جمعه: 7/ارد/1403 (الجمعة: 17/شوال/1445)

التنبیه الأوّل: اعتبار فعلیّة الیقین والشكّ فی الاستصحاب

المعتبر فی الاستصحاب فعلیّة الشكّ والیقین، فلا یجری فی حقّ الغافل، فمن أحدث وغفل ولم یحدث له شكّ فی بقاء حدثه وصلّى لا یجری استصحاب الحدث فی حقّه بشكّه بعد الصلاة فی أنّه تطهّر قبل الصلاة أم صلّى محدثاً بل یحكم بصحّة صلاته لقاعدة الفراغ. بخلاف من أحدث والتفت وشكّ فی الطهارة فإنّ الاستصحاب یجری فی حقّه، فإن لم یتطهّر وغفل وصلّى یحكم ببطلان صلاته.

نعم، یمكن إجراء الكلام فیما إذا شكّ فی الطهارة وبنى على الحدث بحكم الاستصحاب وغفل عن كونه محدثاً وصلّى ثم بعد الصلاة شكّ فی أنّه تطهّر وصلّى أم صلّى مع الحدث، فهل فی هذه الصورة تجری قاعدة الفراغ كالصورة الاُولى، لأنّه لا فرق فی الغفلة عن الحدث بین ما إذا كان معلوماً بالوجدان أو بالأصل؟ أو أنّ المسألة تبتنی على تحقیق مورد قاعدة الیقین؟ فالكلام فیه یقع فی مقامین:

المقام الأوّل: فی أنّ قاعدة الفراغ هل تختصّ بما إذا حدث الشكّ بعد الفراغ من العمل ولم یكن مسبوقاً بالشكّ قبل العمل، أو تعمّ ما إذا كان مسبوقاً بالشكّ قبل العمل وإن غفل عنه حین العمل؟

حكى المقرّر الفاضل عن السیّد الاُستاذ: أنّه لا إطلاق لروایات باب قاعدة الفراغ

 

تشمل الصورة الثانیة، بل تكون ظاهرة فی الشكّ الحادث بعد العمل مثل قوله×: «كلّما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكّراً فامض فیه» فإنّ قوله×: «فذكرته تذكّراً» ظاهر فی حدوث الشكّ بعد العمل. ووجه ذلك الظهور أیضاً القرینة المغروسة فی أذهان أهل العرف من أنّ من عمل عملاً إنّما یعمله جامعاً لأجزائه وشرائطه فلا یترك شیئاً منه إلّا لعروض غفلة، ومع الشكّ والتردید لا یتمشّى منه العمل، وإذا حصل له الشكّ بعد العمل لا یعتنی به، وهذه قرینة مانعة عن الإطلاق.([1])

أقول: فیه: أنّ فی الحدث الثابت بالأصل أیضاً إذا غفل عنه یحكم بكون العمل واقعاً جامعاً للشرائط لمغروسیة ما ذكر فی الأذهان.

المقام الثانی: فی أنّه على فرض شمول أدلّة القاعدة ما إذا كان منشأ الشكّ سابقاً على العمل، هل یجری الاستصحاب فی حقّ من أحدث ثم شكّ فی رفعه وغفل وصلّى ثم شكّ بعد الصلاة فی صحّتها باعتبار الشكّ السابق على الصلاة، أو تجری فی حقّه قاعدة الفراغ؟

قد أفاد السیّد الاُستاذ+: أنّ حكومة القاعدة على الاستصحاب إنّما تكون إذا كان مجراه بعد العمل باعتبار الشكّ الطارئ بعده. وأمّا إذا كان مجراه الشكّ السابق على العمل فیجری الاستصحاب دون القاعدة، لأنّ مجراها بعد العمل.

وبالجملة: فی الشكّ الحادث بعد الفراغ إذا لم یكن مسبّباً من الشكّ السابق على العمل فقاعدة الفراغ هی الحاكمة على الاستصحاب فلا یجری استصحاب الحدث بالنسبة إلى الصلاة. بخلاف الشكّ السابق، فإنّه مجرى الاستصحاب ولا تجری فیه القاعدة.([2])

 

ولكن بعد ذلك یمكن أن یقال: إذا كان منشأ القاعدة الارتكاز المذكور فالغفلة عن الحدث المعلوم بالأصل أولى بجریان القاعدة فیه من الغفلة عن الحدث المعلوم بالوجدان.

وبعبارة اُخرى: الغفلة عن الحدث المشكوك فیه ـ وإن كان مجری الأصل ـ أولى بإجراء القاعدة فیه وعدم الاعتناء به من الحدث المعلوم بالوجدان. اللّهمّ إلّا أن یكون ذلك بالتعبّد المحض. والله هو العالم.

 

([1]). الحجّتی البروجردی، الحاشیة علی کفایة الاُصول، ج2، ص383.

([2]) الحجّتی البروجردی، الحاشیة علی کفایة الاُصول، ص383.

موضوع: 
نويسنده: