جمعه: 7/ارد/1403 (الجمعة: 17/شوال/1445)

تعلّق الخمس بمال الإجارة و اُجرة الحجّ

مسألة 52: الظاهر أنّه لا إشكال فی تعلّق الخمس بمال الإجارة، سواء كان متعلّقها الأعیان أو نفس الموجر؛ وذلك لأنّه استفادة واكتساب. فاستثناء ما یأخذه الأجیر من اُجرة الحجّ لا یجوز إلّا بالدلیل المخصّص للعمومات والإطلاقات. وهنا روایة رواها الكلینی+([1]) عن محمد بن الحسین([2]) وعلیّ بن محمد([3]) عن سهل بن زیاد([4]) عن علیّ بن مهزیار([5]) قال: «كتبت إلیه: یا سیدی، رجل دُفع إلیه مال یحجّ به، هل علیه فی ذلك المال ـ حین یصیر إلیه ـ الخمس، أو على ما فضل فی یده بعد الحجّ؟ فكتب×: لیس علیه الخمس».([6]) وحملها صاحب الوسائل على ما یأخذ الأجیر من اُجرة الحجّ.

والمراد منها احتمالان:

 

أحدهما: أنّه دفع إلیه بعنوان البذل وصرفه فی الحجّ، والظاهر أنّه لیس فیه الخمس، لأنّه لا یملكه كسائر الأموال، بل یجب علیه صرفه فی الحجّ، وإن زاد منه شیء على مصارفه یجب علیه ردّ ما زاد الباذل، إلّا أن یكون هنا قرینة على هبته له فحكمه حكم الهبة، فتكون الروایة دلیلاً على عدم الخمس فی خصوصها، فیخصّص به ما دلّ على ثبوت الحكم فی مطلق الهبات.

ثانیهما: أن یكون دفع المال إلیه للإیجار وأداء اُجرة عمل الأجیر، وعلیه أیضاً فالسؤال واقع عن أنّ الخمس یثبت فی المال المدفوع إلیه قبل أداء الحجّ، أو على ما فضل فی یده بعد الحجّ، وعلیه تدلّ الروایة على استثناء ما یستفیده بإیجاره الحجّ.

وبعبارة اُخرى: مدلولها أنّه لا خمس فی اُجرة الحجّ، سواء زاد على مصارفه أم لا. وكیف كان فالروایة تدلّ على الاستثناء: إمّا من الهدیة، أو من الاُجرة.

ودعوى بعض المعاصرین أنّه ناظر إلى جهة الوجوب الفعلیّ، وأنّه لیس علیه فعلا الخمس،([7]) خلاف الظاهر، ویوهم أنّه یجب علیه خمس الجمیع بعد ذلك.

فالصحیح فی الرّد على الاستدلال بهذه الروایة على استثناء فضل ما دفع إلیه بعد الحجّ: أنّ مدلوله مردّد بین اُجرة الحجّ وبین البذل للحجّ، فلا  یثبت به ما یخصّص العموم؛ لإجمال المخصّص المنفصل، فالمرجع هو عموم العامّ فی الهدیة بالنسبة إلى البذل وفی الإجارة، فیجب التخمیس فیهما.

ثم إنّه یمكن أن یقال ـ كما أشار إلیه بعض شركاء البحث ـ إنّ دفع المال إلى

 

الشخص لأن یحجّ به أعمّ من كونه من باب البذل أو الإجارة، ولم یعیّن السائل أنّه من أیّ الوجهین، وكأنّه كان للمسؤول عنه السؤال عن ذلك إن كان كلّ منهما مختصّاً بحكم دون الآخر، وحیث لم یسأل عن ذلك وترك الاستفصال وأجاب یُفهم منه وحدة حكمهما. فعلى هذا نقول: إنّ الحدیث یدلّ على عدم الخمس فی المال المدفوع للحجّ، سواء كان بالبذل أو الإجارة، والله هو العالم.

 

([1]) من الطبقة التاسعة.

([2]) من الثامنة، ویظهر من أسانید الكافی أنّه محمد بن الحسن الطائی الرازی.

([3]) الكلینی من التاسعة.

([4]) من السابعة.

([5]) من كبار السابعة.

([6]) الکافی، ج1، ص547؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب11، ح1، ج6، ص354.

([7]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص221.

موضوع: 
نويسنده: