسلامیة ، و توضیح الصورة الحقیقیة لأتباع أهل البیت علیهم السلام هو كتاب أمان الأمة من الضلال و الاختلاف الذی أوضح بالأدلة والبراهین القاطعة  و بما لا غبار فیه ولا ریب بعده أن طریق النجاة للمسلمین كل المسلمین بجمیع فرقهم و مذاهبهم هو التمسك بالقرأنى الكریم و ولایة أهل البیت علیهم السلام.

 و إلیك أیها القارئ العزیز نصوصا من الكتاب المذكور:

دعوة إلى البحث عن الحقیقة

نبحث فی هذا الكتاب- علی ضوء الأدلة الصحیحة و الأحادیث المعتبرة- عن مسألة ترتبط بواقع حیاتنا الإسلامیّة فی هذا العصر و فی جمیع العصور یجب أن ندرسها و نبحث عنها و نتفهمها و نعین موفقنا منها، لا الإعراض عنها.

و لیس فیها- إن نظرنا بعین البصیرة و الإنصاف- أقل ما یوجد التباعد، بعد ما كان اختلاف الفقهاء غیر عزیز، و بعد ما كان الكتاب و السنة مصدر الجمیع فی الاستنباط و الاجتهاد، بل النظر فی هذه المسألة یأتی بالتفاهم و التجاوب، و التقریب بین المذاهب الفقهیّة، بالأخذ بما هو أوفق بالكتاب و السنة و تمركز الآراء و المذاهب فی مذهب من اتباعه بالاتفاق موجب للنجاة و أمان من الضلال، و یوجب تحكیم أساس الفقه كما ستعرف إنشاء الله تعالى.

 

مشتركات المسلمین                                                                                                    

لاریب فی اتفاق المسلمین و اجماعهم علی وجوب الأخذ و التمسك و العمل بالكتاب و السنة، كما لاریب فی حصر مدارك الأحكام و مصادر الفقه الإسلامی فیهما عند الشیعة الإمامیّة و غیرهم ممن لایجوز العمل بالقیاس‏[1]، فما خالف الكتاب و السنة أو لم یؤخذ منهما و لم یكن مستندا إلیهما مزخرف و باطل یضرب علی الجدار.

و لا ریب إیضا فی إن الشیعة یتبعون أهل البیت علیهم السلام، و یهتدون بهداهم و یقتفون آثارهم، و یحتجون بالسنة المرویة عنهم، و یقدمون أقوالهم و أحادیثهم فی كلّ ما اختلف فیه الفقهاء و تعارضت فیه الأحادیث علی أقوال غیرهم و روایاتهم‏[2].

فحقیقة مذهب الإمامیّة و جوهره: انهم یأخذون فی كلّ مسألة وقع الخلاف فیها بنی الامّة بقول الإمام أمیرالمؤمنین و أولاده الأئمّة المعصومین علیهم السلام، لایقدمون علیهم أحدا من الأمّة.

و هم یستندون فی عملهم هذا إلی أدلة كثیرة، نذكر بعضها فی هذه الرسالة، إنشاء الله تعالى.

كلام ابان بن تغلب فی تعریف الشیعة( أهل البیت أدرى بما فی البیت)

أخرج الشیخ الجلیل الثقة أبو العباس أحمد بن علیّ بن أحمد النجاشی (ت 450) بسنده عن أبان بن تغلب‏ [3]قال: «تدری من الشیعة؟ الشیعة الّذین إذا اختلف الناس عن رسول الل صلی الله علیه و آله أخذوا بقول علیّ‏علیه السلام، و إذا اختلف الناس عن علی علیه السلام أخذوا بقول جعفر بن محمّد علیه السلام.»[4]

و قد روی أحادیث أهل البیت علیهم السلام و أقوالهم فی الفقه من لدن عصر هم إلی عصرنا هذا جماعات كثیرة من الصحابة و التابعین و العلماء و المصنفین و الثقات و الإثبات الممدوحین بالعدالة و الوثاقة ممن یتجاوز عددهم حد التواتر فی جمیع الطبقات، ناهیك عن ذلك كتب الأحادیث و التراجم.

و قد اتّفق المسلمون فی الصدر الأوّل و فی عصر التابعین علی صحة الرجوع إلی أئمّة أهل البیت علیهم السلام، و استغنت الأمامیّة من بین المسلمین بسبب الرجوع باعتبار أن أحادیث المرویة بطرقهم الصحیحة عن أئمّتهم عن آبائهم عن النبیّ صلی الله علیه و آله قد أحاطت بأحكام جمیع الوقائع، و ذلك ما نراه و نلمسه فیما رواه عنهم جماهیر عن الثقات فی كلّ طبقة و أقوالهم محفوظة فی كتب الحدیث ا لمؤلفة من عصورهم المتعاقبة حتّی وقتنا هذا.

و إلی ذلك یرجع الفضل كلّه فی سعة دائرة فقه الشیعة و استغنائهم عن استعمال القیاس و غیره من الطرق المخترعة فی استنباط الأحكام الشرعیة، فلا تجد فیهم من یقول برأیه و لا من یعمل بالقیاس، و ما ذلك‏ إلّا لأنّهم أخذوا العلم من منهله الصافی و طلبوه من معینه الفیاض، و ولجوا فیه من الأبواب الّتی فتحها الله تعالى لهم، و من هنا قیل فیهم:

أذا شئت أن ترضی لنفسك مذهبا

و تعلم أنّ الناس فی نقل أخبار

فوال اناسا قولهم و حدیثهم‏

روی جدنا عن جبرئیل عن الباری‏

 

و فیهم أیضا یقول الشاعر كما فی رشفة الصادی ص 122:

إن كنت تمدح قوما

لله من غیر علة

فاقصد بمدحك قوما

هم الهداة الأدلة

اسنادهم عن أبیهم‏

عن جبرئیل عن الله‏

 

و إنّما احتاج إخواننا أهل السنّة إلی أعمال الأقیسة و الإستحسانات فی الأحكام الشرعیة لتركهم التمسك بالعترة الطاهرة و أقوالهم و أحادیثهم، و لقلة الأحادیث الحاكیة عن السنة من طرقهم، كما تشههد بذلك جوامعهم سیما الصحاح ألست.

قال ابن رشد القرطبی فی مقدمة كتابه بدایة المجتهد «و قال أهل الظاهر: القیاس فی الشرع باطل، و ما سكت عنه الشارع فلا حكم له، و د لیل العقل یشهد بثبوته، و ذلك أن الوقائع بین الأشخاص الاناسی غیر متناهیة، و النصوص و الأفعال و الإقرارات متناهیة، و محال أن یقابل مالا یتنهی بما یتناهی».

و سیأتی الكلام حول ذلك إنشاء الله تعالى.

و من قرأ كتب الشیعة الإمامیّة فی العقائد من التوحید و النبوّة و المعاد وفی التفسیر و الفقه و غیرها، یعرف أن عندهم علم كثیر من العلوم الإسلامیّة ممّا لایوجد عند غیرهم، و ان السیاسات الّتی استولت علی شؤون المسلمین و منعت الناس عن التمسك بأهل البیت‏[5] و حملتهم علی ترك روایات رجال الشیعة، فوتت‏ علی غیر الشیعة علوما كثیرة و حرمتهم عن تلك الأحادیث الصحیحة و الاهتداء بهدی العترة الطاهرة، فآل أمر الدین الحنیف و السنّة النبویّة إلی ما آل، حتی قال أنس: «ما أعرف شیئا مما كان علی عهد النبیّ صلی الله علیه و اله. قیل: الصلاة. قال: ألیس ضیعتم ما ضیعتم فیها؟»[6]

و قال الزهری: «دخلت علی أنس بن مالك بدمشق و هو یبكی، فقلت: ما یبكیك؟ فقال: لاأعرف شیئا ما أدركت إلّا هذه الصلاة، و هذه الصلاة قد ضیعت.»[7]

و فی حدیث آخر عن ثابت عنه قال: «ما من شی‏ء كنت أعرفه علی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله إلّا قد أصبحت له منكرا إلّا إنّی أری شهادتكم ثابتة» قال: «فقیل له یا أباه حمزة! فالصلاة؟ قال: قد قیل فیها ما رأیتم.»[8]

و قالت امّ الدرداء: دخل علیِّ أبوه الدرداء و هو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: و الله ما أعرف من امّة محمد صلی الله علیه و آله شیئا إلّا أنّهم یصلون جمیعا[9].

و عن ابن عباس إنّه كان یتمثل بهذا البیت:

فما الناس بالناس الّذین عهدتم‏

و لا الدار بالدار الّتی كنت تعرف‏[10]

وعن زید بن ضمیر الرحبی قال: سألت عبدالله بن بسر صاحب النبی صلی الله علیه و آله: كیف حالنا من حال من كان قبلكم؟ قال: سبحان الله لو نشروا من القبور، ما عرفوكم إلّا أن یجدوكم قیاما تصلون‏[11].

و عن سالم قال أبوه الدرداء: «لو أن رجلَا یعلم الإسلام و أهمه‏[12] ثم تفقده الیوم ما عرف منه شیئا.»[13]

و لا یخفی أن الواجب علی العلماء الأخذ بأخبار الثقات الممدوحین بالأمانة و اوثاقة ممن یحصل الاطمئنان بصدقهم. و من جملة الثقات الّذین هم كذلك ثقات الشیعة، فلا ینبغی للفقیه و لكلّ من یروم تعلم الفقه الإسلامی و معرفة نظمه و مناهجه فی شؤون الحیاة، الإعراض عن أحادیثهم و ترك الروایات الموثوق بصدرها المخرجة فی جوامعهم لمجرد أنّ فی سندها شیعی أو موال لأهل البیت أو راو لشی‏ء من فضائلهم‏[14]، كما أنّه لایجوز الإتكال علی أخبار الكذابین و الوضاعین، فلایجوز للباحث فی الفقه و الأحكام الشرعیة الإعراض عن هذا العلم الجم الموجود عند شیعة أهل البیت علیهم السلام.

و سنحاول فی هذا المختصر إیراد بعض ما یدل علی وجوب اتباع الأئمّة الإثنی عشر من أهل بیت النبوّة و العترة الطاهرة علیهم السلام بروایاتهم، و الأحادیث المخرجة عنهم فی اصول الشیعة و جوامعهم المعتبرة فعمدنا إلی اخراج بعض الأحادیث الواردة عن طرق أخواننا أهل السنّة الدالة من وجهة نظرهم علی حجّیة أقوالهم و مذاهبهم و اجماعاتهم فی الفقه، و كلّ‏مسائل الشرعیّة.

و نبحث فی هذا الكتاب- علی ضوء الأدلة الصحیحة و الأحادیث المعتبرة- عن مسألة ترتبط بواقع حیاتنا الإسلامیّة فی هذا العصر و فی جمیع العصور یجب أن ندرسها و نبحث عنها و نتفهمها و نعین موفقنا منها، لا الإعراض عنها.

و لیس فیها- إن نظرنا بعین البصیرة و الإنصاف- أقل ما یوجد التباعد، بد ما كان اختلاف الفقهاء غیر عزیز، و بعد ما كان الكتاب و السنة مصدر الجمیع فی الاستنباط و الاجتهاد، بل النظر فی هذه المسألة یأتی بالتفاهم و التجاوب، و التقریب بین المذاهب الفقهیّة، بالأخذ بما هو أوفق بالكتاب و السنة و تمركز الآراء و المذاهب فی مذهب من اتباعه بالاتفاق موجب للنجاة و أمان من الضلال، و یوجب تحكیم أساس الفقه كما ستعرف إنشاء الله تعالى.

و قد أقر هذا المبدأو أخذ به جمع من اعیان أهل السنة:

منهم الفخر الرازی، فنراه یقدم الإقتداء بأمیر المؤمنین علی علیه السلام علی غیره من الصحابة، فهو یقول فی تفسیره فی مسألة الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم فی الصلاة:

«و أما أن علی بن أبی طالب رضی الله علیه كان یجهر بالتسمیة فقد ثبت بالتواتر، و من اقتدی فی دینه بعلیّ‏بن أبی طالب فقد اهتدی، و الدلیل علیه قوله صلی الله علیه و آله «اللهمّ أدر الحقّ مع علیّ حیث دار.»[15]

و قال: «اطباق الكلّ علی أن علیّا كان یجهر ببسم الله ا لرحمن الرحیم.»[16]

و قال فی مقام الإستدلال: «الجهر بذكر الله علی كونه مفتخرا بذلك الذكر غیر مبال بإنكار من ینكره، و لا شك أن هذا مستحسن فی العقل فیكون فی الشرع كذلك ... و كان علیّ بن أبی طالب یقول «یا من ذكره شرف للذاكرین»، و مثل هذا كیف یلیق بالعاقل أن یسعی فی اخفائه، و لهذا السبب نقل أنّ علیّا رضی الله‏ علیه كان مذهبه الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم فی جمیع الصلوات. و أقول: ان هذه الحجّة قویة فی نفسی راسخة فی عقلی، لاتزول البتة بسبب كلمات المخالفین.»[17]

و قال أیضا: «إنّ الدلائل العقلیّة موافقة لنا، و عمل علیّ بن أبی طالب علیه السلام معنا، و من اتخذ علیّا إماما لدینه فقد استمسك بالعروة الوثقی فی دینه و نفسه»[18]

و مع ذلك قال: «قالت الشیعة، السنة هی الجهر بالتسمیة، سواء كانت فی الصلاة الجهریة أو السریة، و جمهور الفقهاء یخالفونهم فیه.»[19]

لماذا؟

لأنّهم شیعة أهل البیت، و المتمسكون بهم بالتمسك المأمور به فی حدیث الثقلین.

و القاری‏ء العزیز! إذا تأمل فیما نذكره فی هذا الكتاب، و تتبع مصادر الشیعة و كتب حدیثهم وفقههم، ان لم یصدق شیئاً فیصدق علی الأقل أن اجماع فقهاء الشیعة فی كلّ مسألة من المسائل الفقهیّة- كهذه المسألة الّتی ذكرها الفخر- كاشف عن اجماع عترة النبیّ صلی الله علیه و آله، و عن رأیهم و مذهبهم فیها.

إذاً فماذا عذر الجمهور عند الله تعالى فی مخالفة الشیعة فی مثل هذه المسألة، و ترك الإقتداء به علیّ‏بن أبی طالب علیه السلام، و ترك التمسك بالعترة.

و خلاصة القول: أنّ ما یدور حوله البحث فی هذه الرسالة أمران:

الأوّل: وجوب الأخذ بأحادیث أهل البیت، و ما رواه عنهم أعلام الشیعة بطرقهم المعتبرة المعتمدة فی جوامعهم.

 

الثانی: حجیّة أقوالهم و مذاهبهم و آرائهم، و وجوب اتباعهم و الرجوع إلیهم و السؤال منهم و التمسك بهم و تقدیم قولهم علی غیرهم‏[20].

سبب اعراض الجمهور عن احادیث أهل البیت علیهم السلام‏ {سطور فی بیان أسباب تراجع المسلمین}

و إنّنا لنرغب قبل الدخول فی الموضوع الفات النظر إلی شی‏ء هو من الأهمیّة بمكان حسبما نراه، و هو أن السبب الوحید و الباعث الحقیقی لعدول من عدل عن الأخذ بأحادیث أهل البیت و ما رواه المحدثون من الشیعة- كما یظهر لكلّ باحث لم یكن إلّا السیاسة و غلبة الامراء و الملوك المستبدین الّذین سودت مظالمهم صفحات التاریخ و عملوا علی تحریف حقائق هذا الدین، و أحكام شریعته الحنیفة السمحاء، أو تأویلها لتوافق أهواؤهم الفاسدة و سیاساتهم الغاشمة، فعدلوا بالناس نتیجة لذلك عن الصراط المستقیم، و حالوا بینهم و بین الإعتصام بحبل الله المتین و التمسك بالثقلین، حیث أشعروهم بأن الرجوع إلی أهل بیت النبوّة و أخذت العلم و الإستفتاء منهم من أكبر الجرائم السیاسیة الّتی یستحق مرتكبها القتل و السجن علی أقل تقدیر.

و قد لاقی الكثیر ممن روی عن أهل البیت أو فی فضائلهم من أصحاب النبیّ صلی الله علیه و آله و التابعین و رجالات الدین و أئمّة الحدیث و غیرهم أنواعاًمن القتل و السجن و التعذیب علی أیدی هؤلاء الحكام و الظلمة، و ما قصدهم من ذلك ألّا إطفاء نور العلم النبوّی الخالد معاندة للحق و أهله.

و من له المام بتاریخ الأموی و العباسی یعلم موقف الحكام من كلّ من یأمر بالمعروف و ینهی عن المنكر و یستنكر سیرتهم السیئة[21]، و سیما من آل البیت علیهم السلام و شیعتهم و من روی علومهم و حدیثهم. و یكفیك الرجوع الی كتاب النصائح الكافیة و غیره مما ألف فی هذا الموضوع.

و نحن نری أن الإضراب عن الخوض فی هذه المسإلة أصلح و التفرغ لبحث عن المقصود أولی، لأننالو تعرضنا لها لاستغرق ذلك بحثاً طویلا.

إلّا أنّ الباحث فیما نحن بصدده لایسعه دراسة الموضوع دراسة وافیة من دون تعمق فی موقف السیاسة ضد إئمّة أهل البیت و أشیاعهم كما لاینبغی الإغماض و عدم التعرض و لو بالایجاز لكشف دور السیاسة الغاشمة فی وضع الأحادیث المكذوبة علی رسول الله صلی الله علیه و آله لمصلحة الحاكمین، و من استولی علی مركز الخلافة بالسیف و القهر.

فهذا معاویة بن أبی سفیان أمر بسب أمیرالمؤمنین، باب مدینة العلم و بطل الإسلام و ابن عم الرسول و أخیه و من انزله من نفسه بمنزلة هارون من موسی، و عمل علی قتل ریحانة الرسول و سبطه الأكبر، و كتب بعد عام الجماعة «إن برئت الذمة ممن روی شیئاً من فضل أبی تراب و أهل بیته»، و استعمل علی أهل الكوفة زیاد بن أبیه و ضمّ إلیها البصرة، فكان یتتبع الشیعة و هو بهم عارف، فقلتهم تحت كلّ‏حجر و مدر، و أخافهم و قطع الأیدی و الأرجل و بسلم العیون و صلبهم علی جذوع النخل و طردهم و شردهم عن العراق.[22]

نذكر مثالا لذلك أنّه بعث فی طلب صیفی بن فسیل الشیبانی، فلمّا أتی قال له: «یا عدو الله! ما تقول فی أبی تراب؟» قال: «ما أعرف أبا تراب.» فقال: «ما أعرفك به، أتعرف علیّ بن أبی طالب؟» قال: «نعم.» قال: «فذاك أبو تراب.» قال: «كلا ذلك أبوالحسن و الحسین.» فقال له صاحب الشرطة: «یقول الأمیر هو أبو تراب و تقول لا؟» قال: «فإن كذب الأمیر اكذب أنا و أشهد علی باطل كما شهده؟» فقال له زیاد: «و هذا أیضا، علی بالعصا فأتی به.» فقال: «ما تقول فی علیّ؟» قال: «أحسن قول.» قال: «أضربوه حتّی لصق بالأرض.» ثمّ قال: «اقلعوا عنه، ما قولك فی علیّ؟» قال: «و الله لو شرحتنی بالمواسی ما قلت فیه إلّا ما سمعت منی.» قال: «لتلعننه أو لأضربن عنقك.» قال: «لا أفعل، فأوثقوه حدیداً و حبسوه.»[23]

و اشتد الأمر حتّی أن المقری قال: «كان بنو أمیّة إذا سمعوا بمولود اسمه علیّ‏قتلوه.»[24]

و من عماله علی المدینة مروان بن الحكم، و كان لایدع سب علیّ‏علیه السلام علی المنبر كلّ‏جمعة تنفیذاً لأوامر معاویة.

و كتب إلی عماله نسخة واحدة: «انظروا من قامت علیه البینة أنّه یحب علیّاً و أهل بیته فامحوه من الدیوان و أسقطوا عطاؤه و رزقه».

و شفع ذلك بنسخة اخری «من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به و اهدموا داره».

 

فلم یكن البلاء اشد و أكثر منه بالعراق و لاسیما بالكوفة، حتّی أن الرجل من شیعة علیّ علیه السلام لیأتیه من یثق بدینه فیدخل بیته فیلقی إلیه سره، و یخاف من خادمه و مملوكه و لایحدثه حتّی یأذ علیه الإیمان الغلیظة لیكتمن علیه.

و نقل أبو عثمان الجاحظ: «إنّ معاویة كان یقول فی‏آخر خطبته: اللهمّ إنّ أبا تراب (إلی آخر ما قال مما لم نذكره حیاءاً من الله و رسوله).» و روی فیه أیضاً إنّ قوماً من بنی امیّة قالوا لمعاویة: «إنّك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل. فقال: «لا والله حتّی یربو علیه الصغیر و یهرم علیه الكبیر و لا یذكر له ذاكر فضلا.»[25]

و أفرط فی ذلك حتّی أظهر ما فی صدره، و عرض علی كریم بن عفیف الخثعمی البراءة من دین علیّ الّذی یدین الله به، و أمر زیاد أن یقتل عبد الرحمن بن الحسان العنزی شر قتلة لشهادته فی علیّ علیه‏ السلام إنّه كان من الذاكرین الله كثیراً و من الأمرین بالحق القائمین بالقسط و العافین عن الناس و لقماله فی عثمان، س فدفنه زیاد حیاً.[26]

و امر بافتعالالأحادیث فی شأن عثمان و اكرام من یروی فی فضله، حتّی أكثروا فی فضائله لما كان یبعث إلیهم من الصلات و القطائع، فلیس یجدت امرؤ من الناس عاملا من عمال معاویة فیروی فی عثمان فضیلة إلّا كتب اسمه و قربه و شفعه، فلبثوا بذلك حیناً، فكتب إلی عماله ان الحدیث فی عثمان قد جهر و فشا فی كلّ مصر و كلّ‏وجه و ناحیة، فإذا جاءكم كم كتابی هذا فأدعوا الناس إلی الروایة فی فضائل الصحابة و الخلفاء الأولین، و لاتتركوا خبراً یرویه أحد من المسلمین فی أبی تراب إلّا و أتونی بمناقض له فی الصحابة، فان هذا أحب إلی و أقر لعینی و أدحض لحجّة أبی تراب و شیعته و أشد علیهم من مناقب عثماو فضله.

فقرئت كتبه علی الناس، فرویت أحادیث كثیرة فی مناقب الصحابة مختلقة لا حقیقة لها، وجد الناس فی روایة ما یجری هذا المجری، حتّی أشادوا بذكر ذلك علی المنابر، و ألقی إلی معلمی الكتاب فعلموا صبیانهم و غلمانهم من ذلك الكثیر الواسع، حتّی رووه و تعلموه كما یتعلمون القرآن، و حتّی علموه بناتهم و نساءهم و خدمهم و حشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

فظهر حدیث كثیر موضوع و بهتان منتشر، و مضی علی ذلك الفقهاء و القضاة و الولاة، و كان أعظم الناس فی ذلك بلیة القراء المراؤن و المستضعفون الّذین یظهرون الخشوع و النسك، فیفتعلون الأحادیث لیحظوا بذلك عند ولاتهم و یقربوا فی مجالسهم و یصیبوا به الأموال و الضیاع و المنازل، حتّی انتقلت تللك الأحادیث إلی أیدی الدیانین الّذین لایستحلون الكذب و البهتان، فقبلوها و رووها و هم یظنون أنّها حق، و لو علوا أنّها باطل لما رووها و لاتدینوا بها.

فلم یزال الأمر كذلك حتّی قتل الحسن بن علیّ علیه السلام بالسم ظلماً، فازداد البلاء و الفتنة، فلم یبق أحد من هذا القبیل إلّا و هو خائف علی دمه أو طرید علی الأرض، ثمّ تفاقم الأمر بعد استشهاد الحسین علیه السلام.[27]

و إن شئت الإحاطة بدوافع معاویة من منعه الملح عن ذكر فضائل أمیرالمؤمنین علیّ و سائر أهل البیت علیهم السلام فراجع ما ذكره المسعودی فی حوادث سنة اثنتی عشرة و مائتین مند حدیث مطرف بن مغیرة[28]، حتّی تعلم أنّهم لم یریدوا من سب علیّ إلّا سب رسول الله و أطفاء نوره صلی الله علیه و آله.

و هذا عبدالملك بن مروان قد شدد الضغط علی محبی أهل البیت، و ولی علیهم الحجاج الّذی أخذ یقرب إلیه كلّ من كان أشد بغضاً لاهل البیت و أكثر موالاة لأعدائهم، حتّی جاء واحد منهم یوماً إلیه یقال: جد الأصمعی وقف للحجاج فقال: «إنّ أهلی عقونی فسمعونیت علیّاً و إنّی فقیر بائس و أنا إلی صلة الأمیر محتاج. فتضاحك الحجاج و قال: للطف ما توسلت به قد ولیتك موضع كذا.»[29]

و الحجاج هو الّذیت كتب إلی محمّد بن القاسم أن یعرض عطیة العوفی ابن عسد علی سب علیّ علیه السلام، فان لم یفعل فاضربه أربعمائة سوط و احلق لحیته، فأبی عطیة أن یسب، فأمضی محمّد ابن القاسم حكم الحجاج فیه‏[30].

و قد عرقب الحجاج أبو بشیر بن مروان، أبو یحیی الأعراج المعرقب من شیوخ الأربعة و مسلم لما عرض علیه سب الإمام علیه السلام فأبی فقطع عرقوبه. قال ابن المدینی: قلت لسفیان: فی أی شی‏ء عرقب؟ قال: فی التشیع‏[31].

و هكذا استمر الأمر إلی أیّام عمر بن عبدالعزیز، و اشرار الولاة یتطاولون علی مقام أمیرالمؤمنین علیه السلام حتّی من كان منهم فی المدینة المنورة، و بجوار القبر الشریف و علی منبر الرسول صلی الله علیه و اله‏[32]. و قد روی ابن عرفة المعروف بنفطویه- و هو من اكابر المحدثینه و أعلامهم- فی تاریخه ان اكثر الأحادیث الموضوعة فی فضائل الصحابة افتعلت فی أیّام بنی امیة تقرباً إلیهم.

و ذكر السیوطی انّه كان فی أیّام بنی امیة أكثر من سبعین ألف منبر یلعن علیها الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام بما سنه لهم معاویة.[33]

فانظر أیّها القاری‏ء بعین الإنصاف إلی هذه المخازی، و ان شئت فراجع الكثیر منها فی كتب القوم، حتّی تعرف ما اقتر فیه أفاعیل السیاسة المجرمة من أجل امالة الناس عن أهل بیت الوحی و النبوة.

قال سیدنا الإمام علیّ بن ا لحسین زین العابدینه علیه السلام فی جواب الحرث بن الجارود التمیمی، لما رآه فی جماعة من أهل بیته فی المدینة و هم جلوس فی حلقة، فقال الحرث: «السلام علیكم یا أهل بیت الرحمة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة! كیف أصبحتم رحمكم الله؟» فرفع الإمام رأسه إلیه فقال: «أما تدری كیف نمسی و نصبح، أصبحنا فی قومنا بمنزلة بنی إسرائیل فی آل فرعون، یذبحون الأبناء و یستحیون النساء، و اصبح خیر الامّة یشتم علی منقوصاً حقه- أو قال حظه- أصبحت قریش تفتخر علی‏ العرب بأن محمّداً صلی الله علیه و آله قرشی، و أصبحت العرب تفتخر علی العجم بأن محمّداً كان عربیاً، فهم یطلبون بحقنا و لایعرفون لنا حقاً، أجلس یا أبا عمران! فهذا صباحنا من مسائنا.»[34]

و أخرج نحوه ابن سعد بسنده عن المنهال بن عمرو.[35]

 

دور بنی العباس فی الظلم و الإستبداد

جاء بعد بنی امیة بنو العباس، فلم تكن وطأتهم علی أهل البیت و عترة الرسول صلی الله علیه و آله و شیعتهم و محبیهم بأخف من أسلافهم، ان لم نقل بأنّهم كانوا أشد من أولئك ظلماً و عنفاً و اظطهاداً لهم.

إذ أنّهم بالاضافة إلی المسلك المنحرف الّذی سلكوه من وضع الأحادیث، و بالاضافة إلی أنّهم أمیة أحیوا ما أماته الإسلام من السنن الملوكیة، أخذوا یباشرون هم بأنفسهم أو بالایعاز إلی عمالهم المنحرفین، قتل كلّ من یعترض سبیل مسلكهم الظالم أو یخشون اعتراضه، حتّی أزهقوا الكثیر من النفوس الطاهرة، و سفكوا الجم من الدماء الزكیة من أكابر أهل البیت و شیعتهم و محبیهم.

لم یهمل التاریخ مظالم مثل المنصور و الهادی و هارون و غیرهم من ملكوك بنی العباس.

و لم یهمل ما فعله المتوكّل ب ابن الكسیت إمام العربیة المعروف، فانه كان قد ندبه إلی تعلیم أولاده، حتّی جاء یوم جمعهم فی مجلس واحد، فنظر المتوكّل إلی و لدیه المتعتز و المؤیّد و خاطب ابن السكیت قائلا له: «من أحب إلیك هما- یعنی ولدیه المذكورین- أو الحسن و الحسین؟ فقال: «قنبر- یرید به مولی علی علیه السلام- خیر منهما»، فأمر حینئذ الأتراك فداسطوا بطنه حتّی مات. و قیل: «امر باستلال لسانه فاستلوه حتّی مات.»

و ذكر ابن حجر فی ترجمة علیّ بن نصر الجهضمی من شیوخ السنّة. قال أبو علیّ بن الصواف عن عبدالله بن أحمد لما حدث نصر بن علیّ بهذا الحدیث- یعنی حدیث علیّ بن أبی طالب «أنّ رسول الله أخذ بید حسن و حسین، فقال: من أحبنی و أ حب هذین و أباهما و أمهما كان فی درجتی یوم القیامة»- امر المتوكّل بضربه ألف سوط، فكلمه فیه جعفر بن عبدالواحد و جعل یقول له: «هذا من أهل السنة، فلم یزل به حتّی تركه.»

ذلك هو الأثر لتدخل السیاسة المنحرقة فی الامور، فهل تری- أنشدك الله- لهذه الأعمال وجهاً إلّا المحافظة علی الاستمرار فی القبض علی أزمة الامور و مقالید الحكم، و إلّا القضاء علی الفكر الحر، و إلّا التنكر للحق و القضاء علیه، و إلّا بغض علی بن أبی طالب و سائر أهل البیت الّذی هو من أظهر آثار النفاق، و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آله: «لا یحب علیاً منافق، و لا یبغضه مؤمن» ، و قال جابر: «ما كنا نعرف منافقینا إلّا ببغضهم علی بن أبی طالب»

و هل هنا من المصادیق أجلی من أن یؤمر بضرب المتحدّث عن فضل علی و الزهراء و الحسنین علیهم السلام الّذین هم أصحاب الكساء و أهل المباهلة ألف سوط لذلك؟

فما ظنك إذن بمن بتتلمذ و یأخذ العلم و الحدیث عن سائر أئمة أهل البیت كالباقر و الصادق و الكاظم علیهم السلام، و كیف تكون نظرة هؤلاء إلیه، و الی أی مدی یكون حقدهم علیه؟!

ثمّ ان الحكام العباسیین لم یكونوا أقل حماساً فی هذا المیدان من الأمویین، فقد أخذوا یقربون الكثیر من المحدثین الّذیثن عرفوا عنهم عزوفهم عن الحدیث بما روی فی فضائل أهل البیت أو الأخذ عنهم و ع ن شیعتهم فی الفقه و التفسیر و العقائد، و شددوا النكیر علی من حدث شیئاً فی فضائلهم و مناقبهم علیهم السلام منزلین به أشد العقوبات، و أوجدوا محدثین مأجورین یضعون الأحادیث فی فضائل بنی العباس و ما یؤید سیرتهم و سیاستهم، و یسردونها علی العوام.

ذكر الذهبی فی ترجمة ابن السفاء الحافظ عبدالله بن محمّد الواسطی: اتّفق انه أملی حدیث الطیر فلم تحتمله نفوسهم، فوثبوا به و أقاموا و غسلوا موضعه، فمضی و لزم بیته.

و أغرب من ذلك ما فعله أهل دمشق بالنسائی صاحب السنن و خصائص أمیرالمؤمنین علی علیه السلام.

و بالغ بعضهم فی رد فقه أهل البیت- الّذین أذهب الله عنهم الرجس، و جعلهم النبیّ صلی الل علیه و آله، عدل القرآن و كسفینة نوح و باب حطة- حتّی قال ابن خلدون فی مقدمته (و هو ممن كان یخدم الملوك و الامراء و یتزلف إلیهم و یؤید آرائهم السیاسیة، هذا الرجل الّذی وقعت منه فی مقدمته هذه أخطاء فاحشة قد نبه علی بعضها الاستاذ شاكر، و ما ذلك إلّا لأنّه نظر فی المسائل الإسلامیة من زاویة وجهة نظر السیاسة للدول الأمویّة الأندلسیّة الّتی یقول عنها العقاد: أنّها انشأت للشرق الإسلامی تأریخاً لم یكتبه‏

مؤرخوه و لا یكتبونه علی هذا النحو لو أنّهم كتبوه)  ضمن الفصل الّذی عقده فی علم الفقه: «و شذ أهل البیت بمذاهب ابتدعوها و فقه انفردوا به»

فسبحان الله! إذا كان أهل البیت مبتدعین، فلم جعلهم رسول الله صلی الله علیه و آله أعدالًا للكتاب، و جعل التمسك بهم أماناً من الضلال؟ و ما معنی هذا الحث الملح و الترغیب الواردین فی الكتاب و السنة علی محبتهم و ولایتهم؟

و قد سمعت بأن جماعة من المحدّثین الّذین انصاعوا وراء هذه الأباطیل قد أعرضوا و ضعفوا روایات جم غفیر من الثقات لمجرد كونهم شیعة أو مغالین بزعمهم فی محبة أهل البیت، مع كونهم فی نفس الوقت یحتجون بروایات النواصب و الخوارج و المنافقین المعروفین بالانحراف عن أهل البیت، و المشهورین بالظلم و الخیانة و المآثم و المعاصی.

و العجب أن مثل البخاری الّأی یروی عن ألف و مائتین من الخوارج‏ ، و یحتج بأكثر من مائة مجهول‏ ، و بأعداء أهل البیت مثل المغیرة و مروان و عمرو بن العاص غیرهم من المنافین الّذین ظهر فیهم أبرز امارات النفاق- و هو بغضهم لعلی علیه السلام- و صح فیهم أحادیث الحوضت المتواترة و غیرها .

هذا البخاری لایروی شیئاً من حدیث ریحانتی الرسول و سبطیه سیّدی شباب أهل الجنّة، و یحتج بحدیث سمرة بن جندب‏ ، ص 138 من الجزء الثانی من صحیحه قبل باب ما جاء فی صفة الجنة بأربعة أحادیث، و كذا فی غیر ذلك من الموارد الّتی لاتخفی علی المتتبع، و یحتج أیضاً بحدیث عكرمة و عمران بن حطان‏  دون حدیث واحد من مثل الإمام جعفر بن محمّد الصادق و الامامین الكاظم و الرضا علیهم السلام.

و الآن یحق لنا أن نتساءل: لماذا كان موقف بنی أمیة و بنی العباس من أهل البیت هذا الموقف المخزی؟

و هل یمكن أن یكون الجواب غیر ان أهل البیت لیس لهم من ذنب سوی أنّهم و شیعتهم لم یدخلوا فی حزب هؤلاء الجبابرة الّذین قلبوا الإسلام، و لم یقبلوا أن یكونوا أعواناً لمثل یزید و مروان و عبدالملك و

الولید المتجاهر بالكفر و منصور و هارون و المتوكّل و غیرهم، و لم یكونوا لیسكتوا علی مظالمهم و جرائمهم فضلا عن أن یشاركوهم فیها؟

و هل یمكن أن یكون لذلك من سبب غیر أن هؤلاء الحكام المجرمین لما رأوا أنّهم لو أقرا أحادیث أهل البیت و أخذوا بمذاهبهم فی الفقه لزال سلطانهم‏  و لم یبق لهم من نفوذ و لا سیطرة علی عباد الله تعالی، و لانكشف كافة ألا عیبهم و انحرافاتهم عن الجادة المستقیمة و لما استطاعوا أن یلغوا بدماء المسلمین و انفاقه علی أنفسهم و خاصتهم لبناء القصور و شراء الإماء و القینات و الخوض فی اللهو و اللعب و أنواع المعاصی و فنون الخلاعة و الدعارة و الترف، و امتلاء ارجاء بیوتهم بأصوات المعازف و التنعم بمطارف الحریر و ألوان الأطمعة، و لقد حكیم الكثیر من مجالسهم المحرمة الّتی كانوا یعقدونها لمعاقرة أنواع الخمور.

كلّ ذلك و البلاد الّتی نكبت بحكمهمم تعج بالجیاع الّذین كانوا بأمس الحاجة إلی ما یسدجعهم و یدفع عنهم غائلة الفاقة و یحفظهم عن الحر و البرد، فراجع كتب التاریخ حتّی تری الأعاجیب مما كان یحدث فی بلاط الملوك و الخلفاء و الامراء.

هذا مختصر الكلام فی سبب اعراض الجمهور عن أحادیث ائمة العترة الطاهرة، و من هنا نشرع بعون الله تعالی فی المقصود.

و الله ولی التوفیق ....

حجیّة أخبار الثقات‏

أجمع العقلاء كافة علی الأخذ و العمل بأخبار الثقات، و اعتبارها حجة فی مقام التعامل و الخصومة و لولا ذلك لما قدمت لهم سوق و لاختل نظام أمورهم.

و الشریعة الإسلامیة قد قررت هذه الطریقة العقلائیّة و أقرتها، و لم تردع النّاس عنها. و تبعاً لذكل استقر بناء المسلمین منذ عصر النبیّ صلی الله علیه و آله إلی زماننا هذا- علی رغم من رام امالة الناس عن التحدث بأحادیث الرسول‏  و الاحتجاج بخبر الثقات- حتّی انهم اعتبروا تحمل الحدیث و حفظه و نقله من أعظم المناصب الدینیة و أفضل القربات إلی الله سبحانه، و لذا أكرموا المحدثین غایة الإكرام و أنزلوهم أحسن المنازل، و أسندوا إلیهم الوظائف و منحوهم الصلات، حتّی صارت مجالس املاء الحدیث علی كثرتها من أعظم المجالس اعتباراً و قدراً و منزلة و شرفاً، و قد تنقل الكثیر من شیوخ الحدیث و رجالات العلم فی الآفاق، و شدوا الرحال إلی كثیر من البلاد لاستماع الحدیث و نقله و تدوینه.

 

و كان فی طلیعة من شد الرحال إلیهم لذلك من مختلف الآفاق هو الإمام أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق علیه السلام، حتّی زاد مجموع من نقل عنه علی أربعة آلاف رجل كلّهم یقول: حدّثنی جعفر بن محمد.

و ممّا تقدم یعلم مدی المكانة العالیة و الشأن الكبیر اللذین كانا للحدیث عند المسلمین، و لقد كان له علی تنقله أحداث التاریخ التأثیر الخطیر فی نفوسهم و توجیه أموارهم و أحوالهم و فی مسلكهم مع حكوماتهم، مما یعتبر العامل فی كثیر من الأزمنة فی دعم الحكم و تأسیسه، و كذا التدخل فی الشؤون الإجتماعیة و الإقتصادیة و العمرانیة و غیرها.

و قد اشتهر بحفظ الحدیث جماعة البخاری و مسلم و ابن ماجة و الترمذی و النسائی و أبی داود و مالك و أحمد و البیهقی و الطبرانی و ابن عساكر و الطیالسی و الدارمی و الحاكم و ابن أبی شیبة و السیوطی و غیرهم من أهل السنة و أعلامهم.

و كمؤلفی الأصول الأربعمائة من أعلام القرن الثانی و الثالث و الكلینی صاحب الجامع المعروف بالكافی، و الصدوق مؤلف من لایحضره الفقیه، و الشیخ الطوسی مؤلف كتابی التهذیب و الإستبصار، و البحرانی صاحب كتاب العوالم، و المجلسی مؤلف كتاب بحار الأنوار، و الفیض صاحب كتاب الوافی، و الحر العاملی مؤلف وسائل الشیعة، و غیرهم من الإمامیّة.

 

كما قد صنف علماء الفریقین كتباً كثیرة و اسفاراً ضخمة، سواء فی معرفة الرجال و الطبقات و التمییز بین المشتركات ام فی معرفة الحدیث و أقسامه و انحاء تحمله، ما لو اردنا التكلم حولها لطال بنا المقام، إلّااننا طلباً للاختصار نقتصر علی ذكر شی‏ء من مصنفات الشیعة فی ذلك:

فمن مؤلفاتهم فی الرجال‏ : رجال الفضل بن شاذان (ت قبل 260) و طبقات الرجل لاحمد بن محمد بن خالد البرقی (ت 274 أو 280)، و رجال الكشیّ من أعلام القرن الثالث الموسوم بمعرفة الناقلین عن لأئّمة الصادقین الّذی اختصره الشیخ الطوسی و سماه اختیار الرجال، و رجال أبی علیّ المحاربی من أعلام القرن الثالث و قبله، و رجال محمّد بن أحمد بن داود بن علیّ (ت 378) فی الممدوحین و المذمومین، و رجال العتیقی من أعلام القرن الرابع، و رجال ابن عیاش (ت 401)، و رجال ابن عبدون (ت 423)، و رجال النجاشی (ت 450)، و رجال الشیخ الطوسی و الفهرست له (ت 460)، و معالم العلماء لابن شهر آشوب (ت 588)، و رجال ابن داود من اعلام القرن السابع، و رجال ابن طاووس (ت 673)، و كتب الرجال للعلّامّة الحلی (ت 726) الخلاصة و إیضاح الإشتباه و كشف المقال، و رجال الأمیر مصطفی التفریشی (ت 1015)، و مجمع الرجال للمولی عنایة الله الإصبهانی، و معاصر التفریشی، و كتب الرجال للمحقق الأسترابادی (ت 1028) الثلاثة الكبیر و الوسیط و الصغیر، و كتابی رجال السید علیّ خان المدنی (ت 1120) المعروفین بسلافة العصر و الدرجات الرفیعة فی طبقات الشیعة، و رجل العلّامة المجلسی (ت 1111)، و رجال الشیخ سلیمان البحرانی الماحوزی (ت 1121) و الرجال الموسوم بریاض العلماء لمیرزا عبدالله افندی الإصبهانی (ت حدود 1130) و رجال الشیخ أبی علی (ت 1159) و أعیان الشیعة للسیّد محسن الأمین العاملی و غیرها ممّا یطول الكلم بسرد أسمائها.

و من الكتب المصنفة لتمییز المشتركات للمولی محمد أمین الكاظمی من أعلام القرن الحادی عشر، و كتاب جامع الرواة للأردبیلی (ت 1101) و غیرهما.

و نذكر من الكتب المؤلفة فی الطبقات كتاب سیدنا و استاذنا زعیم الشیعة الإمام السیّد حسین الطباطبائی البروجردی (ت 1380) أعلی الله فی القدس درجته و درجة جمیع العلماء العاملین.

 

وجوب العمل بالأحادیث المخرجة

فی أصول الشیعة و جوامعهم المعتبرة

عرفت أن العمل الإحتجاج بأخبار الثقات مما اتّفق العقل و النقل علی صحته، فالواجب الأخذ بخبر الثقة الممدوح بالأمانة و الوثاقة، سواء كان من الشیعة أو من أهل السنة. كما أنّه لا ینبغی الأخذ و الإتكال علی أخبار الكذابین الوضاعین و المجهولین و المنافقین من أیّ فرقة كانوا.

فالإعراض عن الروایات المخرجة فی جوامع الشیعة المنقولة إلیهم عن أئمّتهم بسندهم المتصل إلی جدّهم رسول الله صلی الله علیه و آله ینافی ما استقر عیه بناء العقلاء و دلت علیه الأدلة السمعیّة.

فإنّ الأمانة و الإخلاص یحتمان علی كلّ باحث فی الفقه استنباط الأحكام من الروایات المعتبرة المخرجة فی كتب الفریقین، و أن لا یقتصر فی ذلك علی أحادیث طائفة دون اخری، فلا یجوز له ترك هذا العلم الكثیر فی أبواب المعارف الإسلامیة من الفقه و العقائد و الأخلاق و الآداب و التفسیر الإحتجاج...

و من جهة اخرى، فإنّه یظهر كلّ مطلع علی كتبهم الرجالیّة سعة تحقیقاتهم فی تعرف أحوال الرجال، و انّهم اشد من غیرهم بكثیر فی الإعتماد علی الممدوحین بالوثاقة و العدالة، كما یظهر لكل باحث فی كتبهم الفقیهة شدة تورعهم فی الفتیا و احتیاطهم فی استنباط الأحكام و ملاحظة خصوصیات الأحادیث من السند و المتن و موافقتها الكتاب، و اجتنابهم الشدید عن القول بغیر علم، و استنادهم فی الجرح و التعدیل و معرفة رجال الحدیث إلی أقوال أكابر علمائهم الّذین لم یقدح فیهم قادح، و اتّفقت الكلمة علی جلالة قدرهم و صدقهم و ورعهم.

مع أن العبرة فی الروایة بصدق الراوی و تحرزه عن الكذب و وثاقته و حصوص الاطمئنان بنقله، و المتتبع فی كتب التواریخ و الرجال یعرف أن الموصوف بهذه الصفات فی الشیعة و اتباع أهل البیت و خریجی مدرستهم لولم یكن بأكثر منهم فی سائر الفرق لیس بأقل من‏

 

و لیت شعری كیف جوزوا (علماء الجرح والتعدیل من أهل السنة)ترك روایاتهم (الشیعة)لمكان ما ذكروا لهم من العقیدة الّتی أدی اجتهادهم إلیها، فعدوا ذلك جرحاً لرجال الشیعة و المتمسكین بأهل البیت، فی حین أنّهم یأخذون بروایات من یبغض علیّ بن أبی طالب الزهراء و السبطین علیها السلام و من حاربهم و سبهم، فإذا كان الحط علی أبی بكر و عمر جرحاً فی الراوی لا یكون بغض علیّ و محاربته و سبه جرحاً فیه؟

لیس من جانب العقل أو السمع ما یدل علی صحة هذا الأساس غیر أنهم رأوا عدم امكان الجمع بین الأخذ بفقه أهل البیت ممن تعرف أحوال بعضهم فیما یأتی و الأخذ بروایات الشیعة یضطرهم إلی اعتناق مذهب أهل البیت، و ترك المذاهب الحكومیة التی ایدتها السیاسات طوال القرون. اتهموا الشیعة بماهم بریئون منه، فحكموا على كلّ من كان فیه الرفض الكامل و التشیع لاهل البیت بأن الكذب شعارهم و النفاق دثارهم. ..

ثم انهم قد احتجوا بروایات كثیر من المجهولین و النصاب و الخوارج و من طعن فیه بالكذب و نحوه، حتّی حكی عن الذهبی و ابن حجر فی كتابیهما «المیزان» و «تهذیب التهذیب» ان البخاری احتج بجماعة فی صحیحه مع أنه ضعفهم بنفسه‏[36].

 

 

 

 

 

 

[1] ( 1). اخرج ابن حجر فی تهذیب التهذیب، 4/ 274 عن عوف بن مالك رفعه قال: تفترق هذه الامة بضعا و سبعین فرقة شرها فرقة قوم یقیسون الرأی، یستحلون به الحرام و یحرمون به الحلال. اخرج نحوه عن عوف عن النبی صلی الله علیه و آله فی مجمع الزوائد، 1/ 179.

[2] ( 2). اخرج ابن عبدالبر فی الاستیعاب، 3/ 40 من المطبوع بهامش الاصابة عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: كنا إذا أتانا عن علی لم نعدل به. و أخرج ابن سعد فی الطبقات، 2/ 338 عنه: إذا حدثنا ثقة عن علی بفتیا لا نعدوها. و اخرجه البلاذری فی أنساب الأشراف، 2/ 100 بسنده عن عكرمة، و إخرجه ابن عساكر فی تاریخ دمشق، 38/ 25.

[3] ( 3). أبان بن تغلب الربعی الكوفی، راجع ترجمته فی الجرح و التعدیل و تهذیب التهذیب، و ثقه أحمد و یحیی و أبو حاتم و النسائی، قال ابن عدی له نسخ عامتها مستقیمة إذا روی عنه ثقة، و هو من أهل الصدق فی الروایات، مات- كما فی جامع الرواة عن الفهرست للشیخ الطوسی- سنة 141، فما فی تهذیب انه مات سنة 241 و هم. و ابان أول من صنف فی القراءة و دون علمها( تأسیس الشیعة، ص 319)

[4] ( 1) 4. رجال انجاشی، ص 9( ترجمة ابان)، و صدر الخبر هكذا: قال عبدالرحمن بن الحجاج:« كنا فی مجلس أبان بن تغلب فجاء شاب فقال: یا أبا سعید! أخبرنی كم شهد مع علی بن أبی طالب من أصحاب النبی صلی الله علیه و آله؟ قال: فقال له أبان كأنّك ترید أن تعرف فضل علی بمن تبعه من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و ا له؟ قال: فقال الرجل هو ذاك. فقال: و الله ما عرنفا فضلهم إلّا باتباعهم ایاه- الخبر.» و مثل هذا المقال قال ابن أبی الحدید المعتزلی فی شأن أمیرالمؤمنین علی علیه السلام فی ترجمة عمار، 2/ 539:« ثمّ أی حاجة لناصری أمیرلمؤمنین أن یتكثروا بخزیمة و أبی الهیثم و عمار و غیرهم، لو أنصف الناس هذا الرجل( یعنی علیّا علیه السلام) و رأوه بالعین الصحیحة لعلموا أنّه لو كان وحده و حاربه الناس كلّهم أجمعون لكان علی الحق و كانوا علی الباطل». و أخرج الدیلمی عن عمّار و عن أبی أیوب إنّه صلی الله علیه و آله قال:« إن رأیت علیا قد سلك و ادیا و سلك الناس وادیا غیره فاسلك مع علی و دع الناس، انه لن یدلك علی ردی، و لن یخرجك من الهدی.» كنز العمال، ح 32972.

[5] ( 1). فالسیاسة تسمح لابی البختری الكذاب الخبیث أن یحدث كذبا عن الإمام جعفر بن محمّد و لا تسمح لمثل حفص بن غیاث ان یحدث عنه. قال عمر بن حفص:« قلت لأبی: هذا أبو البختری یحدث عن جعفر بالاعاجیب و لاینهی؟ فقال: یا بنی أمامن یكذب علی جعفر فلا یبالون به، و أما من یصدق علی جعفر فلا یعجبهم.» و أبو البختری هو قاضیهم الّذی یصوب جنایاتهم، وشق أمان الرشید لیحیی بن عبدالله ابن الحسن، فوهب له هارون بذلك الف الف و ستمائة الف. فالسیاسة تأتی بمثل هذا الخبیث لیحدث بالاعاجیب كذبا عن جعفر بن محمد علیه السلام و تمنع من أخذ عنه العلم ان یحدّث بما أخذ عنه( راجع الجرح و التعدیل 4/ 25 و مقاتل الطالبیین، ص 479- 480).

[6] ( 1) 2. صحیح البخاری، 1/ 65، باب تضییع الصلاة عن وقتها. الإبانة ج 4 ص 574 ح 719 و فیه: ما أعرف شیئا مما كنا علیه.

[7] ( 2) 3. صحیح البخاری، 1/ 65، باب تضییع الصلاة عن وقتها. الإبانة ج 4 ص 574 ح 719 و فیه: ما أعرف شیئامما كنا علیه.

[8] ( 3) 4. الإبانة لعبید الله بن محمّد بن بطة العكبری ط دار الریاض، ج 4 ص 573 ح 718.

[9] ( 4) 5. صحیح البخاری، 7/ 7، باب فضل صلاة الفجر جماعة.

[10] ( 5) 6. الإبانة ج 4 ص 574 ح 721.

[11] ( 6) 7. الإبانة ج 4 ص 573- 572 ح 717.

[12] ( 1) 8. فی ذیل المطبوعة كذا فی ظ و لعلها: و أهله.

[13] ( 2) 1. الإبانة ج 4 ص 576 ح 724.

[14] ( 3) 2. انظر كتب الرجال حتّی تعرف افاعیل السیاسات الظالمة و الأقلام المأجورة، و أنّهم كیف تركوا رجالا لتشیعهم أو نسبتهم إلی الغلو فی التشیع أو لتقدیمهم علیا علیه السلام علی عثمان أو جمیع الصحابة أو لعقیدة كذا و كذا. فتركوا ما عند هؤلاء المحدثین من الأحادیث و الكتب و النسخ المأخوذة عن أهل البیت علیهم السلام، بل تركوا أحادیثهم عن غیرهم لذلك، فی حین أنهم یأخذون بأحادیث النواصب و أهل البدع و الأهواء، فلم تبق هذه السیاسات و عملاؤها شیئا یعرفه انس مما كان علی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله. هذا وقد بنوا الجرح و التعدیل علی أمور تخالف سیرة أهلی العرف و لاریب ان هذا التغییر و التبدیل لم یقع فیما كان علیه أهل البیت علیهم السلام و شیعتهم فیه بل وقع فمیا كان علیه الجمهور و السواد الأعظم و فی دین الدولة و الحكومة و بعد ذلك كیف یتبع سیرة و السلف كانوا علی ذلك و یترك ما علیه أهل البیت اعدال الكتاب فی البناء علی الأخذ بأخبار الاحاده راجع فی جمیع ذلك علی الاختصار الكتاب القیم( العتب الجمیل علی أهل الجرح و التعدیل).

[15] ( 1). تفسیر الفخر( مفاتیح الغیب) ص 159.

[16] ( 2). تفسیر الفخر ص 160.

[17] ( 1) 3. تفسیر الفخر ص 158- 159.

[18] ( 2) 4. تفسیر الفخر ص 161.

[19] ( 3) 5. تفسیر الفخر، ص 161.

[20] ( 1). لا یخفی بین الأمرین، ففی الأوّل نبحث عن وجوب الأخذ بروایات أهل البیت المخرجة فی جوامع الشیعة، علی ما یراه العقل میزانا لحجیة اخبار اثقات، و انه لا یعذر من ترك هذه الأحادیث الكثیرة و العلم الجم و أعرض عنها و اتكل علی روایات المجروحین الّذین تأتی الإشارة إلی ترجمة بعضهم. و فی الأمر الثانی نبحث عن حجیة أقوالهم و مذاهبهم و أفعالهم و وجوب الإقتداء و التمسك بهم بحسب الشریعة، و الآحادیث الّتی اتّفق الفریقان علی صحتها بل تواترها، فمن تمسك بغیرهم و استند إلی سواهم خالف أمر النبیّ صلی الله علیه و آله الصریح فی وجوب التمسك بهم، و أنّهم عدل القرآن و العالمون بأحكام الشرع و أوامره و نواهیه و تفسیر الكتاب و عموم القرآن و السنة و خصوصهما و مطلقهما و مقیدهما و محكمهما و متشابهما، و هم العارفون بجمیع ما یحتاج إلیه الناس من الأحكام و الحلال و الحرام و الفرائض و القضاء و الحدود والدیات و غیرها مما أنزل الله علی رسوله صلی الله علیه وآله و أوحی به إلیه.

[21] ( 1) 2. اخرج ابن حجر فی تهذیب التهذیب 3/ 357 قال الهیثم ابن عمران العنسی: دخل زیاد بن جاریة مسجد دمشق و قد تأخرت صلاة الجمعة الی العصر، فقال: و الله ما بعث الله نبیّاً بعد محمد صلی الله علیه و اله یأمركم بهذه الصلاة. قال: فأخذ فأدخل الخضراء فقطع رأسه.

و ذكر ابن الآثیر فی أسد الغابة 1/ 308 ان عبدالله بن العلاء بعد ما روی الزهری حدیث ولایة علی فی غدیر خم قال له: لاتحدث بهذا فی الشام و أنت تسمع مل‏ء أذنیك سب علی فقال الزهری: و الله ان عندی من فضائل علی مالو تحدثت بها لقتلت.

و فی كتاب نور القبس ص 57 فی ترجمة الخلیل: قال یونس قلت للخلیل: ما بال أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله كأنّهم بنو أم واحدة و علی بن أبی طالب كأنّه ابن علة؟ فقال: من أین لك هذا السؤال؟ فقلت: أرید أن تجیبنی. فقال: علی أن تكتم علی ما دمت حیاً. قلت: أجل.

فقال: تقدمهم اسلاماً، و بذهم شرفاً، وفاقهم علماً، و رجحهم حلماً، و كثرهم زهداً، و انجدهم شجاعة فحسدوه، و الناس إلی أمثالهم و اشكالهم أمیل منهم إلی من فاقهم و كثرهم و رجحهم.

[22] ( 1). النصائح الكافیة ص 72.

[23] ( 2). الكامل 3/ 478 477.

[24] ( 3). تهذیب التهذیب 7/ 319.

[25] ( 1). راجع فی ذلك النصائح الكافیة ص 75 72. و ذكر فی العتب الجمیل ص 74- 75 أن عمر بن عبدالعزیز لما ترك تلك البدعة المنركة، و هی التطاول علی مقام أمیرالمؤمنین علی علیه السلام فی خطبة الجمعة أرتج المسجد بصیاح من فیه بعمر بن عبدالعزیز« تركت السنة تركت السنة».

و زعم أهل حران لما نهوا عن استمرارهم علی تلك السنة الملعونة أن الجمعة لاتصح بدونها.

قال: و یوجد الآن كثیر من علماء السوء یعتقدون فی أمور أنّها من السنة و هی من النصب.

و ذكر المستشرق ما رجلیوث فی كتابه« دراسات عن المورخین العرب» ص 100، عن المدائنی انّه لم یسمع بالشام فی عهد الأمویین أحداً یسمی علیّاً و لا حسناً و لا حسیناً، و انّما معاویة و یزید و الولید من اسماء خلفاء بنی أمیة، فمر مسافر فی ذلك الوقت بدار فاستسقی صاحبها، فسمعه ینادی ابناً باسم الحسن لیسقیه، فسأل المسافر:« كیف سمعی ابنه بذلك الإسم؟» فكان جوابه:« إن أهل الشام یسمعون أولادهم بأسماء خلفاء الله و لایزال أحدنا یلعن ولده و یشتمه و انّما سمّیت أولادی باسماء اعداء الله.» فإذا لعنت انما ألعن اعداء الله.

و فی كتاب غایة الأمانی فی أخبار القطر الیمانی ص 117 قال:« لما أمر عمر بن العزیز برفع اللعن عن أمیرالمؤمنین علی علیه السلام فی جمیع الآفاق، و وصل الآمر بذلك إلی صنعاء و أن یجعل مكانها( ان الله یأمر بالعدل و الاحسان) الآیة، و خطب الخطیب بها فی جامع صنعاء، فقام إلیه ابن محفوظ لعنه الله و قال:« قطعت السنة.» قال:« بل هی البدعة» فقال:« و الله لانهضن إلی الشام، فان وجدت الخلیفة قد عزم علی قطعها لاضر من الشام علیه ناراً. و خرج ابن محفوظ من صنعاء فلحقه أهلها إلی طرف القاع المعروف بالمنجل غربی صنعاء فرجموه بالحجارة حتّی غمروه و بغلته، فهو یرجم إلی الآن كما یرجم قبر أبی رعال قائد فیل ابرهة الحبشی.»

[26] ( 1) 2. الكامل 3/ 486.

[27] ( 1). النصائح الكافیة، ص 72- 73.

[28] ( 2). مروج الذهب 3/ 361- 362.

[29] ( 3). راجع فی جمیع ما ذكرناه هنا شرح نهح البلاغة لابن أبی الحدید 3/ 14- 17، و النصائح الكافیة ص 67- 74.

[30] ( 4). تهذیب التهذیب 7/ 226.

[31] ( 5) 1. تهذیب التهذیب 10/ 158 157، العتب الجمیل ص 35.

[32] ( 1) 2. و مما یؤكّد ذلك ما ذكره السمهود المدنی فی كتابه( وفاء الوفا بأخبار دار المصطفی) 4/ 356 قال: و قال یحیی: حدثنا هارون ابن عبدالملك بن الماجشون ان خالد بن الولید بن الحارث ابن الحكم بن العاص و هو ابن مطیرة قام علی منبر رسول الله صلی الله علیه و آله یوم الجمعة فقال: لقد استعمل رسول الله علی ابن أبی طالب رضی الله تعالى عنه و هو یعمل أنّه خائن، ولكن شفعت له ابنته فاطمة رضی الله عنها. و داود بن قیس فی الروضة فقال: أس أی یسكته. قال: فمزق الناس قمیصاً كان علیه شقائق حتّی و تروه و أجلسوه حذراً علیه منه، و قال: رأیت كفاً خرجت من القبر قبر رسول الله صلی الله علیه و آله و هو یقول: كذبت یا عدو الله، كذبت یا كافر، مراراً.

و أخرجه فی ینابیع المودة عن أبی الحسن یحیی فی كتابه أخبار المدینة ص 275.

[33] ( 2) 3. النصائح الكافیة ص 79.

[34] ( 1) 4. تیسیر المطالب فی أمالی الإمام أبی طالب ص 135- 136.

[35] ( 2) 5. الطبقات ا لكبری 5/ 219- 220 ترجمة الإمام علی بن الحسین علیه السلام.

[36] ( 2) 1. استوفی الكلام فی هذه الجهات الشیخ العلامة محمد الحسن المظفر فی كتابه دلائل الصدق 1/ 4- 71، و سبقه فی بعض تلك الجهات الشیخ ابو جعفرت محمد بن جریر بن رستم الطبری( احد اعلام القرن الرابع) فی كتابه المسترشد، و ذكر ایضاً العلامة الكبیر السید میر حامد حسین( ت 1306) فی كتابه استقصاء الأفحام المجلد الأوّل و الثانی من المنهج الثانی من أكابر أهل السنة و رواتهم و مفسریهم و علمائهم و أرباب الصحاح الست جماعة من المطعونین عندهم بالكذب و الوهم و الضعف و العقائد الباطلة و الأعمال السیئة، و بإیراد الحدیث ناقصاً مبتراً و الروایة عن الكذابین. و ممن أدی حقّ الكلام فی هذه الجهات و أوضج حال الصحاح الست و المسانید و الاختلافات فی نسخها و ما قبل فی جرح رواتها و أسرد الكلام حول عدالة الصحابة و نافش فی كلّ ذلك الفنیّة العلمیّة هو الاستاذ محمود أبو ریة فی كتابه« أضواء علی السنة المحمدیّة».

الأربعاء / 3 يوليو / 2019