جمعه: 1403/01/31
نسخة للطباعةSend by email
شهادة أميرالمؤمنين (عليه السلام) في كلام المرجع الديني الكبير الصافي الگلبایگانی دام ظله

 

أن من الحوادث العظمى التی شهدها شهر رمضان و التی غیّرت مجرى تاریخ الدین الاسلامی هی حادثة إستشهاد أمیر المؤمنین الامام علی بن أبی طالب علیه السّلام فی هذا الشهر.

بشهادة هذا الامام العظیم لقد خسر الاسلام محامیه الحقیقی و جندیّه الوفی وسیفه الأوحد الذی كان یذبّ عنه و یحافظ علیه. بشهادته علیه السلام خسر المسلمون القائد العادل ، و الامام العالم ، و الأب الحنون الرؤوف ، كافل الیتامى والمحرومین ، و حرموا منه لتجتاحهم من بعده أمواج الفتن و تخیّم علیهم سحاب البلایا و المحن ، و تحاصرهم من كل جانب.

إن ضربة " ابن ملجم المرادی " لم تكن إلا ضربة لكیان الاسلام ، و أساس العدالة ، و أصل الحریة و الفضیلة ، بل لجمیع القیم و الأهداف الانسانیة السامیة.

بمناسبة ذكرى هذه الحادثة الألیمة الكبرى و المصیبة العظمى فی الاسلام أدعو جمیع الأحرار فی العالم إلى التعرف على التعالیم الاسلامیة الحقة ؛ فهی وحدها الكفیلة بنجاة البشریة و مصدر فلاحها . و لأجل التعرف على عظم المصیبة و بشاعة الجریمة التی ارتكبها ابن ملجم لابد للجمیع من الوقوف على جوانب من عظمة شخصیة أمیر المؤمنین علیه السلام.

و إلیكم لمحة من تلك الجوانب التی تمیّزت بها هذه الشخصیة الفذّة:

وصی و خلیفه النبی (علیه السلام)

لقد واجه رسول الله صلّى الله علیه وآله وسلّم  أعتى معارضة و أشدّ الخصوم و هو یدعو الناس الى التوحید والحریة والاستقلال و مكارم الأخلاق .. و فی عین الوقت الذی لم یكن بحاجة إلى مساعدة أی أحد فی أستقامته على امر الدعوة  إلا أنه كان بحاجة إلى شراكة الآخرین و إسهامهم ؛ و ذلك لأن الدعوة كانت للناس فلا یمكن التغاضی عن دور الناس فی الدعوة.

طبعاً كسى غیر از على علیه السّلام این شرایط را دارا نبود. این نتیجه اى است كه با مطالعه منصفانه تاریخ اسلام و تاریخ رجال اسلام و صحابه، به دست مى آید.

كان یحتاج إلى عضید و معین و نائب حقیقی یدرك رسالته و أهدافه و یتفانى من أجلها.. خلیفته یجب أن یكون خیر الناس و أفضلهم علما و إیمانا و عملا. لم یكن لا فی شبه الجزیرة العربیة و لا غیرها غیر علی علیه السلام من یحمل هذه المواصفات هذا ما تقرّ به الوقائع و القراءة الصادقة الحقیقیة لتاریخ رجال الاسلام و الصحابة.

علی علیه السّلام ایام طفولته هو من كان یضجعه النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم إلى جنبه و على فراشه و یفیض علیه من هدیه ، و هو من ربّاه على الفضیلة لیرافقه فی غار حراء موضع عبادته و تفكّره  . أجل علی علیه السّلام من علّمه النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم جمیع علومه لیكون نسخة منه مطابقة للأصل .

علی علیه السّلام ولد موحدا و مات موحدا ، و لم یسجد لصنم. لا یصل إلى سابقته و فضله فی الاسلام أحد سبق الناس إلى الصلاة سبع سنین. كما جاء فی الروایة عن النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم:« لقد صلت‏ الملائكة علیّ و علی علیّ‏سبع سنین، و ذلك انّه لم یصل معی رجل غیره‏

 »[1].

وروى إسماعیل بن ایاس بن عفیف ، عن أبیه ، عن جده عفیف ، قال : كنت امرءا تاجرا فقدمت مكة أیام الحج ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، وكان العباس لی صدیقا ، وكان یختلف إلى الیمن ، یشترى العطر ، فیبیعه أیام الموسم فبینا أنا والعباس بمنى ، إذ جاء رجل شاب حین حلقت الشمس فی السماء ، فرمى ببصره إلى السماء ، ثم استقبل الكعبة ، فقام مستقبلها ، فلم یلبث حتى جاء غلام ، فقام عن یمینه ، فلم یلبث أن جاءت امرأة ، فقامت خلفه ، فركع الشاب وركع الغلام والمرأة ، فخر الشاب ساجدا ، فسجدا معه ، فرفع الشاب ، فرفع الغلام والمرأة ، فقلت یا عباس : أمر عظیم ! فقال : أمر عظیم ! فقلت ویحك ما هذا ؟ فقال : هذا بن أخی محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، یزعم أن الله بعثه رسولا وان كنوز كسرى وقیصر ستفتح على یدیه ، وهذا الغلام ابن أخی علی بن أبی طالب وهذه خدیجة بنت خویلد زوجته ، تابعاه على دینه ، وأیم الله ما على ظهر الأرض كلها أحد على هذا الدین غیر هؤلاء . قال عفیف الكندی : ما أسلم ، ورسخ الاسلام فی قلبه غیرهم ، یا لیتنی كنت لهم رابعا,[2] .

 و أمر الله تعالى نبیه  بأن ینذر قرابته بقوله:

(وَانْذِرْ عَشیرَتَكَ الْاقْرَبین‏)[3]

جاء فی روایات عدیدة :

 انه لما نزل قوله : ( وأنذر عشیرتك الأقربین ) جمع رسول الله بنی هاشم وهم یومئذ أربعون رجلا وأمر علیا أن ینضج رجل شاة وخبز لهم صاعا من طعام وجاء بعس من لبن ثم جعل یدخل إلیه عشرة عشرة حتى شبعوا وان منهم لمن یأكل الجذعة ویشرب الفرق . وفى روایة مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال : وقد رأیتم من هذه الآیة ما رأیتم . وفى روایة البراء بن عازب وابن عباس انه بدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ، ثم قال لهم النبی صلى الله علیه وآله : انی بعثت إلى الأسود والأبیض والأحمر ان الله أمرنی أن أنذر عشیرتی الأقربین وانی لا أملك لكم من الله شیئا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله ، فقال أبو لهب : ألهذا دعوتنا ، ثم تفرقوا عنه فنزلت ( تبت یدا أبی لهب وتب ) ثم دعاهم دفعة ثانیة وأطعمهم وسقاهم تم قال لهم : یا بنی عبد المطلب أطیعونی تكونوا ملوك الأرض وحكامها وما بعث الله نبیا إلا جعل له وصیا أخا ووزیرا فأیكم یكون أخی ووزیری ؟ ووصیی ووارثی وقاضی دینی ، وفى روایة الطبری عن ابن جبیر وابن عباس فأیكم یوازرنی على هذا الامر على أن یكون أخی ووصیی وخلیفتی فیكم ، فأحجم القوم . وفى روایة أبی بكر الشیرازی عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ، وفى مسند العشرة وفضایل الصحابة عن أحمد باسناده عن ربیعة بن ناجذ عن علی ( ع ) : فأیكم یبایعنی عن أن یكون أخی وصاحبی فلم یقم إلیه أحد وكان علی أصغر القوم یقول انا فقال فی الثالثة أجل وضرب بیده على ید أمیر المؤمنین . وفى تفسیر الخركوشی عن ابن عباس وابن جبیر وأبی مالك وفى تفسیر الثعلبی عن البراء بن عازب فقال علی وهو أصغر القوم : انا یا رسول الله ، فقال : أنت ، فلذلك كان وصیه ، قالوا فقام القوم وهم یقولون لأبی طالب : أطع ابنك فقد امر علیك وفى تاریخ الطبری : فأحجم القوم فقال علی : انا یا نبی الله أكون وزیرك علیه ، فأخذ برقبته ثم قال : هذا أخی ووصی وخلیفتی فیكم فاسمعوا له وأطیعوا ، قال : فقام القوم یضحكون فیقولون لأبی طالب : قد امرك ان تسمع لابنك وتطیع . وفى روایة الحرث بن نوفل وأبی رافع وعباد بن عبد الله الأسدی عن علی فقلت : انا یا رسول الله قال : أنت وأدنانی إلیه وتفل فی فی فقاموا یتضاحكون ویقولون : بئس ما حبا ابن عمه إذا اتبعه وصدقه[4].

وفی هذه الواقعة قال صلى الله علیه وآله: «انَّ هذا اخی، وَوَصِیّی وَ وَزیری وَخَلیفَتی فیكُم فَاسْمَعُوا لَهُ وَاطیعُوا»[5].

بهذا بلغ النبی صلى الله علیه وآله للجمیع خلافة  على علیه السّلام للجمیع فی هذه الواقعة و بعد ذلك فی مرّات عدیدة أخرى و بنحو أشد صراحة، أبرزها ما أنزل إلیه من ربّه فی حجة الوداع من الأمر المؤكد بقوله تعالى :

یا أیها النبی بلغ ما أنزل إلیك من ربّك فإن لم تفعل ما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ)[6]

.فبلغ ذلك الجمع الغفیر خلافة و نصّبه أمیر المؤمنین رسمیا.[7]

 

 

 

 

 

[1] ( 2) اهل البیت، ص 227 و 228.

[2] ( 1) اهل البیت، ص 228.

[3] ( 2) سوره شعرا، آیه 214.

[4] . مناقب ابن شهر اشوب1: 305ـ306.

[5] ( 1) شرح الاخبار، ج 2، ص 250.

[6] ( 3) سوره مائده، آیه 67.

[7] ( 1) راجع:  الكتب و جوامع الحدیث وكتب  تفسیر الشیعه و اهل السنّة و كتابی العبقات و الغدیر.

 

 


المصدر: كتاب رمضان در تاریخ ؛ ص118 ـ ص

الثلاثاء / 28 مايو / 2019