لقد أوفدت جمعیة رابطة العالم الإسلامی ممثّلین وهیئات إلى البلدان الإسلامیة، وهذا عمل كبیر، وكلّما كان الوفد أوسع فكراً وأبعد نظراً وأكثر تجنّباً للعصبیات المذهبیة، وأعرف بواقع العالم الإسلامی ومشاكله، وأكثر إخلاصاً، كانت ثمراته أكثر ومنافعـه أوفر، وبالعكس تماماً لو كان الوفد غیر خبیر، ومتحیِّزاً لفئة دون غیرها، ناظراً إلى العالم الإسلامی وجماهیره بمنظار مذهبه الشخصی ورأیه السیاسی، غیر عابئ بالمسائل العامّة الّتی اتّفقت علیها آراء جمیع الفرق فإنّه لا یعود إلّا بالضرر والفشل والتنازع المنهیّ عنه فی الكتاب العزیز.
ولكن هذا المانع أصبح ضعیفاً فی عصـرنا هذا بفضل المصلحین، وانبثق فجر جدید فی تاریخ المسلمین، لا یفكّر فیه المسلم ـ الشیعی أو السنّی ـ بكیفیة الوقوف بوجه أخیه، بل أصبح على العكس من ذلك، یفكّر بكیفیة القیام إلى جنبه أو ورائه؛ لعونه ونصرته ومؤازرته.
قال رئیس الوفد فی الصفحة (15): ولم نعرف أثراً لضـریح الخلیفة هارون الرشید الّذی دوّى اسمه فی الآفاق، ونال من الشهرة حظّاً لم ینله ملك من ملوك المسلمین أو ملوك الشرق، والّذی قال لقطعة سحاب مرّت على رأسه: امطری حیث شئت فسیأتینی خراجك.
هذه المصائب لم تُصب إیران وحدها، بل تعانی منها جمیع البلاد الإسلامیة، وأنتم غافلون أو متغافلون عنها، وتصبّون اهتمامكم فی المآخذ الّتی تورث الشحناء والبغضاء والضعف والتفرقة، لماذا لا تحملون هذه الخلافات على المحامل الصحیحة وعلى اجتهاد من یقول به؟