شنبه: 8/ارد/1403 (السبت: 18/شوال/1445)

ردّ مقالة المحقّق الخراسانی+

ثم إنّه قد ظهر ممّا اخترناه ضعف ما أفاد المحقّق الخراسانی+ من عدم استحقاق

 

العبد للذمّ واللوم من جهة وجود الصفة الكامنة، وأنّ الموجب لذلك والسبب لاستحقاق العقاب لیس إلّا الجری على طبقها والعمل على وفقها وجزمه وعزمه علیه مع بقاء الفعل المتجرّئ به والمنقاد به على ما هو علیه من الحسن أو القبح.([1])

وجه الضعف: أنّ الصفات الكامنة فی النفس سواءٌ رجعت إلى سوء السـریرة وخبث الباطن أو غلبة الشهوة وطغیان الغضب وغیرهما، أم رجعت إلى الصفات الحسنة، کلّها قوّةٌ محضةٌ، ووصولها إلى الفعلیة یحتاج إلى الحركة الّتی هی عبارة عن الخروج من القوّة إلى الفعل، فإذا تهیّأت فی عبدٍ موجبات خروج سوء سریرته وحركة خبث باطنه من القوّة إلى الفعلیة كان الطغیان على المولى عنده محبوباً، فیعزم على ذلك ویجزم حتى إذا أراده تنتهی حركتها وسیرها إلى منتهاها، فما لم تصل إلى منتهاها، ومَنَعها العبد عن سیرها كان منعها عنه فی مرتبة وصولها إلى حدّ الحبّ والعزم أو الجزم لم یكن مستحقّاً للذمّ ولم یجز تقبیحه وتوبیخه عقلاً، أمّا بعد وصولها إلى منتهى سیرها وفعلیّتها یصیر الفعل قبیحاً لانطباق عنوان الطغیان علیه، ویستحقّ الذمّ واللوم من جهة أنّه فعل فعلاً یكون له نحو ارتباطٍ بالمولى وجهة انتسابٍ إلیه، بها یكون هذا الفعل قبیحاً وإن لم تكن مفسدته وقبحه ذاتیة إلّا فی صورة إصابة قطعه، فالملاك لاستحقاق اللوم والذمّ والعقاب لیس إلّا من جهة كون انتساب فعله إلى المولى قبیحاً. وهذا الملاك كما هو موجودٌ فی المعصیة الحقیقیة، كذلك هو موجودٌ فی الفعل المتجرّئ به أیضاً. وأمّا القبح الّذی یكون فیه لا من هذه الجهة بل من جهة نفس ذاته فهو على حاله ولا یمكن إزالته، ولیس مناطاً لاستحقاق الذم والعقاب، ولا یمكن رفع أثره بالتوبة.

 

 

([1]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص11.

موضوع: 
نويسنده: