چهارشنبه: 1403/02/5
نسخة للطباعةSend by email
قراءة في كتب المرجع الصافي في باب التقريب بين المسلمين/ق4

 

آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافیدام ظله رائد الاصلاح بین المسلمین فی العصر الحدیث

/ قراءة فی كتب المرجع الصافی فی باب التقریب بین المسلمین/

القسم الرابع :

كتاب  مع الخطیب فی خطوطه العریضة

 

 

 

من أشهر كتب المرجع الدینی الكبیر آیة الله العظمى الصافی دام ظله فی الذود عن الحق و نبذ الفرقة و الاختلاف بین المسلمین هو كتاب معالخطیب فی خطوطه العریضة. و عن قصة هذا الكتاب إلیك أیها القارئ العزیز التنصوص التالیة:

إن سهام الظلم والافتراء طالما و جهت الی أهل بیت النبی الأعظم صلى الله علیه وآله، والی شیعتهم ومحبیهم.

وقد كان منها فی عصرنا ما كتبه المدعو محب الدین الخطیب، باسم الخطوط العریضة، لمذهب أهل البیت علیهم السلام، وضمنه من التهم والافتراء ماالله یعلم أن الشیعة منها براء. و قد استغل خصوم الشیعة هذا الكتب وطبعوه عشرات الطبعات بملایمین النسخ والحمد لله أنه سبحانه وتعالی هیأ فی كل عصر من تقف فی وجه الباطل ویرد سهام الظلم عن أهل البیت الطاهرین وشیعتهم الأبرار المظلومین.

وقد تصدی للرد علی مقولات الخطیب سماحة المصلح المجاهد الساعی الى جمع كلمة المسلمین وبث روح التجاوب والتحابب والأخوه بینهم آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافی دام ظلّه، الذی نذر وجوده لخدمة العلم والدین، وقد كتب هذا الرد قبل ثمان وثلاثین سنة، فتلقاه المسلمون بالقبول والشكر، وقد ترجم الی لغات متعددة، وطبع بطبعات متعددة.

كتبت هذا النقد بعد ما انتشر كتاب «الخطوط العریضة» بطبعته الاولی سنة 1380، ثم رأیت أن الأولی فی هذا العصر- الذی تواترت فیه الكوارث والفتن علی المسلمین- ترك نشره، فخفت أن یكون التعرض للجواب أیضاً سبباً للشقاق والضعف، والفشل والتفرقة المنهی عنها، فذكرت قوله تعالی‏ (ولا تستوی الحسنة ولا السیئة ادفع بالتی هی أحسن)[1]. وقوله تعالی: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحكم)[2]. وقوله تعالی: (وإذا مروا باللغو مروا كراماً)[3] فقلت فی نفسی: دع الخطیب ومن یحذو حذوه یكتب، ویتقول علی الشیعة ویفتری علیهم كل ما یرید، فالله سبحانه یقول: (ما یلفظ من قول إلا لدیه رقیب عتید)[4].

فالحریّ بنا وبكل مسلم غیور علی دینه وأمته ترك هذه المناقشات المثیرة، والظروف والأحوال علی ما یشاهد فی العالم الإسلامی، فالفتن والكوارث قد أحاطت بنا من كل جانب، وجحافل الإلحاد بكل أفكاره ومبادئه الشرقیة والغربیة، والإستعمار الصهیونی، والصلیبی أخذ یحاربنا، وبلا هوادة مستعملًا كافة الأسالیب الخداعة والمخططات الهدامة، فهم الآن ومنذ زمن غیر قریب یغزوننا فی عقر دارنا ، یهتكون حرماتنا، ویخربون مساجدنا، ویسعون لهدم جمیع آثار الإسلام، وصروح الفضیلة، والشرف والأخلاق الكریمة التی أشادتها رسالة نبینا محمد صلی الله علیه وآله.

فالإسلام مهدد من جانب الإستعمار، ومهدد من جانب الصهوینة ، ومن جانب المبشرین الصلیبیین، مهدد من جانب المجوسیة، مهدد من جانب الشیوعیة، مهدد من جانب الصحف والمجلات الأجیرة لإشاعة الخلاعة والدعارة، مهدد من جانب النعرات القومیة، مهدد من جانب ما یسمی بالعلمانیة، مهدد ... ومهدد ... ومهدد ...

فها هی ذی حرمات الله مساجدنا فی فلسطین تهتك، وتدنس بكل وسائل اللهو والخلاعة والمجون.

وها هو ذا المسجد الأقصی المبارك الذی أضرمت فی ه‏ءسرائیل نیران حقدها الدفین علی الإسلام والمسلمین، وأعلنت بحرقه نوایاها الصهیونیة الخبیثة.

وهذه فلسطیننا الحبیبة مازالت تئن تحت نیر احتلال العدو، وتوجه منها فی كل یوم الإعتداءات الإسرائیلیة نحو الأراضی الأسلامیة المحیطة بها.

وهذه مآت الألوف من إخواننا المسلمین المشردین من أبناء فلسطین ما برحوا لاجئین، یعیشون فی المخیمات، ویقاسون أنواعاً من الحرمان والإضطهاد.

فیا أخی ماقیمة كتاب «الخطوط العریضة» ونحن فی هذه الأحوال الدقیقة الحرجة؟ وما فائدة هذه الأقلام للإسلام والمسلمین؟ ومن ینتفع بمثل هذه النشریات غیر أعداء الدین؟ وهل وراء ذلك غیر الید الصهیونیة الإستعماریة الأثیمة؟

واجبنا والظروف والأحوال هذه هو الجهاد، والتضحیة فی سبیل الله بنفوسنا وأموالنا وألسنتنا، لتكون كلمة الله هی العلیا وكلمة الذین كفروا السفلی.

واجبنا سیّما القادة والعلماء، والكتاب والأثریاء، وذوی القدرة، أن نبذل كل إمكانیاتنا لتحریر الأراضی المغتصبة، ومقدساتنا فی القدس العزیز، وأن نتسلح بسلاح ال‏ءیمان، والإعتصام بحبل الله والإتحاد، وأن ندعو المسلمین ألی التحابب والتوادد، لا أن نشتغل بالبحث عن المفاضلة بین الصحابة، والخلافات المذهبیة، ونجعل ذلك سبباً للجفوة والبغضاء، ونوقد ناراً أخمدتها الأزمنة والدهور، ونحی أحقاداً أماتتها الشدائد.

فمن أمرّ الامور علینا، ومما یملأ القلوب حسرة هو أن یری فریق من المسلمین- فی رحاب الحرمین الشریفین، وفی أعظم مؤتمر إسلامی سنوی كرم الله به هذه الأمة، ویؤمه المسلمون من جمیع الأصقاع والأقطار- جعلوا همهم تفریق كلمة الأمة والدعوة إلی التباغض والتقاطع والتنافر، بینما كان من الواجب علیهم أن یوجهوا هذا المؤتمر الإسلامی العظیم إلی معالجة ماابتلی به المسلمون جمیعاً من دعایات الإلحاد، والكفر، فیتخذوا الأسالیب الناجحة لدفع هذه النعرات الضالة المضلة، وأن یستنهضوا بهذه الجموع الحاشدة- التی جائت من كل فج عمیق لیذكروا اسم الله، ولیطوفوا بالبیت العتیق- الأمم الإسلامیة فی شرق الأرض وغربها للجهاد والنضال، والعمل لكل ما یحقق النصر، ورفع الظلامة التی حاقت بأولی القبلتین.

إذا لم نتفهم هذه الحقیقة البسیطة فكیف نتوقع أن یعود إلینا مجدنا الذاهب لنعیش كما عاش آباؤنا الذین أكرمهم الله فألف بین قلوبهم فأصبحوا بنعمة الله إخواناً.

 

فصاروا فی جمیع الأرض حرا

وصرنا فی أماكننا عبیداً

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم.

نعم إنی تركت نشر هذا النقد، وأوكلت أمر الخطیب، وما أتی به من البهتان إلی یوم الجزاء، یوم یحكم الله بین عباده فیما كانوا فیه یختلفون: (یوم تشهد علیهم ألسنتهم وأیدیهم وأرجلهم بما كانوا یعملون)[5].

ولكن لما هو والأیادی الأثیمة، التی كانت ولا تزال وراء هذه النشریات، لم یقتنعوا بطبعته الأولی فكرروا طبعه ثانیاً فی جدة وثالثاً ورابعاً فی الدیار الشامیة، وخامساً فی القاهرة سنة 1388، وترجم إلی اللغة الأوردیة كأنهم عثروا علی كنز مخفی یجب نشره، أو علی صحیفة علم لم یطلع علیها أحد.

ثم كرر طبعه للمرة السادسة محرفاً، ووزع مجاناً فی هذه السنة 1389 فی الموسم وفی أرض التوحید، وفی المملكة العربیة التی یدعو عاهلها المسلمین ألی الإتحاد والإتفاق والوحدة الإسلامیة، بین الحجاج الوافدین ءلی بیت الله الحرام لیحملوا هذه الدعوة الممزقة المفرقة إلی بلادهم، ویثیروا نار الفتن الدامیة بین المسلمین، حتی یهدد كیاننا من الداخل، ویتشجع أعداؤنا علینا من الخارج.

فلعن الله الإستعمار، والصلیبیة، والصهیونیة، ولا أخالك تظن أن أی عمل یرتكز علی إثارة العصبیات المذهبیة بین المسلمین كهذا العمل عملًا بسیطاً یقدم علیه متعصب لمذهبه، فما وراء هذه النشریات یا أخی إلا ید الإستعمار والصهاینة، ولیس المنفق علی هذه الدعایات إلا أعداء الإسلام من إسرائیل وحلفائها.

 

فلهذا طلب منی جمع من الاذكیاء بما وراء مثل هذه الكتابات، نشر هذا النقد، لئلا یقع بعض من لا معرفة له بعقائد الفرق فی مكاید هذه الأقلام، ویعرف أن ما فی كتاب «الخطوط العریضة» إما بهتان محض وافتراء بحت، أو ما لیس ال‏ءلتزام به منافیاً لأصول الإسلام وما علیه السلف والخلف، خصوصاً إذا كان عن التأول والإجتهاد، فأجبتهم إلی مسؤولهم متوكلًا علی الله تعالی.

ولا یخفی علیك أنی فی هذا الكتاب استهدفت الحقیقة والتاریخ بروح موضوعیة مجردة عن كل تعصب وانحیاز، فمن الإنصاف لقاری فی الكریم الذی ینشد الحقیقة أیضاً ألا یتسرع ألی الحكم حتی یشبع الكتاب دراسة واستیعاباً، وحتی یتجرد عن كل تعصب مقیت، وله بعد ذلك أن یحكم له أو أن یحكم علیه، وعند ذلك فالإختلاف والإتفاق قیمة علمیة، وبینة قائمة مادام الرائد هنو الإنصاف، والحق هو المنشود.

قم المقدسة

29 ذی الحجة- 1389

 

مقدمة

لاریب فی أن الدعوة الإسلامیة إنما قامت علی عقیدة التوحید، وتوحید العقیدة، وتوحید الكلمة، وتوحید الأنظمة والقواعد، وتوحید المجتمع، وتوحید الحكومة، وتوحید المقاصد.

فعقیدة التوحید هی المبنی الوحید لجمیع الفضائل، وهی الحجر الأساس للحریة، واشتراك الجمیع فی الحقوق المدنیة.

فلا فضل لعربی علی عجمی، ولا لأبیض علی أسود، وكل الناس أمام الحق والشرع سواء والناس كلهم من آدم، وآدم من تراب، و: (إنما المؤمنون إخوة)[6] و: (إن أكرمكم عند الله أتقیكم)[7] و «المؤمن للمؤمن كالبنیان یشد بعضه بعضاً»[8] و «مثل المؤمنین فی توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكی بعضه تداعی سائره بالسهر والحمی»[9] و «من لم یهتم للمسلمین عامة فلیس منهم»[10].

أصبح المسلمون بنعمة الله إخواناً معتصمین بحبل الله تعالی، قلوبهم مؤتلفة وأغراضهم واحدة، «أشداء علی الكفار رحماء بینهم،» فتحوا الأصقاع والبلدان،

وصاروا سادات الأرض، ودعاة الناس إلی الحریة والإنسانیة، وقواد الاصلاح والعدالة الإجتماعیة.

هدموا قصور الجبابرة المستبدین، وأنقذوا الضعفاء من استعباد الأقویاء الظالمین، وأخرجوا الناس من ذل سلطان الطواغیت وعبادة العباد، وأدخلوهم فی عز سلطان الله وسلطان أحكامه وعبادته.

هكذا كان المسلمون الذین أخلصوا دینهم لله، ولولا مافشی فیهم من النفاق وحب الریاسة والحكومة، والمنافرات التی وقعت بینهم فی الإمارة، لما كان الیوم علی الأرض أمة غیر مسلمة.

ولكن فعلت فیهم السیاسة فعلها الفاتك، ففرقت كلمتهم، وأزالت وحدتهم ومجدهم، فصاروا خصوماً متباعدین، بعد ما كانوا إخواناً متحابین، واشتغلوا بالحروب الداخلیة عوضاً عن دفع خصومهم واعدائهم، ونسوا ما ذكروا به من الأمر بالإتحاد، والإخوة الدینیة، فصرنا فی بلادنا أذلة بعد أن كنا فی غیرأ وطاننا أعزة.

وأكثر هذه المفاسد إنما أتتنا من أرباب السیاسات، ورؤساء الحكومات، الذین لم یكن لهم إلا الإستیلاء علی عباد الله، لیجعلوهم خولا ومال الله دولا، فأثاروا الفتن، وقلبوا الإسلام رأساً علی عقب، وضیعوا السنن والأحكام، وعطلوا الحدود، وأحیوا البدع وقضوا بالجور والتهمة، واستخدموا عبدة الدراهم والدنانیر، وأمروهم بوضع الأحادیث لتأیید سیاساتهم، وفسروا القرآن وحملوا ظواهر السنة وفق آرائهم، ومنعوا الناس عن الرجوع إلی علماء أهل البیت الذین جعلهم النبی صلی الله علیه وآله‏

وسلم عدلًا للقرآن، وأمر بالتمسك بهم‏[11] فراجع بعین البصیرة والإنصاف كتب التاریخ والحدیث حتی تعرف أثر أفاعیل السیاسة من الغاشمة تلك الفظائع. التاریخ والحدیث حتی تعرف أثر.

ولا تنس أیضاً أثر سیاسات خصوم الإسلام من المسیحیین والیهود وغیر هما فی تأجیج نار الشحناء والبغضاء بین المسلمین، فإنهم لم یسلبوا سلطاننا، ولم یملكوا بلادنا الا بما اوقعوا بیننا من التفرق والتشتت، وبما بذلوا من القناطیر المقنطرة من الذهب والفضة لبثّ التنافر والتباغض بین المسلمین، ومنعهم من الإتحاد، فهم لا یزالون یضعون حواجز فی طریق تقارب الحكومات الإسلامیة، ویصرفونهم عن الدفاع عن وطنهم الإسلامی الكبیر لیؤسسوا حكومات مستعمرة، وأو طاناً مفتعلة، من غیر أن یعتبروها أجزاءاً لو طننا الإسلامی ویطالبونهم بالدفاع عن حدود هذه الأوطان التی أحدثها المستعمرون وذلك لتفریق كلمة المسلمین، وتضاربهم فیما بینهم حتی تقف كل حكومة منهم فی وجه الأخرى.

 

تأبی الرماح إذا اجتمعن تكسراً

وإذا افترقن تكسرت آحادا

والعارفون بأهداف الإستعمار یعلمون أن تجزئة الأمة الإسلامیة أعظم وسیلة تمسك بها المستعمرون للإحتفاظ بسلطتهم.

فیا أخی ما قیمة الوطن الذی افتعله الأجنبی لمصلحة نفسه، وأی امتیاز جوهری بین السودانی والمصری، والأردنی والسوری، والیمانی والباكستانی، والعربی والعجمی، بعد أن كانوا مسلمین خاضعین لسلطان أحكام الإسلام، وأی رابطة أوثق من الروابط الإسلامیة والاخوة الدینیة.

المسلمون كلهم أولاد علات، أبوهم واحد وهو الإسلام، وأمهاتهم شتی، بلادهم منهم ولكن الإستعمار صیرهم أقواماً متمایزة، وأراد أن یكون فی كل بلد وإقلیم حكومة خاصة، وشعائر تمیز بعضها من بعض، والله تعالی أراد أن یكون الجمیع أمة واحدة.

قال الله سبحانه: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)[12].

وقال عز من قائل: (ولا تكونوا كالذین تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البینات وأولئك لهم عذاب عظیم)[13].

فالمسلم أخو المسلم سواء كان من أهل قطره أم لا، المسلم الفلسطینی أخ للمسلم العراقی، وللمسلم الإیرانی، وللمسلم الصینی، وللمسلم الأرجنتینی، ووو.

 

جمیع بلاد الإسلام وطن لكل مسلم، والإسلام حكومته، وقانونه وسیاسته، وعقیدته ودینه، وأما الحكومات العمیلة التی لا یتصل بعضها ببعض بالصلات الإسلامیة الوثیقة، والتی جعلت شعارها القومیات الضیقة المحدودة، وتشدقت بالدفاع عنها، ولم تكترث بأوضاع العالم الإسلامی، وما یصیب المسلمین فی غیر إقلیمها من الضعف والإضطهاد، فلا تخدم إلا أعداء الإسلام ما لم تجعل شعارها الوحید الإحتفاظ بمصالح المسلمین وتحقیق أهداف الإسلام فی شرق الأرض وغربها.

فیا ألله، یا منزل القرآن، ویا منزل سورة التوحید وحد حكوماتنا، وخلص المسلمین من كل حكومة انفصالیة إقلیمیة، وأجمعهم تحت رایة حكومة إسلامیة واحدة.

المسلمون شعارهم واحد، ومقصدهم واحد، وعقیدتهم واحدة، لا یعین المسلم غیر المسلم علی أخیه المسلم، ولا یرغب المسلم فی حكومة قامت علی خیانة المسلمین، ولا یذل نفسه عند الكفار لیعیّنوه حاكماً علی المسلمین.

المسلم لا یكتب ما یوجب اشتداد البغضاء والتنافر بین إخوانه، ویمنعهم عن التقارب والتفاهم.

هذا شی‏ء یسیر من تأثیر السیاسات الغاشمة فی الأمة الإسلامیة، ولم یبق منها فی هذا العصر ما یمنع من التوفیق بین المذاهب، واتحاد المسلمین واجتماعهم تحت لواء الإسلام الا بعض العصبیات الجامدة التی لیس ورائها حقیقة، ولا مصلحة للمسلمین، وإلّا دعایات الإستعماریین «من الشیوعیین والرأسمالیین» وقد قام بینهما الصراع فی استعمار ممالك المسلمین وكل منهما یرید أن یستعمر، ولا یری إلا ما فیه مصلحة لنفسه أبعدهما الله عن المسلمین وممالكهم، وخذل عمالهما وكل حكومة تأسست علی رعایة منافعهما، وموادة من حاد الله ورسوله.

هذا بلاء المسلمین فی عصرنا، ومنه یتوجه الخطر علیهم، وهذه السیاسة هی التی لا تتوخی إلا فقر المسلم وجهله، وهذه هی التی تشیع الفحشاء فی المسلمین، وتبیح بیع الخیر والقمار الربا، تدعو إلی السفور، وتروج الدعارة والتحلل، وخروج النساء سافرات عاریات.

هذه السیاسة هی التی ترید اشتغال المسلمین بالملاهی والمعازف، وانصرافهم عن حقایق ال‏ءسلام والقرآن، وتروج البطلالة، ولا تحب اشتغال المسلمین بالعلوم النافعة والصنایع، وتأسیس المعامل حتی لا یباع فی أسواقهم إلا متاع المستعمرین.

وأما السیاسات العاملة لتفریق المسلمین فی القرون الأولی والوسطی فقد قضی علیها الزمان، فمضت العصور التی استعبدت الناس فیها جبابرة الأمویین والعباسیین، ومضت الأعصار التی كان فیها تألیف الكتب وجوامع الحدیث تحت مراقبة جواسیس الحكومة.

مضت العصور التی كان العلماء فیها تحت اضطهاد شدید، والعمال والولاة یتقربون إلی الخلفاء والأمراء بقتل الأبریاء، ونفیهم عن أوطانهم وتعذیبهم فی السجون، وقطع أبدیهم وأرجلهم.

مضی الذین شجعوا العمل علی التفرقة واختلاف الكلمة، واشعال الحروب الداخلیة.

مضت السیاسات التی سلبت عن مثل النسائی حریة العقیدة والرأی وقتلته شر قتلة.

مضی عهد الجبابرة الذین صرفوا بیوت أموال المسلمین فی سبیل شهواتهم، واتخاذ القینات والمعازت هوایة لهم.

مضت العصور التی سبوا فیها علی المنابر أعظم شخصیة ظهرت فی الإسلام، لا یریدون بسبه إلا سب الرسول صلی الله علیه وآله وسلم.

مضت الأزمنة التی كان یرمی فیها بعض المسلمین بعضهم بالإفتراء والبهتان وحتی الكفر والإلحاد.

مضت العصور المظلمة التی عاشت فیها كل فرقة وطائفة من المسلمین كأمة خاصة لا یهمها ما ینزل علی غیرها من المصائب والشدائد، ولم یكن بینهم أی تعاون أو أدنی تجاوب.

نعم قد مضت تلك العصور، وظهرت فی تاریخ الإسلام صحائف مشرقة مملوءة بنور الإیمان والاخورة الإسلامیة، فقامت جماعة من المصلحین المجاهدین بالدعوة إلی الاإصلاح والإتحاد، فأدركوا أن آخر هذا الدین لا یصلح ألا بما صلح به أوله، وأعلنوا أن المستقبل للإسلام، و: (إن الأرض لله یورثها من یشاء من عباده والعاقبة للمتقین)[14].

فدعوا إلی اتباع الكتاب والسنة، ورفض العصبیات: العصبیة الشعوبیة، والعصبیة المذهبیة والقبیلیة، فأدوا رسالتهم فی شرق البلاد الإسلامیة وغربها، رزقهم الله التوفیق فی توحید الكلمة، وجمع شمل الأمة، فأثرت أعمالهم ال‏ءصلاحیة فی نفوس‏ المسلمین أثراً جمیلًا، ولبّی دعوتهم جمّ غفیر من الغیاری علی الإسلام من العلماء الأفذاذ وغیرهم.

فكان من ثمرات هذه الجهود الكبری بل ومن أحلی ثمارها تأسیس دار التقریب بین المذاهب الإسلامیة فی القاهرة، وإصدار مجلة «رسالة الإسلام» العالمیة التی جعلت شعارها قوله تعالی:

(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)[15] وكتب فیها من كتاب المذاهب ودعاة الخیر والإصلاح، ورجالات الإسلام جماعة من المشایخ، والأساتذة، فحققت مساعیهم كثیراً من أهدافهم فی رفع التدابر والتنافر.

وكان من فوائد هذه الجهود عرض عقائد كل من الفریقین علی الآخر بعد أن لم یكن لأكثرهم معرفة بمذهب غیرهم فی الأصول والفروع، وكان هذا الجهل سبباً لتكفیر بعضهم بعضاً فی الأزمنة الماضیة، فعرفوا اتفاق الكل فی الأصول، وأن بعض الخلافات التی أدی إلیها اجتهاد كل فریق لا یضر بالتقریب والتفاهم بعد اتفاق الجمیع فی الأصول.

وسیبزغ بفضل هذا الجهاد فجر وحدة المسلمین، ویصبحون كما أصبح أسلافهم فی حیاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم إخواناً، ویدخل هذا الدین علی ما دخل علیه اللیل ولا تبقی قریة إلا ونودی فیها بكلمة التوحید.

نعم إن قوماً إلههم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، وشعائر دینهم واحدة، وقد جعلهم الله أمة واحدة، أتری لیس الی دفع مشاجراتهم واختلافاتهم سبیل؟

 

إن الإسلام یدعو إلی وحدة الأمم، ووحدة الأقوام والطوائف فی مشارق الأرض ومغاربها.

دین الإسلام دین التوحید، ودین خلع العصبیات، ورفض ما یوجب الشحناء والعداوات، دین یسیر بأبناء البشر نحو حكومة عادلة ومساواة إنسانیة كاملة، ونظام عدل للإقتصاد والإجتماع، ونظام للحكم والدستور ونظام للتربیة والتعلیم، ونظام فی جمیع نواحی الحیاة ونظام للجموع وهم فیه سواء.

أتری أن هذا النظام الإلهی لا یقدر علی فصل الخصومات، وحسم المنازعات بین أبنائه؟

أتری أن ال‏ءسلام لم تكن له أسالیب وتعالیم صحیحة لتمكین الأمة فی الوطن الإسلامی الكبیر الذی یشمل جمیع المسلمین، أحمرهم، وأبیضهم. وأسودهم؟

أتری أنه لا یعرض علی أبنائه دواء لدائهم؟

أتری أنه لا یقدر علی رفع المشاجرات التی أحدثها عمال السیاسات الغاشمة. وأیدی الإستعمار الظالمة تلك المشاجرات التی یعود كل فائدتها لأعدائنا؟

أتری أن الله حرّم علی هذه الأمة أن یجلسوا علی صعید واحد ویعیشوا فی ظل حكومة واحدة فأقفل علیهم باب التفاهم والتجاوب؟

هذا هو القنوط من رحمة الله والیأس من روحه، وكل دائنا یرجع إلی ذلك.

ودواؤه الثقة بالله، والإیمان بأن النصر من عنده، وأن جند الله هم الغالبون، وأن العالم سیلجأ إلی الإسلام، وأنه هو الدافع الفذ للمشاكل التی أحاطت بالإنسانیة، وأن‏ المسلمین هم الذین یجب علیهم أن یؤدوا رسالة الإسلام إلی غیرهم وقد آن وقت ذلك وإن لم یأن فعن قریب سیجی‏ء إن شاء الله تعالی.

فإذاً لاعجب أن قامت فی المسلمین نهضات للإصلاح، ورفع التفرقة وجمع الشمل، وإعادة كیانهم المجید، ومجدهم العزیز.

ونسأل الله تعالی الإستقامة والصبر للمصلحین، ولمن یوازرهم علی توحید كلمة المسلمین إنه لما یشاء قدیر.

ربنا أفرغ علینا صبراً، وثبت أقدامنا

وانصرنا علی القوم الكافرین‏

قم المقدسة

شوال 1382

 

بسم الله الرحمن الرحیم‏

الحمدلله رب العالمین الرحمن الرحیم‏

مالك یوم الدین إیاك نعبد وایاك نستعین إهدنا

الصراط المستقیم صراط الذین إنعمت علیهم‏

غیر المغضوب علیهم ولاالضالین.

اللهم صل علی محمد امینك علی وحیك، ونجیبك من خلقك، وصفیك من عبادك، امام الرحمة وقائد الخیر ومفتاح البركة، وعلی آله الطاهرین.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذین سبقونا بالایمان ولا تجعل فی قلوبنا غلا للذین آمنوا ربنا إنك رؤوف رحیم.

وكان من دعائه علیه السلام فی الصلاة علی اثباع الرسل ومصدّقیهم‏[16]

اللهم وأتباع الرسل ومصدقوهم من أهل الأرض بالغیب عند معارضة المعاندین لهم بالتكذیب، والإشتیاق إلی المرسلین بحقایق الإیمان فی كل دهر وزمان، أرسلت فیه رسولا وأقمت لأهله دلیلًا من لدن آدم إلی محمد صلی الله علیه وآله من أئمة الهدی، وقادة أهل التقی، علی جمیعهم السلام فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان.

اللهم وأصحاب محمد صلی الله علیه وآله خاصّة الذین أحسنوا الصحابة، والذین أبلوا البلاء الحسن فی نصره، وكانفوه وأسرعوا إلی وفادته، وسابقوا إلی دعوته، واستجابوا له حیث أسمعهم حجّة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد فی اظهار كلمته، وقاتلوا الابآئ والأبناء فی تثبیت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوین علی محبته یرجون تجارة لن تبور فی مودته، والذین هجرتهم العشآئر اذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات اذ سكنوا فی ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفیك، وارضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق علیك، وكانوا مع رسولك دعاة لك الیك، واشكرهم علی هجرهم فیك دیار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش الی ضیقه، ومن كثرت فی اعزاز دینك من مظلومهم.

اللهم وأوصل الی التابعین لهم باحسان الذین یقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذین سبقونا بالإیمان خیر جزائك، الذین قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم، ومضوا علی شاكلتهم ...

اللهم وصل علی التابعین من یومنا هذا الی یوم الدین و علی ازواجهم، وعلی ذریاتهم، وعلی من اطاعك منهم صلوة تعصمهم بها من معصیتك (إلخ).

 

الخطوط العریضة

المسلمون كما أسلفنا الإیعاز إلیه فی حاجة ماسة إلی الاتحاد، ورفض ما أوجب الشحناء بینهم فی الأجیال الماضیة، وإذا كانت بینهم بعض الخلافات فیجب علیهم أن لا یجعلوها سبباً للتنازع والتخاصم. قال الله تعالی:

(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحكم)[17].

سیما فی هذا العصر الذی تداعی علینا الأمم كما تداعی الأكلة علی القصاع‏[18]

وأولی الناس برعایة هذا الواجب هم الكتاب والمصنّفون، فإنهم أدلاء العامة، وهداة الحركات الفكریة، فكما تكون لبعض المقالات والمؤلفات آثار قیمة لجمع الشمل، وعز الإسلام یكون لبعضها الآخر من مصارع السوء، والآثار المزخیة ما لا یمكن دفعها إلا بعد مجاهدات و مجاهدات، فیجب علی المؤلفین الإحتراز عما یوجب إثارة الضغائن المدفونة كما أنه یجب علیهم التجنب عن الإفتراء والبهتان، ورعایة الأمانة والصدق، ونصیحة الأمة.

 

فإن أراد كاتب أن یكتب حول مذهب ما، كلمة أو كتاباً فالواجب علیه الرجوع إلی مصنفات علماء هذا المذهب فی العقاید والفقه، وملاحظة آراء أكابرهم، والنظرات المشهورة بین أهل هذا المذهب، وترك الآراء الشاذة المتروكة بینهم، وأن لا یأخذ البری‏ء منهم بجرم المسی‏ء، ولا ینسب إلی الجمیع ما ذهب الیه بعض من ابتلی بالشذوذ فی الرأی، فإنه لیس من مذهب إلا ویوجد فیه من له بعض الآراء الشاذة.

ولعمر الحق لو راعی الكتاب والمؤلفون هذا الأمر حق رعایته لذهبوا بكثیر من أسباب المنازعات والمخالفات، ولما وقعت بین المسلمین هذه المنافرات، ولما بهت المسلم أخاه المسلم بالكفر والشرك، وهذا أدب یجب علی كل كاتب أن یرعاه وإن لم یكن مسلماً.

إذا طهرت الصحف والأقلام من دنس الأغراض والعصبیات وانتزعت من أیدی الجهال وغیر الخبراء، أدی ذلك إلی تخلص نفوس العامة من الأحقاد والضغائن، ومن إساءة الظن بالأبریاء.

هذا، ونحن لا نخفی أسفنا الشدید علی ما یصدر عن بعض الكتاب مما لا ینتفع به إلا أعداؤنا، ولیست فیه أیة فائدة ءلا الضعف والفشل، وخدمة الإستعمار الغاشم مضافاً إلی ما فی كلماتهم من الإفتراء والبهتان.

ونحن نحسن الظن بإخواننا المسلمین، ولا نحب أن یصدر عن مسلم بصیر بعقائد أهل السنة والشیعة وآرائهم مثل هذه المقالات التافهة، ونرجو أن لا یكون بین المسلمین من یتعمد ذلك، ونكره أن یكون بین الأمة من یخون الإسلام بلسانه وقلمه، ولا یشعر بضرره علی قومه وأمته.

وربما سامعنا بعض الكتاب الذین یكتبون فی الأجیال الماضیة عن الشیعة أو أهل السنة، ویسندون إلیهم المقالات المكذوبة علیهم، حیث لم یكن العثور علی كتب الفریقین وآرائهم فی وسع كل كاتب، وأما فی هذا العصر الذی أصبح كتب الفریقین فی متناول جمیع الباحثین، ویمكن استعلام عقیدة كل طائفة من علمائها بكل الوسائل والسبل، فلا عذر لمن یرمی أخاه بما لیس فیه، ویتهمه بمجرد سوء الظن، وقد قال الله تعالی:

(یا أیها الذین آمنوا اجتنبوا كثیراً من الظن إن بعض الظن إثم)[19]

ومن الكتب التی نسبت إلی نسبت إلی الشیعة المخاریق العجیبة، وسلكت مسلك أنصار الأمویین وغیرهم من أعداء عترة النبی صلی الله علیه وآله وسلم كتاب سماه مؤله [الخطوط العریضة للأسس التی قام علیها دین الشیعة الإمامیة الإثنی عشریة] فبالغ فی البهتان والإفتراء، وتجریع عواطف الشیعة وأهل السنة، وفیه من الكذب الظاهر والفحش البین، والخروج عن أدب البحث والتنقیب ما لا یصدر إلا عن جاهل بحت، أو من كان فی قلبه مرض النفاق، وأراد تفرقة المسلمین وافساد ذات بینهم، وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فیما رواه الترمذی وأحمد وأبو داود:[20].

ألا أخبركم بأفضل من درجة الصیام، والصلاة، والصدقة، إصلاح ذات البین فان فساد ذات البین هو الخالقة.

وفی خبر من طرقنا إنه صلی الله علیه وآله وسلم قال:

إصلاح ذات البین أفضل من عامة الصلاة. والصیام‏[21].

وأخرج الطبرانی عنه صلی الله علیه وآله وسلم: من ذكر امرءً بما لیس فیه لیعیبه حبسه الله فی نار جهنم حتی یأتی بنفاد ماقال‏[22].

فما ظنك یا أخی بمن افتراء علی طائفة من المسلمین الذین آمنوا بالله ورسوله، وكتابه وبالیوم الآخر، ویقیمون الصلاة ویؤتون الزكاة، ویصومون ویحجون، ویحرمون ما حرم الله فی كتاب ه وسنة نبیه. ویحلّون ما أحل الله ورسوله، ما هم منه أبریاء.

وقد طعن فی هذا الكتاب علی أئمة المذهب ومفاخر الإسلام، ودافع عن سیرة یزید بن معاویة، وأظهخر انحرافه عن أمیر المؤمنین علی علیه السلام الذی لا یحبه إلا مؤمن، ولا یبغضه إلا منافق،[23] لیهیج الشیعة ویستنهضهم علی أهل السنة حتی یعارضوا ذلك بالمثل، فیتحقق أمله وأمل أعداء الدین من المستعمرین وغیرهم بإثارة خصومة حادة بین المسلمین، فإن الإستعمار لا یحب أن یری الشیعی والسنی یغزوانه فی صف واحد، ولا یرید اتفاقهما فی الدفاع عن الصهیونیة، ولا یرید اتحاد المسلمین فی إحیاء مجدهم واسترجاع تراثهم الإسلامی، واستعادة البلاد والأراضی المغتصبة منهم:

الإستعمار یرید الشقاق والنفاق حتی یصفو له الجو وتتحق أهدافه، ومحب الدین الخطیب كاتب الخطوط العریضة، ومن یسلك سبیله، یمهد له الوصول إلی مطامعه الخبیثة من حیث یعلم أو لا یعلم.

ولكن لا یبلغ الإستعمار آماله إنشاء الله تعالی، وسینجح المصلحون، ولا تهنُ عزائمهم بهذه الكلمات، فإنهم أعلم بمقالات أرباب المذاهب وآرائهم، والتقریب فكرة إصلاحیة كلما مر علیها الزمان یزداد المؤمننون بها، وإن یری محب الدین استحالتها لأنه لم یفهم أو لم یشأ أن یفهم معناها.

وبعد ذلك كله فنحن نكره أن نخوض فی نیة محب الدین، وأنه أراد إثارة الفتن، وخدمة أعداء الإسلام، وإعانتهم علی هدم كیان المسلمین فالله هو العالم بالضمائر، فلا نرید أن نسیر معه فی مقالاته، ونوضح أخطاءه وعثراته، بل نرید تخلیص أذهان بعض إخواننا من أهل السنة، وتطهیرها من هذه التهم والإفتراءات، وجعلنا كتاب الخطوط العریضة مورد البحث والنقد لأنه بالغ فی التهجم علی الشیعة، وأتی بكل ما أراد من الكذب والبهتان، ولم نعارضه بالمثل‏ (إنما یفتری الكذب الذین لا یؤمنون بآیات الله واولئك هم الكاذبون)[24] بل لم نتعرض لما عند أهل السنة من آراء شاذة فی الفروع والأصول، وما نسب أهل الإعتزال إلی الأشاعرة، والأشاعرة إلی المعتزلة، وأتباع بعض المذاهب إلی غیرهم، وما حدث بیهنم من المجادلات الكلامیة فی الكلام وخلق القرآن وغیره، وتكفیر بعضهم بعضاً إلا ما دعت الحاجة إلیه لتوضیح‏ المراد وتحقیق البحث والتنقیب، فإنا لا نری فائدة فی نقل هذه المناقشات الا ضعف المسلمین وتشویه منظر الدین ونأخذ بما أدبنا الله تعالی به فقال سبحانه:

(ولا تستوی الحسنة ولا السیئة ادفع بالتی هی أحسن فإذا الذی بینك وبینه عداوة كأنه ولی حمیم)[25].

ونقول:

(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذین سبقونا بالإیمان، ولا تجعل فی قلوبنا غلا للذین آمنوا ربنا إنك رؤوف رحیم)[26].

كیف تمت فكرة التقریب‏

قال محب الدین الخطیب فی ص 5: «ونضرب لذلك‏

مثلا بمسألة التقریب من أهل السنة والشیعة ...

ثم هاجم دار التقریب بشدة، لأن غرضه الأصلی من‏

تألیفه الخطوط العریضة! مهاجمة مبدء التقریب».

من سبر أحوال المجتمع الإسلامی فی أمسه ویومه، ووقف علی الصراع الطائفی الذی أردی المسلمین فی مثل هذا الضعف والإنحلال، والسقوط فی أحضان الإستعمار وجد أنّ سبب هذا التنافر والتشاجر جلّه أو كله یرجع إلی سیاسات غابرة انتهت وكانت من نتایجها إبادة أربابها، ویدرك كما أدرك المصلحون ودعاة الوحدة والتقارب أنّ الإسلام لن تعود ألیه دولته الذاهبة إلا إذا عادت إلی المسلمین وحدتهم فی ظل الإسلام.

والواقع: إن من أعظم الأسباب فی نشوب هذه المعارك المذهبیة إنما هو جهل كل طائفة بآراء الطائفة الأخری، وإن التقارب بین المذاهب الإسلامیة أمر ممكن إذا ما قدر للمسلمین أن یعیشوا فی أفق أعلی وأنزه مما عاشوه فی بعض أجیالهم الماضیة.

بل إن ذلك ضرورة حتمیة لمصیرهم ومستقبلهم، ولیس ذلك من المستحیل كما زعمه الخطیب، بل یمكن أن یعیش المسلمون فی محبة ووئام، كما عاش خیار الصحابة فی صدر الإسلام، مع اختلافهم فی الرأی والفتیا، حیث كانوا إخوة أحباء، تتمیز أخوتهم بالتفادی والإ" یثار، ولم یفض اختلافهم فی الرأی إلی جفوة أو بغضاء، أو تدابر أو تقاطع أو شحناء.

نعم أدرك المصلحون أن المجتمع الإسلامی فی عصرنا هذا لا یقبل تكفیر المسلم المؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلی الله علیه وآله بمجرد المزاعم والإفترائات والخلافات الفرعیة[27].

فلیس إذا فكرة التقریب فكرة شیعیة أو فكرة سنیة فضلًا عن أن تكون ولیدة فكرة حكومة شیعیة أو سنیة، ولم تؤسس دار التقریب للتقریب بین السنة والشیعة فقط، بل تأسست للتقریب بین جمیع المذاهب الإسلامیة، وقد ساهم فی تأسیسها من رجال العلم والدین أفذاذ لایشك فی صدق نیاتهم.

وأما ما ذكر من إنفاق دولة شیعیة علی دار التقریب فنحیل الفاحص عن ذلك إلی أقطاب جمعیة التقریب السنة وغیرهم.

ولو سلم كون التقریب فكرة شیعیة، وصدر من مبدء شیعی فلماذا لا یقبله السنی لأنه فكرة شیعیة ما الذی یمنع من التفكر والتأمل حول آراء الطرفین؟

وماذا یخسر السنی إذا ما عرض له الشیعی آراءه وعقائده لئلا یسی‏ء إلیه الظن ولا یعتهمه بالفسق أو الكفر؟

إن الشیعی لا یری بذلك بأساً ولا یحس ضرراً من أن یدرس عقائد أهل السنة ومذهبهم فهو حر فی دراسة جمیع العقائد یقرأ كتب أهل السنة وصحفهم ومجلاتهم.

فهذه مكتبات قم، والنجف وطهران، وجبل عامل وغیرها من البلاد والعواصم الشیعیة، والجامعات العلمیة مملوة من كتب السنیین القدماء ومن الصحاح، وجوامع الحدیث والتفاسیر والتواریخ، یدرسونها فی مدارسهم، ومن كتب المتأخرین، والمعاصرین أمثال الشیخ محمد عبده، ومحمد فرید وجدی والعقاد، ورشید رضا، وهیكل، والطنطاوی وأحمد أمین، وسید قطب، ومحمد قطب، والندوی، والمودودی وعفیف طباره، ومحمد الغزالی، وعبد الرزاق نوفل، والشیخ منصور علی ناصیف مؤلف «التاج الجامع للأصول» والشیخ المراغی والشیخ ندیم الجسر وغیرهم.

وهذه محاضرات الشیعة فی الفقه یدرسون فیها أقوال جمیع أئمة الفقه، ورؤساء المذاهب، ویذكرون خلافاتهم، ویبحثون فی أدلة الأقوال، ویأخذون بما هو أوفق بالكتاب والسنة باجتهادهم من غیر تعصب لرأی، وكانت هذه سیرتهم من القدیم، فراجع كتاب «الخلاف» للشیخ الإمام أبی جعفر محمد بن الحسن الطوسی، و «التذكرة» للعلامة الحلی وغیرهما، لم یمنع أحد من العلماء تلامذته، وطلبة العلوم من مراجعة كتب أهل السنة، ولا ینكر أحد علی أحد شراءه وبیعه كتب أهل السنة فی العقاید والحدیث والكلام، ولا یرون بذلك كله بأساً، بل یستحسنونه ویستحثون علیه.

فریة الخطیب علی علماء النجف‏

حكی الخطیب‏[28] فی ص 6 نسبة بشعة من‏

بعض كتب الشیعة إلی الخلیفة عمر بن الخطاب،

ونسب نشر الكتاب الذی ذكر فیه هذه النسبة إلی‏

علماء النجف، ونسب إلیهم أنهم قالوا فیه عنه كذا ...

من أوضح ما یظهر منه سوء نیة الخطیب، وأنه لم یرد إلا إثارة الفتن والشقاق والخالف بین المسلمین بافتراءاته النابیة إسناد نشر الكتاب المذكور إلی علماء النجف، وحكایته عنهم أنهم قالوا فیه عن عمر بن الخطاب إنه كان ...

ولو أسند نشره إلی ناشر معین وذكر اسمه واسم مؤلفه لكان له عذر فی نقلها، ولكنه أسند نشره كذباً وبهتاناً ءلی علماء النجف یعنی به جمیعهم، وهم من أحوط الناس علی رعایة حرمة الإسلام والمسلمین، لا تجری أقلامهم وألسنتهم الطبة النزیهة إلا فی الإصلاح بین المسلمین وتوحید كلمتهم، ودعوتهم وإرشادهم الی الخیر، ورفض البغضاء والشحناء، فهم فی طلیعة المصلحین المجاهدین لتحقیق الوحدة الإسلامیة، ونبذ ما یوجب الخلاف والشقاق.

إذاً فلا شك أنه لم یرد بما حكاه عنهم إلا تجریح العواطف وتهییج الفتنة، وافتراق كلمة المسلمین أو النیل من الخلیفة بنشر هذه النسبة إلیه، وتسجیل نقلها عن علماء النجف، وفیهم من رجالات الدین والعلم والمعرفة بتواریخ الإسلام، وتراجم الرجال‏ من آرائه وأقواله فی غایة ال‏ءعتبار والإعتماد، فكأنه أراد بتسجیل ما حكگاه علی علماء النجف تسجیل أصل النسبة علی الخلیفة وإشاعتها، فإن الكتاب الذی ذكر فیه هذه النسبة «إن كان الخطیب صادقاً فیما حكاه» لیس معروفاً وفی متناول أیدی الشیعة وأهل السنة، فنحن لم نقف علیه ولا علی اسم كاتبه بعد، مع الفحص الكثیر فی المكتبات، ولم نطّلع علی مافیه إلا بحكایة الخطیب فی كتابه الذی نشره فی أرجاء العالم الإسلامی، وجعله فی متناول أیدی أعداء الإسلام، والمتتبعین لعورات المسلمین، وكان الواجب علی الحكومات السنیة مؤاخذة الخطیب ومصادرة كتابه بإشاعته هذه النسبة، وحكایته فی كتاب یقرؤه المسلمون وغیرهم.

وعلی كل حال لاحاجة لنا بتبرئة علماء النجف عما حكی عنهم، فإن شأنهم الرفیع أكبر وأنبل من ذكر الأمور الشائكة فی كتبهم، فهم معتمدون فی مقالاتهم وآرائهم فی المذهب والفقه والعلوم الإسلامیة علی أقوی الأدلة العلمیة.

هذا، ولو فرضنا ذكر شی‏ء من هذا القبیل فی نقل لایعتمد علیه، أیجوز له أن ینسب ذلك إلی الشیعة!؟ وإلا فیجوز أن ینسب إلی السنیین عقاید النواصب الذین سبوا أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام، وأحدثوا فی الإسلام ما أحدثوا، وقتلوا سبطی رسول الله وریحانتیه صلی الله علیه وآله.

والعجب أن الخطیب تارة یقول إن التقیة عند الشیعة عقیدة دینیة تبیح لهم التظاهر بغیر ما یبطنون، وأخری یقول بتظاهرهم بأمر، لوكان التقیة من دینهم لكان الواجب علیهم أن یستروه، لا أن یذیعوه ویكتبوه، وینشروه حتی یقرأه كل معاضد ومعاند،

فتأمل ما فی كلماته من التهافت والتنناقض، ومجانبة الحق والإنصاف عصمنا الله تعالى منها.

الأصول قبل الفروع‏

قال الخطیب فی ص 7: «ومن أتفه وسائل التعارف أن یبدأ منها بالفروع قبل الأصول، فالفقه عند أهل السنة وعند الشیعة لا یرجع إلی أصول مسلمة عند الفریقین، والتشریع الفقهی عند الأئمة الأربعة من أهل السنة قائم علی غیر الأسس التی یقوم علیها التشریع الفقهی عند الشیعة، وما لم یحصل التفاهم علی هذه الأسس والأصول قبل الإشتغال بفروعها، وما لم یتم التجاوب فی ذلك من الباحثین فی المعاهد العلمیة الدینیة للطائفتین فلا فائدة من إضاعة الوقت فی الفروع قبل الأصول، ولا نعنی بذلك أصول الفقه بل أصول الدین من جذورها الاولی إلخ».

إن كان مراده من الأصول تلك التی قامت علیها دعوة الإسلام فلا اختلاف فیها بین المسلمین من الشیعة والسنة، لا اختلاف بینهم فی أن الله واحد أحد صمد، لم یلد ولم یولد، ولم یكن له كفواً أحد، ولیس كمثله شی‏ء، ولا فی أنه علیم قدیر، سمیع بصیر، له الأسماء الحسنی.

ولا فی نبوة أنبیاء السلف، ولا فی نبوة خاتم الأنبیاء وسیدهم محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله، ولا فی أن القرآن كتاب الله الذی أنزل إلیه لیخرج الناس من الظلمات إلی النور، لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه تنزیل من حكیم حمید.

ولا اختلاف بینهم فی المعاد، والثواب والعقاب، والجنة والنار، وغیر ذلك من الأمور الإعتقادیة التی یعرفها المسلمون، ویؤمنون بها كلهم، كما لاخلاف بینهم فی وجوب الصلاة، والصوم، والحج والزكاة وغیرها من التشریعات المالیة والبدنیة، والإجتماعیة والسیاسیة.

وإن كان مراده من الأصول مسائل أخری مما اختلف فیه الصحابة أو التابعون، أو الفقهاء فلیست هذه المسائل من تلك، وأذا كان الخطیب یعرف أصلًا من الأصول التی قامت علیها دعوة الإسلام مما یعد الإیمان فی عصر النبی صلی الله علیه وآله والصحابة عند الجمیع من شرایط الإسلام، ولایعرفه المسلمون من أهل السنة أو الشیعة فی هذا العصر فنحن نطالبه به.

الاسس التی یقوم علیها التشریع الفقهی‏

أما ما ذكره من أن الفقه عنذ أهل السنة وعند الشیعة لا یرجع إلی أصول مسلّمة عند الفریقین، وأن التشریع الفقهی عند الأئمة الأربعة من أهل السنة قائم علی غیر الأسس التی یقوم علیها التشریع الفقهی عند الشیعة.

فجوابه: أن الفقه عند جمیع المسلمین من الشیعة وأهل السنة یرجع إلی الكتاب والسنة، والشیعة من أشد الناس تمسكاً بهما إن لم نقل إنهم أشد الفریقین فی ذلك، ومع ذلك كیف تكون الأسس التی قام علیها التشریع الفقهی عند أهل السنة غیر الأسس التی قام علیها عند الشیعة، وما الفرق بین السنی والشیعی فی هذه الأسس‏[29]؟ نعم لایجوز عند الشیعة إعمال القیاس والإستحسان والرأی فی الشریعة،

كما هو المعمول به عند بعض رؤساء المذاهب الأربعة، لأن القول بجواز العمل بالقیاس والإستحسان یفضی عندهم إلی القول بنقص الشریعة التی لم تترك شیئاً من الأمور الدینیة والدنیویة إلا وقد بینت حكمها، ولعدم مسیس الحاجة إلی إعمال القیاس، لإمكان استخراج أحكام جمیع الوقایع والأحداث والقضایا من الكتاب والسنة، وعدم وجود واقعة لا یمكن إدراجها تحت الأحكام الكلیة، وذلك لم یكن من مختصات الشیعة.

ولا یخفی علیك إن أكثر الخلافات الواقعة فی الفقه یرجع إلی اختلاف الإجتهاد فی استخراج الحكم من النصوص، وثبوت بعض الأحادیث عند مجتهد، وعدم ثبوتها عند مجتهد آخر.

هذا مضافاً إلی أنه لا ملزم لتبعیة المجتهد للأسس التی قام علیها التشریع الفقهی بحسب مذهب خاص، ولا أن یكون مقیداً بطریقة إمام خاص كالشافعی وأبی حنیفة وغیرهما، بل یجب أن یكون المتبع هو الأسس التی قام علیها التشریع الإسلامی «الكتاب والسنة» سواء وافق رأی أهل مذهب خاص أم لم یوافق، فإن وافق اجتهاد مجتهد فی مسألة فتوی مجتهد شیعی لا بأس به، فإن المحذور مخالفة الأصول التی قام علیها التشریع الإسلامی لا الأسس التی قام علیها اجتهاد مجتهد خاص.

وقد كان المسلمون قبل حصر المذاهب فی الأربعة یجتهدون فی الكتاب والسنة، كما هو سیرة الشیعة ال‏ءمامیة فی الإجتهاد إلی الیوم.

وأما صحة الإجتهاد فی فتوی مجتهد خاص فلم یدل علیها دلیل، ولم یقم علی اعتباره لغیره من المجتهدین حجة من الكتاب والسنة، مضافاً إلی أنه یوجب سد باب الإجتهاد وسلب الحریة عن المجتهدین ووقوف الفقه الإسلامی عن مسیره، وحرمان العلماء عن التفكیر والتأمل فی الكتاب والسنة، وأظن أن الأئمة الأربعة أیضاً لم یریدوا أن یكون مسلكهم فی الفقه حجة لسایر المجتهدین، وسبباً لإقفال باب الإجتهاد علیهم، لتنحصر المذاهب فی الأربعة[30] كما أظن أن المجتهدین لو جعلوا

 

نصب أعینهم التشریع الإسلامی، والكتاب والسنة، ولم یقیدوا أنفسهم باتباع مذهب مجتهد معین، كما كان علیه المسلمون قبل تأسیس هذه المذاهب، لزال كثیر من هذه الإختلافات والمنافرات، ولسار الفقه الإسلامی نحو عالم أرقی وأوفق بالكتاب والسنة وبمزاج العصر، والمزید البحث فی ذلك مجال آخر.

 

 

 

 

 

 

[1] ( 1) فصلت/ 34.

[2] ( 2) الانفال/ 46

[3] ( 3) الفرقان/ 42

[4] ( 4) ق/ 18

[5] ( 1) النور/ 24.

[6] ( 1) الحجرات/ 10

[7] ( 2) الحجرات/ 13

[8] ( 3) بخاری: ج 1، ص 123.

[9] ( 4) مسند احمد: ج 4، ص 270.

[10] ( 5) مستدرك الحاكم: ج 4، ص 317.

[11] ( 1) فی الأحادیث الكثیرة كحدیث الثقلین المتواتر الذی توجد له طرق كثیرة فی كتب الحدیث مثل صحیح مسلم، ومسند أحمد والطیالسی؛ وسنن الترمذی والبیهقی والدارمی، وأسد اتلغابة، وكنز العمال، ومشكل الآثار، والجامع الصغیر، والصواعق، وتهذیب الآثار، ومجمع الزوائد، وحلیة الأولیاء، وغیرها، وإلیك لفظ الحدیث فی بعض طرقه:« إنی تارك فیكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدی، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلی الأرض وعترتی أهل بیت، ولن یتفرقا حتی یردا علیّ الحوض فانظرونی كیف تخلفونی فیهما». وفی بعضها الآخر:« إنی أوشك أن ادعی فأجیب وإنی تارك فیكم الثقلین: كتاب الله عزوجل وعترتی، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلی الأرض وعترتی أهل بیتی وإن اللطیف الخبیر أخبرنی أنهما لن یفترقا حتی یردا علی الحوض فانظرونی بم تخلفونی فیهما».

[12] ( 1) المؤمنون/ 52

[13] ( 2) آل عمران/ 105

[14] ( 1) الاعراف/ 128.

[15] ( 1) الانبیاء/ 92.

[16] ( 1) هذا الدعاء الرابع من الصحیفة السجادیة التی یداوم الشیعة علی قراءة أدعیتها، نقلناه هنا لیعرف الباحثون منزلة صحابة النبی صلی الله علیه وآله الرفیعة عند الشیعة.

[17] ( 1) الأنفال/ 46

[18] ( 2) أخرج أبو داود فی باب تداعی الأمم علی الإسلام من كتاب الملاحم ص 210 ج 2 بطریقه عن ثوبان قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله:« یوشك الأمم أن تداعی علیكم كما تدای الأكلة إلی قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن یومئذ؟ قال: بل أنتم یومئذ كثیر، ولكنكم غثاء كغثاء السیل، ولینز عن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ولیقذفن الله فی قلوبكم الوهن»، فقال قائل: یا رسول الله وما الوهن؟ قال:« حب الدنیا وكراهیة الموت».

[19] ( 1) الحجرات/ 12

[20] ( 2) الجامع الصغیر: ج 1، ص 114، الطبعة الرابعة.

[21] ( 1) نهج البلاغة: جزء 3، ص 47.

[22] ( 2) الجامع الصغیر: ج 2، ص 171.

[23] ( 3) راجع المسند 6/ 292- المعجم الاوسیط 3/ 2176 مسند ابی العلی 12/ 6904 و 6931 والترمذی ومجمع الزواید و كنز العمال و و و

[24] ( 1) النحل/ 105

[25] ( 1) فصلت/ 34

[26] ( 2) الحشر/ 10

[27] ( 1) انظر فی ذلك ما كتبه الأستاذ العلامة الشیخ محمد تقی القمی السكرتیر العام لجماعة التقریب تحت عنوان« قصة التقریب» فی« رسالة الإسلام» فی العدد الرابع من السنة الحادیة عشرة.

[28] ( 1) علی ما هو ثابت فی طبعته الأولی ولكن حذفت من الطبعة السادسة.

[29] ( 1) ونعم ما قال فضیلة العلامة الأستاذ الشیخ محمود شلتوت شیخ الأزهر فیما كتبه جواباً عن مسائل أبی الوفا الكردستانی وإلیك بعض نصوصه:

علی ان تقسیم المذاهب إلی شیعة وسنة إنما هو اصطلاح فی التسمیة، وإلا فكل المسلمین أهل السنه لأنهم جمیعا یوجبون الأخذ بالسنة، والشیعة كذلك نمن غیر شك، إذ إن الشیعی لا یقول: قد یثبت حدیث ما عن رسول الله صلی الله علیه وآله وأرفض العمل به من حیث هو حدیث ثابت عن رسول الله، ولكنه یقول كما یقول جمیع المسلمین إذا صح الحدیث فهو مذهبی. وإنما وقع الخلاف أحیاناً فی ثبوت الحدیث عند فریق وعدم ثبوته عند فریق آخر، وتوضیحاً لذلك نذكر ما ذكره أخونا العلامة الشیخ محمد الحسین آل كاشف الغطاء الشیعی الإمامی فی العراق فی بعض ما كتب: إن عندنا قضیة صغری وقضیة كبری تؤلفان قیاساً واحداً شكله هكذا:« هذا ثبت عن رسول الله وكل ما ثبت عن رسول الله صلی الله علیه وآله یجب العمل به شرعاً». فالخلاف بین المسلمین لیس فی الكبری بل كلهم مجمعون علیها إجماعاً لا یتطرق إلیه الشك وإنما هو فی الصغری.« انظر رسالة الإسلام العدد الثالث والرابع من السنة الثانیة عشرة».

[30] ( 1) وقد أعلن بفتح باب الإجتهاد، وعدم لزوم اتباع إمام مذهب خاص و عدم حصرها فی المذاهب الأربعة، وجواز التعبد بمذهب ال‏ءمامیة ف ضیلة العلامة شیخ الأزهر الشیخ محمود شلتوت فی فتواه التاریخیة، وفی أجوبة مسائل أبی الوفاء المعتمدی الكردستانی، وفی موارد أخر، فراجع رسالة الإسلام العدد الثالث من السنة الحادیثة عشرة، والعدد الثالث والرابع من السنة الثانیة عشرة. وما أدلی فضیلته إلی إحدی الصحف المصریة الكبری بحدیث خطیر الشأن سجل أیضاً بعض فقراتها فی رسالة الإسلام- العدد الأول من السنة الحادیة عشرة فقد صرح فیه بإفتائه فی كثیر من المسائل بمذهب الشیعة خضوعاً لقوة الدلیل، ذكر منها علی سبیل المثال مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد، فإنه یقع فی المذاهب السنیة ثلاثاً، ولكنه فی مذهب الشیعة یقع واحدة رجعیة، ومسألة الطلاق المعلق فإنه علی مذهب الشیعة لا یقع به الطلاق مطلقاً.

وراجع أیضاً حدیثه مع مندوب جریدة إطلاعات الإیرانیة المسجل فی رسالة الإسلام فی العدد الثانی من السنة المذكورة. وراجع مقالة الشیخ محمد محمد المدنی عمید كلیة الشریعة بالجامعة الأزهریة فی رسالة الإسلام العدد الرابع من السنة المذكورة تحت عنوان( رجة البعث فی كلیة الشریعة) وانظر ما كتبه الشیخ محمد أوب زهرة تحت عنوان( الوحدة الإسلامیة) فی العدد الثالث والرابع من السنة العاشرة.

السبت / 10 أغسطس / 2019