پنجشنبه: 1403/01/9
نسخة للطباعةSend by email
مناقب و مدائح أمير المؤمنين عليه السلام في كلام المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي مد ظله

نبارك للأمة الاسلامیة و خصوصا شیعة أمیر الامؤمنین علیه السلام حلول عید الغدیر عید ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام

 

مناقب و مدائح أمیر المؤمنین علیه السلام  فی كلام المرجع الدینی الكبیر آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافی مد ظله

مختار من مقدمة كتابه : " قبس من مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام"

 

 

وماذا یقول الناس فی مدح من أتت‏

مدائحه الغراء فی محكم الذكر

 

لا یخفى: أنّ سكوت الفصحاء والبلغاء، والعلماء والحكماء، والعرفاء والأولیاء أمام مناقب الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام أخ الرسول وزوج البتول، أعلم الناس وأعرفهم باللَّه وأعبدهم له بعد رسول اللَّه صلى الله علیه و آله، أبلغ من أن یمدحوه بما وصلوا إلیه من معرفة فضائله، ومراتبه الرفیعة، ومقاماته العلیة، ومشاهده الجلیة الجلیلة، ومعجزاته الظاهرة الباهرة، وعجائب أمره.

فالاعتراف بالعجز فی حظیرة قدسه ومشهد عظمته أولى لكل أحد، وهو كما خاطبه النبیّ صلى الله علیه و آله فی حقّه حقّاً: «لو أنّ الإنس كتّاب والجن حسّاب ما أحصوا فضائلك»، وهو الذی جعل اللَّه له فضائل لا یحصى عددها غیره والذی خاطب اللَّه تعالى نبیّه لیلة المعراج بلغته.

وقال بعض أصحاب النبی صلى الله علیه و آله فیه: لقد كان لعلی من السوابق ما لو أنّ سابقة منها بین الخلائق لوسعتهم خیراً[1].

ولقد كان- علیه أفضل الصلاة والسلام- أعظم آیة اللَّه تعالى ولعلمه وقدرته وسائر صفاته العلیا. ولیس له بدیل ولا شبیه یعادله فی عالم الإمكان إلّاابن عمه رسول اللَّه صلى الله علیه و آله الذی كان له صلى الله علیه و آله ظهیر بلا نظیر.

ولقد كان عظیماً فی بطولاته وتضحیاته، عظیماً فی نصرة الحق وإقامة العدل، عظیماً فی إعلاء كلمة اللَّه، عظیماً فی رحمته للضعفاء ومواساته للفقراء، عظیماً فی خوفه من اللَّه تعالى، وفی فصاحته وبلاغته، ومأكله وملبسه ومشربه، وفی كل أحواله وأفعاله.

فتعالى اللَّه العلیّ العظیم خالق هذا الإنسان ومودع هذه العظمات والكمالات فیه، وتبارك اللَّه المتصاغر لعظمته هذا الإنسان والمتذلل لجلاله وجبروته وسلطانه، والخائف من كبریائه، والمعترف عنده بعجزه وفقره إلیه، وهو الذی قال: إلهی كفى لی عزّاً أن أكون لك عبداً، وكفى لی فخراً أن تكون لی ربّاً.

فهو الممسوس فی ذات اللَّه، والبكّاء من خشیة اللَّه، والمجاهد فی سبیل اللَّه، وهو الصراط المستقیم، والعروة الوثقى وحبل اللَّه المتین، ومیزان الأعمال، وقسیم الجنة والنار، ویداللَّه الباسطة، وعینه الناظرة، وحجته البالغة.

ویعجبنی هنا نقل كلام الشارح المعتزلی، إذا قال- فی شرح قوله علیه السلام فی كتاب له إلى معاویة «فإنّا صنائع ربّنا والناس‏ بعدُ صنائع لنا»[2]-:

«هذا كلام عظیم عالٍ على الكلام، ومعناه عالٍ على المعانی.  وصنیعةُ الملِك من یصطنِعُه الملك ویرفع قدره. یقول: لیس لأحد من البشر علینا نعمة، بل اللَّه تعالى هو الذی أنعم علینا، فلیس بیننا وبینه واسطة، والناس بأسرهم صنائعنا، فنحن الواسطة بینهم وبین اللَّه تعالى،..»[3] انتهى.

ونرى من جانب آخر صاحب هذه المفاخر العظیمة یتململ من خوفه تعالى كتململ السلیم، وكان كما وصفه بعض أصحابه غزیر الدمعة طویل الفكرة، یحاسب نفسه إذا خلى، ویقلب كفیه على ما مضى ویبكی ویقول: «آه من قلة الزاد وبعد السفر وقلة الأنیس، ما لعلیّ ونعیم یفنى ولذة لا تبقى. ویقول: ألا وإنّ إمامَكم قد اكتفى من دنیاه بطمرَیْه، ومن طُعْمِه بِقُرصَیه ... فواللَّه ما كنزْتُ من دنیاكم تِبْراً ولا ادَّخرت من غَنائمها وَفْراً ولا أعددتُ لِبالی ثَوْبی طِمْراً»[4].

فماذا نقول عن نفس الرسول الذی قال صلى الله علیه و آله فی حقه: إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلّا أنّك لست بنبیّ. فما نحن والكلام عن أمیر المؤمنین ومولى الموحدین علیه السلام إلّا كالقطرة فی جنب البحر والذرة فی جنب الشمس، فعقول العالمین ولسان المادحین أقصر من أن ینال حق هذا الإمام علیه السلام.

لكننی كنت من أوّل ما عرفت نفسی مولعاً بذكره علیه السلام وأولاده الأئمة الكرام علیهم السلام، وكان یزید ذلك فی نفسی بمرور الأیام والأعوام ویزید شوقى وینفتح قلبی بقراءة أحادیثهم وآثارهم وسماع مناقبهم ومدایحهم، وكأنّ القائل قال هذین البیتین بلسان حالی:

حبُّ آل الرسول خالط عظمی‏

وجرى فی مفاصلی فاعذرونی‏

أنا واللَّه مغرم بهواهم‏

عللونی بذكرهم عللونی‏

لا عذب اللَّه أمّی أنّها شربت‏

حب الوصی وغذتنیه باللبن‏

وكان لی والد یهوى أبا حسن‏

فصرت من ذی وذا أهوى أبا حسن‏

 

وقد استخرجت فی هذا الكتاب مأة وعشرة[5] أحادیث فی مناقبه علیه السلام من جوامع الحدیث من مسانید وصحاح وغیرهما من كتب العامة وسمیته بـ «قبس من مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام».

ولا یخفى: أنّ الأحادیث الواردة فی كتب العامة بشأن أمیر المؤمنین علیه السلام كثیرة جدّاً، غیر أنّی اقتصرت على هذا العدد روماً للاختصار ورجاءً لما یقال: ربما مختصر قصیر متواضع یفید المنصف البصیر ویغنیه عن الرجوع إلى موسوعات كبیرة ومجلدات كثیرة إن شاء اللَّه تعالى. وهو الموفق والمعین، والحمد للَّه الذی هدانا لهذا وما كنّا لنهتدی لولا أن هدانا اللَّه، وصلّى اللَّه على سید الأنبیاء والمرسلین أبی القاسم محمّد وآله الطاهرین.

وأود أن أختم المقدمة بمسك الصلوات على محمّد وآله بالأبیات التالیة:

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

أزكى الصلاة وخیرها والأطیبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما اهتزت الأثلاث من نفس الصبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما لاح برق فی الأباطح أوخبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما قال ذو كرم لضیف مرحبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما أمت الزوار طیبة یثربا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما غردت فی الإیك ساجعة الربا

 

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

ما كوكب فی الجو قابل كوكبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

سفن النجاة الغر أصحاب العبا

یا ربّ صل على النبیّ وآله‏

فی الحشر إذ یتساءلون عن النبا[6]

 

 

 

[1] ( 1) اسد الغابة 4: 23.

[2] ( 1) نهج البلاغة، كتاب 28.

[3] ( 2) شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 15: 194.

[4] ( 3) نهج البلاغة، كتاب 45.

[5] ( 1) وهو العدد المعادل لاسمه الشریف( علی) علیه السلام حسب الحروف الأبجدیة. وإن كان بعد تجدید الرجوع إلیه وبما اضیف إلیه فی ذیل كل حدیث صار أكثر من ذلك بكثیر، والحمد للَّه.

[6] ( 1) رشفة الصادی فی بحر فضائل بنی النبیّ الهادی، لأبكر الحضرمی، ص 75.

الاثنين / 19 أغسطس / 2019